طالبت فرنسا، قادة لبنان بعدم استخدام انفجار بيروت الذي خلف خسائر بشرية ومادية هائلة، ذريعةً لإخفاء حقيقة أن البلاد على حافة الهاوية، داعية جميع المسؤوليين إلى والمضي قدما في إصلاحات جوهرية وعدم التنصل من مسؤولياتهم.
جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان اليوم الثلاثاء، في مرسيليا قبل أن تتجه شحنة تزن 2500 طن من المساعدات إلى لبنان، بحسب "رويترز".
وأفاد لو دريان، بأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيعود قريبا إلى بيروت ليكرر رسالة مفادها أنه ينبغي للمسؤولين اللبنانيين عدم التنصل من مسؤولياتهم والمضي قدما في إصلاحات جوهرية.
وفي 13 أغسطس الجاري، وافق مجلس القضاء الأعلى اللبناني، على تعيين قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة، فادي صوان، محققا عدليا في "جريمة" انفجار المرفأ.
وكان خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان قد طالبوا بإجراء تحقيق مستقل وسريع في الانفجار، معربين عن قلقهم من ثقافة "الإفلات من العقاب" السائدة لبنان. ودعوا في خطوة نادرة، مجلس حقوق الإنسان إلى عقد اجتماع خاص في سبتمبرللنظر في هذه الكارثة.
وبحسب خبراء من المتوقع أن يعطي تعيين صوان على رأس المجلس العدلي، دفعا للتحقيقات التي تجريها السلطات، بعدما رفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار.
ويشارك محققون أجانب بينهم فرنسيون في عمليات جمع الأدلة، كما أعلنت واشنطن أن فريقا من مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) انضم إلى المحققين المحليين والدوليين.
وينظر المجلس العدلي في الجرائم الكبرى، التي تتعرض لأمن الدولة وتهدد السلم الأهلي. وتعتبر أحكامه مبرمة وغير قابلة لأي من طرق المراجعة.
وفي 4 أغسطس الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 178 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، إلى جانب دمار مادي هائل، بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية.
ووقع الانفجار، بحسب تقديرات رسمية أولية، في عنبر 12، الذي قالت السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، كانت مُصادرة ومُخزنة منذ عام 2014.
وكان المجتمع الدولي قد تعهّد بتقديم مساعدة عاجلة بقيمة أكثر من 250 مليون دولار، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، على أن تسلّم إلى الشعب اللبناني والجمعيات غير الحكومية مباشرة، في مؤشر إضافي على انعدام الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية ومؤسساتها.
ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، في 10 أغسطس، بعد أن حلت منذ 11 فبراير الماضي، محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في 29 أكتوبر الماضي.
ومنذ الانفجار، شهد لبنان احتجاجات تتهم السلطة الحاكمة بالفساد وانعدام الكفاءة، وتطالب باستقالة كل من رئيس الجمهورية، ميشال عون، وأعضاء مجلس النواب ، برئاسة نبيه بري.
ويزيد انفجار المرفأ من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، من تداعيات أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، وكذلك من استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.