اخفقت الجامعة العربية، خلال اجتماعها اليوم الأربعاء، على مستوى وزراء الخارجية، في إقرار مشروع قرار فلسطيني ينص على التنديد باتفاق التطبيع الذي توصلت إليه الإمارات مع الكيان الصهيوني، برعاية أمريكية، في منتصف أغسطس الماضي.
وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي للصحفيين "تم حوار جاد وشامل حول مشروع قدمته فلسطين، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، حول الإعلان الثلاثي وأخذت مناقشة الأمر بعض الوقت، ولكن لم يؤد النقاش في النهاية إلى التوافق حول مشروع القرار المقدم من فلسطين".
من جانبه كشف مهند العكلوك السفير المناوب لفلسطين في جامعة الدول العربية لوكالة رويترز تفاصيل ما جرى خلال الاجتماع، قائلا: "كان في إصرار من جانبنا على نقطة واحدة فقط. وأضاف "سعوا جاهدين على مدار ساعتين من النقاش أن يسقطوا هذه النقطة. معالي الوزير (الخارجية الفلسطيني) رفض إسقاطها وقال في عندكم حلين: إما تعليق الاجتماع لساعات أو أيام حتى نتوافق عليها وإما بتسقطوا البند من جدول الاعمال. وعندما رفضوا التعليق سقط البند من جدول الاعمال".
وخففت القيادة الفلسطينية، خلال اجتماع اليوم، من انتقادها للإمارات، وأطلق وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أوصافا على الاتفاق من قبيل "المفاجأة" و"التطبيع" و"الزلزال" الذي أصاب الإجماع العربي. لكنه تجنب استخدام تعبيرات قوية على غرار "الخيانة" التي استخدمها الزعماء الفلسطينيون في أعقاب الإعلان مباشرة.
وأعرب المالكي عن استيائه لغياب الإجماع العربي الذي منع انعقاد قمة طارئة بناء على طلب الفلسطينيين عقب إعلان 13 أغسطس 2020. ودعا إلى الرفض الفوري لاتفاق التطبيع قبل حفل التوقيع المقرر في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
في المقابل، استخدم المالكي لهجة أشد حدة وصرامة إزاء إسرائيل عندما أشار إلى "الاحتلال الاستعماري العنصري" واتهم الولايات المتحدة بممارسة الابتزاز والضغط على الفلسطينيين وعلى دول عربية.
واتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل هو أول اتفاق من نوعه بين دولة عربية وإسرائيل منذ أكثر من 20 عاما. واستاء الفلسطينيون من الخطوة الإماراتية كونها تضعف الموقف العربي القائم منذ فترة طويلة ويدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة وقبول الدولة الفلسطينية مقابل علاقات طبيعية مع الدول العربية.
من جانبه أكد وزير الخارجية السعودي تأييد بلاده لجميع الجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حدود عام 1967.
وقال الأمير فيصل بن فرحان على تويتر "تؤكد المملكة على وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم جميع الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
ورغم التوقعات بانضمام الرياض لقطار التطبيع، إلا أن المملكة أعلنت تمسكها بمبادرة السلام العربية، التي تربط إقامة علاقات مع إسرائيل بالتوصل لاتفاق سلام شامل، يتضمن إقامة دولة فلسطينية، وانسحاب الاحتلال من الأراضي العربية المحتلة عام 1967.
وفي الثالث عشر من أغسطس الماضي ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس أن الإمارات وإسرائيل توصلتا إلى "اتفاق تاريخي" يسمح للبلدين بتطبيع العلاقات بينهما. ويعتبر هذا الاتفاق هو الأول بين إسرائيل ودولة عربية بعد اتفاقات السلام الموقعة مع مصر والأردن والفلسطينيين.
وصدر بيان مشترك عن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والإمارات تحدث عن "إنجاز دبلوماسي" واتفاق "على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة".
وأعلن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة على "تويتر" أن بلاده اتفقت مع إسرائيل على "وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا إلى علاقات ثنائية".
وجاء إعلان اتفاق التطبيع بين "تل أبيب" وأبوظبي تتويجاً لسلسلة طويلة من التعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات بينهما، في حين قوبل الاتفاق بتنديد فلسطيني واسع من القيادة وفصائل بارزة.
وبذلك باتت الإمارات أول دولة خليجية تبرم معاهدة سلام مع إسرائيل، لكنها الثالثة عربياً بعد اتفاقية مصر عام 1979، والأردن عام 1994.
وأبدى مسئولون أمريكيون وإسرائيليون ثقة كبيرة في إقدام دول عربية أخرى على تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.
ووصفت السلطة الفلسطينية الاتفاق الإماراتي بأنه "خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية"، واعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبرة أنه "لا يحق لدولة الإمارات أو أية جهة أخرى، التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطيني".