في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1969 رحل عن عالمنا الزعيم جمال عبد الناصر، ورغم مرور نحو 50 عاما إلا أن المصريين ما زالوا يحرصون على إحياء تلك الذكرى، بداية من رئيس الجمهورية الذي أناب وزير الدفاع لوضع إكليل من الزهور على قبر الزعيم الراحل، وصولا إلى عشرات المواطنين البسطاء الذين توافدوا على الضريح.
وتوافد عشرات من المواطنون على ضريح عبد الناصر، اليوم الإثنين، لوضع الزهور على قبره وفاء بما قدمه للبلاد في السنوات التي تولى فيها الحكم، كما حضر أبناء عبد الناصر "عبد الحميد وعبد الحكيم" إلى الضريح لإحياء ذكرى والدهم ومشاركة وزير الدفاع وضع إكليل الزهور على قبره.
ووضع وزير الدفاع إكليل من الزهور على ضريح عبد الناصر وقرأ الفاتحة ترحما على روحه الطاهرة، مشيدا بما قدمه من جهود وطنية مخلصة لدعم مسيرة البناء الاقتصادى والاجتماعى والقومى، ومساندة شعوب الإنسانية فى تطلعاتها نحو الحرية والاستقلال والتقدم.
وأكد وزير الدفاع أن التاريخ المصرى يزخر بما حققته ثورة يوليو المجيدة من انجازات حمل لواءها عبدالناصر مع طلائع القوات المسلحة وأيدته جموع الشعب المصرى، فى حركة مباركة مستهدفة الخلاص من الاستعمار والتبعية وبناء الجيش القوى القادر على حماية الوطن.
وأضاف أن شعب مصر العظيم وقياداته الوطنية الواعية تصنع اليوم حقبة جديدة من التاريخ بإرادة حرة، قادرة على مواصلة المسيرة الحضارية وبناء مجتمع آمن مستقر يشعر فيه المصريون بعزتهم وكرامتهم.
عزمي: عبد الناصر أشهر زعماء القرن الـ20
وفي سياق الحديث عن إحياء ذكرى وفاة عبد الناصر، عقد عدد من المثقفين والسياسيين مؤتمرا، اليوم الإثنين، بالمجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية، تحت عنوان "جمال عبد الناصر- إنجازات المشروع الوطني وتحديات المستقبل".
وافتتح المؤتمر الدكتور هشام عزمى، الأمين العام للمجلس، قائلا "إن عبد الناصر واحد من أبرز زعماء الأمة العربية وأخلصهم على مدى تاريخها، وزعامة نادرة تجاوز تأثيرها محيط دائرتها المحلية، ليكون له دورا لا يمكن إنكاره عربيا وإفريقيا ودوليا.
وقال عزمي، إن عبد الناصر يعد أشهر الزعماء العرب في القرن الـ20 وأكثرهم ارتباطا بالعروبة والقومية العربية، لافتا إلى أنه في مثل هذا اليوم رحل عبد الناصر بعد أن بذل جهدا مضنيا لرأب الصدع في جدار العلاقات العربية، ووهب حياته لتحقيق حلم القومية العربية.
وأضاف أنه مهما اختلفت الآراء حول عبد الناصر، إلا أنه كان علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، فقد عاش مناصرا للعروبة ومناهضا للاستعمار بكافة صوره وأشكاله، كما كان داعما للثورات العربية في ليبيا والجزائر واليمن والعراق.
وأشار عزمي إلى أن عبد الناصر كان له دور مهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وتأسيس حركة عدم الانحياز، فضلا عن تأميم قناة السويس وبناء السد العالي. وتابع :"برغم الآثار السلبية لنكسة 1967، وبعد أن جدد الشعب في 9 و10 يونيو الثقة فى قائده بعد خطاب التنحى، سرعان ما بدا الرجل فى إعادة بناء القوات المسلحة، ولعل معارك حرب الاستنزاف خير شاهد على الإصرار على إزالة آثار العدوان، وملحمة تدمير إيلات وعملية الحفار وغيرها عشرات من ملاحم البطولة وأساطير التضحية والفداء".
فايق:"السيسي حقق حلم عبد الناصر"
وقال الدكتور محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنه بعد 50 عاما على رحيل عبد الناصر، إلا أنه لا يزال الحوار والجدل حول الراحل، وهو ما اعتبره شأن الخالدين الذين أصبحوا جزءا من تاريخ الإنسانية، وأن عبد الناصر سيظل اسمه خالدا، فهو بطل التحرر من الاستعمار عربيا وأفريقيا وعالميا.
واستطرد أن القاهرة أصبحت في عهد عبد الناصر قاعدة التحرر لكل القارة الأفريقية، منوها إلى أنه حينما اندلعت ثورة يوليو كانت أفريقيا كلها تحت الاستعمار والاحتلال العسكري، ولم يكن هناك دول مستقلة بجانب مصر سوى دولتين هما ليبيريا وإثيوبيا. ولفت إلى أن مصر إبان عهد عبد الناصر شاركت في كافة معارك إفريقيا للتحرر من الاستعمار ومن نظام الفصل العنصرى، لافتا إلى أن عبد الناصر كان يقاوم العنصرية وسياسات التمييز والفصل العنصرى.
وأشار إلى أن الأفارقة يطلقون على عبد الناصر لقب "أسد إفريقيا"، موضحا أن القارة الأفريقية التي تضم 54 دولة مستقلة تشهد بدور عبد الناصر في تحرر أفريقيا من الاستعمار.
وتطرق فايق إلى السد العالي باعتباره أحد إنجازات عبد الناصر، وكيف يحمي مصر حتى الآن من خطر الفيضان العالي للنيل، والذي واجه مؤخرا السودان وخلف عشرات الوفيات، مشيرا إلى أن السد العالي يحمي مصر وشعبها من بوار الأراضي الزراعية عندما يأتي الفيضان أقل من المنسوب العادي.
وفي سياق متصل قال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، إن عبد الناصر رغم احتفالنا بالذكرة الخمسين على وفاته، إلا أنه لا يزال حيا، فهو لم يكن مجرد فرد بل كان حركة اجتماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة حياة ديمقراطية.
وأشار زهران، خلال كلمته بالمؤتمر، إلى أن جماهير الشعب المصري ارتبطت بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لأنه حقق الرخاء في مختلف المجالات والمشروعات، ويقدم كشف حساب كامل في عيد الثورة، كما أنه قاوم الاحتلال وساعد على تنمية البلاد وعدم جنوح أبناء مصر للتطرف، فضلا عن تأميم قناة السويس وتسليح الجيش.