عاش طوال سنواته الدراسية متفوقًا، وحينما جاء موعد امتحانات الثانوية العامة فوجئ بذاك الفيروس يقتحم جسده دون استئذان، فأضحى من بين المعزولين منزليًا على مستوى الجمهورية، ظن بهذا حينها أنه يفعل الصواب كونه التزم بالتعليمات، وبالفعل دخل ما فاته من امتحانات في الدور الثاني إلا أن الصدمة كانت في انتظاره...
بدأت القصة التي دارت تفاصيلها في مركز الباجور بمحافظة المنوفية باستغاثة أطلقتها الأم عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك خلال الساعات القليلة الماضية جاء نصها: "ابني ثانوية عامة اصيب بكورونا قبل امتحانه مباشرة ومدخلش العربي والإنجليزي، وتم تأجيلهم للدور التاني علي أمل ياخد الدرجة كاملة حسب قرار وزير التعليم، ابني اخد درجة النجاح فقط زي بتوع الملاحق علمًا بإن مجموعه في باقي المواد اللي امتحنها دور أول ٩٦٪، يعني طالب متفوق كان بين الحياة والموت، ورغم ما تُسببه الكورونا من عدم تركيز وعدم اتزان والتعب البدني والنفسي، مجموع ابني ينزل لـ ٧٩٪ لييييه بعد نتيجة المادتين المؤجلين اللي اخد فيهم درجة النجاح فقط بعد كل الانتظار والتأخير والذل يتظلم كده..حق توفيق لازم يرجع"..
تواصلت "مصر العربية" مع ووالدة الطالب توفيق خالد، وتُدعى إسراء الحنفي، تعمل خبير قضائي بنيابة الأحداث في المنوفية، لتروي لنا تفاصيل حرمان ابنها من تحقيق حلمه في الالتحاق بطب أسنان نتيجة التزامه بالتعليمات بعد اصابته بكورونا.
تروى الأم القصة لـ "مصر العربية" قائلة: فوجئنا يوم 12 يونيو بإصابة نجلي بفيروس كورونا، وكان أول امتحان يوم 22 من الشهر ذاته، وقتها كان لا يزال ابني في فترة العزل المنزلي، ولم يتمكن من حضور أول امتحانين لمادتي اتللغة العربية والانجليزية، نظرًا لظروف مرضه وحرصًا منا على عدم انتقال العدوى لآخرين، ، فضلًا عن أن وزير التربية والتعليم سبق وأوضح أن من يتعرض لهذا الموقف سيدخل امتحان دور ثاني في المواد التي فاتته وسيحصل على درجته كاملة، وهو ما لم يحدث مع ابني، رغم إعلامنا جميع الجهات المنوطة بالأمر حينها كي احفظ حق ابني.
وتابعت: فبعد انتهاء مارثون الثانوية العامة جاءت النتيجة لمجموع الامتحانات التي دخلها ابني عدا مادتي الـ عربي والانجليزى 96%، وانتظر ابني موعد امتحان الدور الثاني ودخل وكله يقين أنه سيحصل على دراجته كاملة ولن يعامل معاملة الراسبين في المواد التي فاتته، مثلما أكد الوزير في كلمته للحالات التي سيمنعها كورونا من حضور الامتحان،
"انتظرنا نتيجة الدور الثاني وكانت المفاجأة والصدمة في انتظارنا"؛ بتلك العبارة استكملت الأم حديثها قائلة: فوجئنا بمنح ابني درجة النجاح فقط في كل من مادتي اللغة العربية والانجليزية، كما لو كان راسبًا ودخل الدور الثاني للإعادة، وهو ما ترتب عليه أن مجموعه صار 79%، بعدما كان 96% في الامتحانات التي سبق وانتهى منها في الدور الأول.
حالة من الضيق والصدمة والانهيار تملكت ذاك الطالب الذي كان يسهر حتى الصباح طوال العام يستذكر دروسه أملًا في الالتحاق بكلية طب الأسنان، أو اي كلية عسكرية، ليفاجئ بحلمه يتلاشى أمام عينيه ليس لشئ أو لتقصير منه ولكن ضريبة لالتزامه بالبقاء في المنزل أثناء مرضه -هكذا عبرت الأم عن ما شعر به ابنها وهي ايضًا-.
واستكملت: الآن ضاع من ابني حلم الالتحاق باي كلية عسكرية نظرًا لأن أبواب التقدم اغلقت، الأمر ذاته بالنسبة لكلية طب الأسنان، فهل هذا جزاء عدم ذاهبه لامتحاني اللغة العربية والانجليزية حرصًا على صحة من حوله، وهل يعقل أن يكون مجموعه في المواد التي قام بأدائها في الدور الأول 96% ، ويكون عدم حصوله على درجته كاملة والتعامل معه كما لو كان راسبًا في مادتي اللغة الانجليزية والعربية سببًا في تحول مسار مجموعة لـ 79%، بعد خسارته 65 درجة كاملة في المادتين المؤجلتين نظرًا لمنحه درجة النجاح فقط، لم يعد متاحًا الآن سوى المنح بعدما اوصدت جميع الكليات أبوابها، ولم يعد لابني مكان، ألا تروا أنه يستحق تلك المنحة بعد كل ما مر به من ظلم وضياعوقت وألم نفسي وبدني ايضًا.
لم يكن يكن ألم كورونا وقلقه من تأجيل مادتين خلال مارثون الثانوية العامة هو فقط ما كان يؤرق هذا الطالب، فبعد اصابته بكورونا انتقلت العدوى لأمه ووالده أيضًا، أما أخوته الصغار فاصطحبهم جده لبيته حتى لا تنتقل العدوى إليهم.
فكان "توفيق" يقوم بدور الطالب والممرض ايضًا طيلة فترة امتحاناته، فما بين المذاكرة والاهتمام بوالديه كان يقضي وقته، فضلًا عن أنه لم يتمكن من حضور مراجعات ليلة الامتحان مثل زملاءه -حسبما روت لنا الأم قائلة-: "المدرس اتصل بابني وقاله متجيش المراجعة لأن زمايلك خايفين ليتعدوا لو جيت رغم انه كان خف وقتها بس متخيلة حجم الألم النفسي اللي كان بيمر به ابني ورغم كل ده جاب مجموع 96% في الامتحانات اللي دخلها".
أخبرتنا الأم أنها تواصلت مع وزير التربية والتعليم الذي وعدها بالنظر في مشكلة نجلها، ولكن مر الوقت دون فعل شئ وهو ما دفعها للجوء بالكتابة على صفحتها على الفيسبوك عل مشكلة ابنها تجد حلًا سريعًا وعاجلًا خاصًة وأن العام الدراسي أوشك على الاقتراب، حيث اختتمت الأم قائلة: "ألا يستحق ابني منحة لانقاذ مستقبله خاصًة وأنه متفوق طوال سنوات دراسته بشهادة اساتذته.. فهل هذا ضريبة خوفنا على الآخرين من الاصابة؟".