في الوقت الذي شهدت فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي احتجاجات متواصلة لأسابيع على خلفية فشل حكومة بنيامين نتنياهو في التعامل مع جائحة كورونا، وهو ما كبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة، فإن الإمارات جعلت من تعاونها مع الاحتلال لمواجهة الفيروس أولوية على أجندة مجالات التطبيع المشتركة، وهو ما يعده مراقبون مجرد مناورة لإخفاء الوجه الحقيقي للتطبيع، والذي يرتكز على تعاون أمني واستخباراتي عميق بين الجانبين، تمتد جذوره لسنوات عديدة.
وأوردت وكالة أنباء الإمارات الرسمية اليوم الأربعاء أن شركة جي 42 للرعاية الصحية بأبوظبي وقعت اتفاقا مبدئيا مع نانوسينت الإسرائيلية لتطوير وتوزيع وتصنيع اختبار يكشف عن كوفيد-19 من خلال فحص الروائح.
وتشكل مذكرة التفاهم الحلقة الأحدث في سلسلة اتفاقات بين شركات إماراتية وإسرائيلية فيما يتعلق بمواجهة الجائحة، وهو الشيء الذي قال كلا البلدين إنه أولوية في بيان مشترك الخميس الماضي لدى إعلانهما عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية. وقالت الوكالة إن الاختبار، والذي يحمل اسم سينتشيك، سيقدم نتائج في غضون 30 إلى 60 ثانية، مضيفة أن جي 42 ستجري خلال الأسابيع القادمة آلاف الاختبارات للجهاز.
وقالت الوكالة "يتميز الجهاز غير الجراحي بقدرته على تقديم النتائج بسرعة، مما يسهم في تحقيق تحول كبير في قطاع التشخيص على مستوى العالم". وأضاف البيان أن الجهاز يلتقط هواء الزفير ويحلل "المركبات العضوية المتطايرة" الموجودة باستخدام التعلم الآلي.
ويوم السبت الماضي، وقعت شركة أبيكس الوطنية للاستثمار الإماراتية على "اتفاق تجاري استراتيجي" مع مجموعة تيرا الإسرائيلية للتعاون في مجال الأبحاث والتطوير المرتبط بفيروس كورونا، بما في ذلك إنتاج جهاز للاختبار. كما أعلنت شركة بلوريستم الإسرائيلية يوم الاثنين أنها ستشترك مع مركز أبو ظبي للخلايا الجذعية في سبيل تطوير علاجات لأمراض منها كوفيد-19.
وقبل اتفاق التطبيع، أعلنت شركتان إسرائيليتان مملوكتان للدولة متخصصتان في تعاقدات الدفاع في يوليو الماضي عن شراكات مع جي 42 لتطوير تكنولوجيات للمساعدة في مواجهة الجائحة.
يأتي ذلك، فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد هو من يقود الاتصالات الأمنية مع تل أبيب، وهو من سيبحث معها مسائل التعاون الأمني وأمور أمنية أخرى.
وأشارت إلى أن طحنون وهو شقيق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قد التقى أمس رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) يوسي كوهين الذي يزور الإمارات حاليا لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق التطبيع بين البلدين.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن طحنون هو من قاد الاتصالات مع الإدارة الأمريكية بشأن حصول الإمارات على مقاتلات "إف-35".
وعين طحنون نائبا لمستشار الأمن الوطني بتاريخ 18 مارس 2013، وساهم في الإشراف على العديد من العمليات الأمنية بينها الحرب في اليمن، قبل أن يتم تعيينه مستشارا للأمن القومي في فبراير 2016.
وفي وقت سابق الأربعاء، جدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو نفيه أن يكون وافق "سرا أو علنا" على بيع واشنطن الـ "إف- 35" إلى الإمارات، بعد موجة من ردود الأفعال المعارضة في "إسرائيل"، المطالبة بالحفاظ على "التفوق الجوي" الإسرائيلي.
وكانت وثيقة أمنية إسرائيلية قد كشفت أمس الثلاثاء، أن اتفاق تل أبيب وأبوظبي على التطبيع يمهد لتكثيف التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر.
والوثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية وتحدد مجالات التعاون المحتمل مع الإمارات، بحسب هيئة البث الرسمية.
وتنص الوثيقة على أن اتفاق التطبيع يسهل من خطوات تشكيل تحالف عسكري بين دول الخليج، وكذلك تكثيف التعاون بشأن أمن البحر الأحمر.
وكانت الولايات المتحدة ودولة الاحتلال والإمارات، قد أعلنت الخميس الماضي، الاتفاق على تطبيع كامل للعلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب، في خطوة هي الأولى لعاصمة خليجية.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تتوج سنوات من التعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات السرية بين الإمارات و"إسرائيل".
وبذلك ستصبح الإمارات ثالث دولة عربية ترتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام، بعد الأردن عام 1994، ومصر في 1979.
ومن المتوقع أن يعقد الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض مراسم توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وانتقد الفلسطينيون بشدة الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، وقالت السلطة الفلسطينية إنه ينسف مبادرة السلام العربية، وقرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية، ويشكل عدواناً على الشعب الفلسطيني، وتفريطاً بالحقوق الفلسطينية والمقدسات.
ووصفت السلطة الفلسطينية الاتفاق الإماراتي بأنه "خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية"، واعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبرة أنه "لا يحق لدولة الإمارات أو أية جهة أخرى، التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطيني".
وأصدرت منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية والعديد من المجالس الوطنية والمؤسسات والكتاب والفنانين والمنظمات الأهلية والمجالس الإسلامية والمسيحية بيانات شجب واستنكار للاتفاق، ونظم فلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة مظاهرات ومسيرات للتعبير عن رفضهم للخطوة الإماراتية.
كما اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يوم الاثنين الإمارات باستغلال القضية الفلسطينية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وقال في بداية اجتماع الحكومة الأسبوعي في رام الله "إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل بقميص عثمان الفلسطيني مرفوض أيضا وإن موضوع الضم وتجميده جاء بسبب صلابة الموقف الفلسطيني وليس لسبب آخر".