عون يبرئ حزب الله من انفجار بيروت.. ويأس دولي من الإصلاحات

الرئيس اللبناني ميشال عون

في الوقت الذي تراجعت فيه وتيرة التظاهرات الشعبية في لبنان، عقب استقالة الحكومة، بفعل تداعيات الانفجار المروع في مرفأ بيروت، تتقلص أيضا الآمال الدولية في إقدام الساسة في لبنان على إجراء إصلاحات عميقة وجذرية، لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية والسياسية الخانقة.

 

وكشف مسؤول كبير بالأمم المتحدة، أمس الاثنين أن تحذيرات المسؤولين الغربيين حول الحاجة إلى إصلاحات في لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت هذا الشهر لاقت في الغالب ردودا مخيبة للآمال من جانب القادة السياسيين في البلاد.

 

وقال يان كوبيش المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان في تغريدة على تويتر: "بقلق شديد، ناقش سفراء مجموعة الدعم الدولية اليوم الأزمة الشاملة المتفاقمة التي يمر بها لبنان"، مشيرا إلى أنه جرى نقل تحذيرات شديدة إلى السلطات والقادة السياسيين وكانت ردودهم في كثير من الأحيان مخيبة للآمال.

 

وتابع كوبيش: "توقعات المجتمع الدولي معروفة جيدا - فبدون إصلاحات عاجلة تتطلب دعما سياسيا واسعا لن يتمكن لبنان من الاعتماد على أي إنقاذ".

 

وتضم مجموعة الدعم الدولية للبنان كلا من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وقال مسؤولون أمريكيون وفرنسيون زاروا المدينة بعد الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس وأودى بحياة 178 شخصا إنهم أوضحوا أنهم لن يزودوا لبنان بشريان حياة مالي ما لم يعالج قادته مظاهر الفساد وسوء الإدارة.

 

وأدى الانفجار، الذي وقع في المرفأ نتيجة تخزين مواد شديدة الانفجار بشكل غير آمن على مدار سنوات، إلى إصابة ستة آلاف وتشريد 300 ألف آخرين، ودمر أحياء كاملة من المدينة. ومددت حكومة تصريف الأعمال الحالية في لبنان أمس الاثنين حالة الطوارئ في العاصمة بيروت حتى 18 سبتمبر المقبل.

 

ويرى محللون أنه بعد الانفجار الذي دمر المرفأ، وهو شريان تجارة لا غنى عنه للبلاد، فإن احتياجات لبنان للتمويل الخارجي تضخمت لتتجاوز 30 مليار دولار بدلا من 24 مليارا.

 

واستقالت الحكومة وسط تجدد الاحتجاجات ضد السياسيين الذين يديرون البلاد، والذين يلقى باللائمة عليهم في أزمة مالية كانت موجودة حتى قبل وقوع الانفجار، وهي التي اجتاحت العملة وشهدت تجميد البنوك لمدخرات المودعين وأدت إلى ارتفاع حاد في معدلات البطالة.

 

ولم تحقق الحكومة المستقيلة، التي تولت السلطة في يناير بدعم من جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحلفائها، تقدما في المحادثات مع صندوق النقد الدولي التي بدأت بعد تخلف لبنان عن سداد دينه بالعملات الأجنبية. ومن المحتمل ظهور تعقيدات في تشكيل حكومة جديدة بسبب الانقسامات بين الفصائل التي يشهدها النظام الطائفي لتقاسم السلطة في هذا البلد.

 

وفيما تستمر التحقيقات لمعرفة أسباب انفجار مرفأ بيروت، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن فرضية أن يكون الانفجار نجم عن انفجار مستودع لأسلحة جماعة حزب الله "مستحيلة" لكن التحقيق سيشمل كل الاحتمالات.

 

وقال عون، حليف الجماعة الشيعية المدعومة من إيران، في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية نُشرت اليوم الثلاثاء إن الجماعة لم تكن تخزن أسلحة في المرفأ وهو ما أشار إليه حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في وقت سابق هذا الشهر.

 

وردا على سؤال عن تلك الفرضية التي يروج لها البعض، قال عون "مستحيل، لكن الأحداث الجسام كتلك الحادثة تشحذ الروح والخيال".

 

ونفى نصر الله اتهامات بأن الجماعة المدججة بالسلاح كانت تخزن أسلحة في مرفأ بيروت. وقال إن حزب الله سينتظر نتائج التحقيق لكن إذا اتضح أن الانفجار كان عملا تخريبيا أقدمت عليه إسرائيل فإنها "ستدفع ثمنا عادلا". وتنفي إسرائيل أي ضلوع لها في الانفجار.

 

وقال عون إن التحقيق يتحرى ما إذا كان الانفجار نجم عن إهمال أم حادث أم "تدخل خارجي". وأضاف للصحيفة الإيطالية "على الرغم من أنه يبدو كحادث لكنني أريد أن أتحاشى اتهامي بعدم الاستماع إلى جميع الأصوات".

 

وقال إن كثيرين تحدثوا عن رؤية طائرات تمرق في السماء فوق المرفأ قبل الانفجار مباشرة، وعلى الرغم من أن هذا الحديث "لا يعول عليه كثيرا" فإنه يجب الاستماع له.

 

وفي 4 أغسطس الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 178 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل، بخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية.

 

وتعهد المجتمع الدولي بتقديم مساعدة عاجلة بقيمة أكثر من 250 مليون دولار، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، على أن تسلّم إلى الشعب اللبناني والجمعيات غير الحكومية مباشرة، في مؤشر إضافي على انعدام الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية ومؤسساتها.

 

ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، بعد أن حلت منذ 11 فبراير الماضي، محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في 29 أكتوبر الماضي.

 

ويزيد انفجار المرفأ من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، من تداعيات أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، وكذلك من استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.

 

ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.

مقالات متعلقة