في خطوة لافتة لتجاوز الانقسام الذي يشق الصف الفلسطيني منذ سنوات طويلة، ترأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الخميس، اجتماعا للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالتزامن عبر «الفيديو كونفرنس»، بين رام الله وبيروت، لبحث الخطوة الإماراتية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويهدف الاجتماع للتوصل إلى آليات لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ومناقشة وحدة الموقف السياسي والنضالي والتنظيمي في هذه المرحلة الصعبة، إلى جانب التمسك بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وطالب عباس، في كلمته خلال الاجتماع، الدول العربية بالالتزام بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال عباس إن على الدول العربية إعادة التأكيد على التزامها بمبادرة السلام العربية ورفض التطبيع المجاني.
وشدد على أن القضية الفلسطينية تواجه "مرحلة شديدة الخطورة ومؤامرات ومخاطر شتى"، مجددا التأكيد على أن القرار الفلسطيني "حق خالص لنا وحدنا ولا يمكن أن نقبل بالحديث باسمنا".
وردا على إعلان الإمارات أن إسرائيل وافقت على وقف مخطط ضم الضفة في إطار صفقة تطبيع العلاقات، أكد عباس أن الشعب الفلسطيني "هو من أوقف مخطط الضم وأفشل صفقة القرن" الأمريكية، مؤكدا رفضه خطوة دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وتابع عباس قائلا: "متمسكون بالشرعية الدولية وبمبادرة السلام العربية ومستعدون لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة ولن نقبل بالولايات المتحدة وسيطا وحيدا للمفاوضات".
من جانبه، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إلى استعادة الوحدة الوطنية وبناء برنامج سياسي ينهي العلاقة مع اتفاقية أوسلو، الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
وقال هنية في كلمته خلال الاجتماع إنه "يجب إعادة ترتيب البيت الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية وبناء برنامج سياسي ينهي العلاقة مع أوسلو".
وأضاف: "نمر بمرحلة تحمل مخاطر غير مسبوقة وتهديدا استراتيجيا لقضيتنا الفلسطينية والمنطقة"، محذرا من وجود "تهديد ثلاثي يحاول ضرب التاريخ وتغيير الجغرافيا، يتمثل في: صفقة القرن وخطة الضم والتطبيع مع إسرائيل من قبل بعض الدول العربية”.
وأكد هنية من أن "صفقة القرن تهدف لبناء تحالف إقليمي يسمح للكيان الصهيوني باختراق الإقليم والمنطقة العربية عبر التطبيع". واعتبر أن الولايات المتحدة "تحاول إعادة ترتيب مصفوفة الأعداء والأصدقاء، حيث تصبح إسرائيل صديقة لدول المنطقة وجارة، وتصبح بعض دول المنطقة وفصائل المقاومة عدوة للمنطقة".
وشدد رئيس المكتب السياسي لحماس على أن "عملية التطبيع هي استخفاف بشعب يقاتل منذ عشرات السنين".
بدوره أكد زياد النخالة، الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية للتصدي للمخاطر التي يواجهها الشعب الفلسطيني وقضيته.
ودعا النخالة، في كلمته، إلى إعادة بناء منظمة التحرير لتصبح الإطار الوطني الذي يمثل كل قوى الشعب الفلسطيني. وأضاف أن "تحليق راية العدو فوق مكة المكرمة والمدينة المنورة لتحط في الإمارات، مشهد حزين وذليل لأمة تملك كل المقومات التاريخية والحضارية".
من جانبه، أوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن الهدف الأساسي للاجتماع هو البدء بخطوات مهمة على طريق تجسيد الوحدة لإسقاط مؤامرة الضم والأبرتهايد والاستيطان وتهويد القدس.
وأضاف أن الاجتماع سيرسل كذلك رسالة قوية وواضحة للجميع بالحفاظ على الأسس التي تؤدي لقيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، والتمسك بمبادرة السلام العربية لإسقاط التطبيع المجاني.
وفي سياق متصل، قال مسؤول رفيع المستوى للقناة الإسرائيلية الرسمية أمس، إنه من المتوقع أن تعلن البحرين عن تطبيع العلاقات الرسمية مع إسرائيل قريبا جدا.
ونقلت القناة عن هذا المسؤول الرفيع، الذي لم تكشف عن هويته، إن التقديرات تشير إلى أن "الإعلان البحريني سيكون مباشرة بعد توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات في واشنطن"، في 13 سبتمبر الحالي، موضحا أن الولايات المتحدة معنية بتوقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل قبل رأس السنة اليهودية التي تبدأ في 18 سبتمبر الحالي.
وتخالف التوقعات الإسرائيلية إعلان البحرين بشكل رسمي تمسكها بمبادرة السلام العربية. وأكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قبل نحو أسبوع، التزام بلاده بمبادرة السلام العربية، التي تنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة مقابل تطبيع العلاقات.
وفي 13 أغسطس الجاري، أعلنت "إسرائيل" والإمارات التوصل إلى اتفاق للتطبيع الكامل بينهما برعاية أمريكية، وهو الإعلان الذي لحقته خطوات متسارعة لتوقيع اتفاقات تعاون بين الجانبين في أكثر من مجال.
ويأتي إعلان اتفاق التطبيع بين "تل أبيب" وأبوظبي تتويجاً لسلسلة طويلة من التعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات بينهما.
ويعتبر هذا الاتفاق هو الأول بين إسرائيل ودولة عربية بعد اتفاقات السلام الموقعة مع مصر والأردن والفلسطينيين.
وانتقد الفلسطينيون الاتفاق بشدة، وقالت السلطة الفلسطينية إنه ينسف مبادرة السلام العربية، وقرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية، ويشكل عدواناً على الشعب الفلسطيني، وتفريطاً بالحقوق الفلسطينية والمقدسات.
ووصفت السلطة الفلسطينية الاتفاق الإماراتي بأنه "خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية"، واعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبرة أنه "لا يحق لدولة الإمارات أو أية جهة أخرى، التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطيني".