قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدأ رحلة إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي بها درجة عالية من المغامرة وتصدرت العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام، الأمر الذي أثار مزاعم بأن فرنسا تسعى لإعادة تنشيط "سياتها العربية" التي كانت قوية في يوم ما.
جاء هذا في تقرير نشرته الصحيفة على موقعها الإليكتروني تحت عنوان:" بإبهار الجمهور: ما الذي يريده ماكرون في الشرق الأوسط؟".
واستهلت الصحيفة التقرير بالإشارة إلى وصول ماكرون إلى بيروت مساء الاثنين الماضي، في زيارة هي الثانية منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت الهائل في الرابع من أغسطس الماضي.
وقالت الصحيفة إن ماكرون في رحلته الثانية خلال شهر عقب الانفجار الضخم الذي قتل 190 شخصا ودمر نصف المدينة، انتزع وعدا من الطبقة السياسة اللبنانية التي فقدت مصداقيتها، بإجراء إصلاحات سريعة وإلا سيواجهون قطع التمويل أو يواجهون عقوبات.
وفور وصوله غرد ماكرون عبر حسابه على "تويتر" باللغة العربية، قائلا: "أقول للبنانيين إنكم كأخوة للفرنسيين. وكما وعدتكم، فها أنا أعود إلى بيروت لاستعراض المستجدّات بشأن المساعدات الطارئة وللعمل سوياً على تهيئة الظروف اللازمة لإعادة الإعمار والاستقرار".
ولزيارة ماكرون، وفق الرئاسة الفرنسية "هدف واضح وهو ممارسة الضغط حتى تتوفّر الشروط لتشكيل حكومة بمهمة محددة قادرة على الاضطلاع بإعادة الإعمار والإصلاح"، مع ضمان أن يلتزم المجتمع الدولي بدعم لبنان الذي نضبت موارده ويشهد أسوأ أزماته الاقتصادية.
وبينما يرحب الكثيرون بمبادرته، يرى البعض في ذلك محاولة لتعزيز النفوذ الفرنسي في لبنان وحتى تحسين صورته، خاصة بعد انخفاض مستوى شعبيته منذ أزمة السترات الصفراء في فرنسا.
وعقب زيارة لبنان، قام ماكرون برحلة خاطفة إلى العراق استغرقت 3 ساعات، حث فيها قيادات الدولة التي دمرتها الحرب على التأكيد على "سيادتها" في مواجهة التوترات الأمريكية الإيرانية، والتدخل التركي المتزايد.
هذه الزيارات المتعاقبة دفعت صحفة ليبراسيون الفرنسية إلى أن تخط هذا العنوان الرئيسي "ماكرون ينطلق في طريق سياسة فرنسا العربية".
وعلق عليها مارك سيمو المراسل الدبلوماسي لصحيفة "لوموند" بقوله: في حين أن استراتيجيته المتمثلة في "حيلة السياسة الخارجية"، جذبت اهتمام الرأي العام، إلا أنها لم تحقق الكثير.
في رحلته الأولى إلى بيروت في أغسطس الماضي، استقبل ماكرون استقبال الأبطال حيث وقع 60 ألف شخص على عريضة تطالب بإعادة لبنان إلى السيطرة الاستعمارية الفرنسية، وهو الدور الذي تخلت عنه فرنسا في عام 1943.
وكان الزعيم الفرنسي شارل ديجول أول من تبنى إقامة علاقات خاصة مع الدول العربية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط بعد حرب استقلال الجزائر، وذلك لإحداث توازن في مقابل ثقل ألمانيا في أوروبا ومحور عبر الأطلنطي لبريطانيا وأمريكا.
ومن بعده، تبنى الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك إقامة علاقات وثيقة مع قادة الدول العربية، مثل صدام حسين وأغضب أمريكا بمعارضته لحرب العراق 2003.
وكان الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي منخرطا بعمق في هذه العلاقات خلافا لخليفته فرانسوا هولاند.
النص الأصلي