تطبيع السعودية وإسرائيل.. ترامب يقرع الأبواب رغم تحفظ الرياض

ترامب مع ولي العهد السعودي

 

فتح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الباب مجددا أمام تكهنات متزايدة بإمكانية إقدام السعودية على إبرام اتفاق للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، على غرار الاتفاق الذي وقعته حليفتها المقربة، الإمارات، الخميس الماضي، حيث توقع ترامب الراغب في تحقيق انجاز سياسي لتعزيز فرص فوزه بفترة رئاسية ثانية، انضمام الرياض لاتفاق أبو ظبي وتل أبيب.

 

وردا على سؤال في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض عما إذا كان يتوقع انضمام المملكة إلى الاتفاق، أجاب ترامب "نعم أتوقع ذلك". ووصف ترامب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بأنه اتفاق جيد، وقال "هناك دول لن تخطر حتى ببالكم تريد الانضمام إلى ذلك الاتفاق"، لكنه لم يذكر دولا أخرى بالاسم غير السعودية.

 

وفي مقابل توقعات ترامب، أكد وزير الخارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، أمس الأربعاء، إن المملكة لا تزال ملتزمة بدعمها مبادرة السلام العربية مؤكدًا أنّ بلاده تدعم الجهود التي تؤدي إلى الاستقرار في المنطق.، وذلك في أول تصريح رسمي منذ الإعلان عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.

 

وقال بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني هايكو ماس، في برلين: "تعتبر المملكة أي إجراءات أحادية إسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية تقوض حل الدولتين". وأشار الوزير السعودي إلى أن المملكة عندما دعمت مبادرة السلام في 2002 كانت لديها رؤية بأن تكون هناك علاقات بين جميع الدول العربية وإسرائيل، ومن ضمنها السعودية.

 

وشدد على أن الإجراءات الأحادية كضم أراضٍ فلسطينية أو بناء مستوطنات هي عمل غير قانوني، ويشكل خطراً على مسار التوصل إلى حل سلام شامل.

 

ونقلت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية عن بن فرحان قوله: "إن السعودية تؤكد التزامها بالسلام خياراً استراتيجياً واستناده على مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية"، مضيفًا أنه "حين يتحقق ذلك، تصبح كل الأمور ممكنة"، وذلك في إشارة للتطبيع مع إسرائيل.

 

ورعت السعودية مبادرة لحل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني أطلقت عام 2002 تدعو فيها إسرائيل إلى الانسحاب من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 مقابل السلام والتطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية.

 

وكان جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اعتبر في تصريحات يوم الإثنين الماضي أإن فجوة الأجيال في السعودية تعرقل إبرام اتفاق تطبيع بين المملكة وإسرائيل.

 

جاء ذلك في مقابلة أجراها كوشنر مع شركة النشر الأمريكية McClatchy التي يقع مقرها في كاليفورنيا. ويسعى كوشنر للتوصل إلى اتفاقيات أخرى بين إسرائيل ودول إسلامية أمثال عمان والبحرين والسودان وإندونيسيا. وسيكون الاتفاق المحتمل بين إسرائيل والسعودية الأكثر رمزية وفقًا للموقع الأمريكي لا سيما وأن المملكة تحتضن الحرمين الشريفين.

 

وذكر خبراء أن إسرائيل يجب أن تقدم المزيد من التنازلات إذا أرادت التطبيع مع الرياض لا سيما في ظل النهج الداعم لفلسطين الذي يتبناه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

 

وقال سيمون هندرسون، خبير الشأن السعودي بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: "الملك سلمان داعم جدا للموقف الفلسطيني حيث ترى المملكة نفسها مركزا للعالم الإسلامي ولا يرغب الملك في إلحاق الخطورة بتلك المكانة".

 

وبالمقابل، فإن كوشنر يرتبط بعلاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وأردف كوشنر: "أؤمن أن العلاقات مهمة لأنها تسمح لك بإجراء مناقشات حرة وواسعة النطاق وإجراء عصف ذهني مشترك حول موضوعات غير اعتيادية مع ضمان خصوصيتها".

 

وواصل: "وفقا لذلك، فإن الدول سوف تفعل فقط الأمور التي تصب في مصلحتها". ورأى كوشنر أن "فجوة الاجيال" على صعيد المجتمع والقيادة في المملكة السعودية تمثل تحديا فريدا في المفاوضات مع الرياض.

 

وفسر ذلك قائلا: "كل اتفاق يختلف عن الآخر، لكن الحقيقة أن الجيل الأقدم ما زال ينظر إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال منظور عفا عليه الزمن ولا يملك دافعا قويا لتغيير التفكير التقليدي الذي أصبح متأصلا بشكل غير صحي". واستدرك صهر ترامب: "الجيل الأصغر ينظر بموضوعية أكبر حيث يهتمون أكثر بالفرص الاقتصادية التي يستطيعون تحقيقها لأنفسهم ولبلدهم".

 

وفي إشارة إلى خطوة محتملة على طريق التطبيع مع السعودية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين الماضي، تسيير رحلات جوية إلى الإمارات عبر أجواء السعودية. وقال نتنياهو في تغريدة له: "نعمل حالياً على السماح بتسيير رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى دبي وأبوظبي عبر الأجواء السعودية".

 

وأضاف: "هذا سيغير وجه الاقتصاد الإسرائيلي، ونتوقع حجماً هائلاً من الاستثمارات والسياحة من الطرفين"، مشيراً إلى أن "الإماراتيين معنيون جداً بالقيام باستثمارات ضخمة في إسرائيل".

 

وفي ذات السياق تداول مغردون خرائط نشرها تطبيق "فلايت رادار 24" المعني بمتابعة حركة الطيران يظهر طائرة مدنية انطلقت من "تل أبيب" إلى دبي عبر الأجواء السعودية.

 

والإمارات هي أول دولة خليجية تطبع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، في خطوة "صادمة"، جاءت في أعقاب مؤشرات تقارب في السنوات الأخيرة شملت استقبال فرق رياضية إسرائيلية والسماح لوزراء بالتحدث في مؤتمرات والتجول في الدولة الثرية بغرض السياحة.

 

وانتقد الفلسطينيون بشدة الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، وقالت السلطة الفلسطينية إنه ينسف مبادرة السلام العربية، وقرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية، ويشكل عدواناً على الشعب الفلسطيني، وتفريطاً بالحقوق الفلسطينية والمقدسات.

مقالات متعلقة