يعتبر نصر السادس من أكتوبرعام 1973 مرحلةً فارقةً في التاريخ المصري المعاصر؛ لكونه أزال مرارة الهزيمة والانكسار فى 1967، وتحققت خلاله معجزة عسكرية بعبور خط بارليف المنيع باستخدام أساليب بسيطة.
وأصبحت ذكرى هذا النصر مناسبة رسمية لا يمكن لأي رئيس أن يتخلّف عنها دون أن يلقى خطابًا للجماهير، يذكر فيه المصريين بمعركة استرداد العزة والكرامة.
البداية مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى كان اهتمامه بعد عدوان يونيو 1967 ينصبّ على إنجاز مهمة واحدة هى إعداد الجيش وإعادة بناء القوات المسلحة لخوض حرب التحرير.
ووفقًا لمجلة الوعى العربي، لم يفكّر عبد الناصر لحظة فى تقديم أية تنازلات ورغم الرياح العاتية أعلن لاءات الخرطوم وأصر على تحرير الأرض بالقوة المسلحة، وكان على قناعة بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتخلى عن الكيان الصهيونى وستستمر فى دعمه فى مواجهة المطالب العربية المشروعة ولم يركز اهتمامه على ما ستسفر عنه أية اتصالات سرية أو علنية مع واشنطن لأنه أدرك سلفًا أن العدو لا يعرف غير لغة القوة.
وفى مقطع فيديو نارد له، تحدث الرئيس جمال عبد الناصر عن سيناء قائلا :" لو العملية سينا بس سهلة العملية مصيرنا مصير العرب علشان لو كنا عايزين نسترد سيناء ممكن بتنازلات بنقبل شروط امريكا وشروط إسرائيل نتخلى عن الالتزام العربى ونترك لإسرائيل اليد الطولى فى القدس والضفة الغربية واى بلد عربى ويحققوا حلمهم اللى اتكلموا فيه من النيل الى الفرات ونتخلى عن التزامنا العربى بندى هذه التنازلات بنقولهم يعدوا فى قنال السويس ويرفعوا علم إسرائيل فى قناة السويس و ويمشوا ويتركوا سينا".
في يوم 16 أكتوبر من عام 1973، ألقى الرئيس الراحل محمد أنور السادات خطاباً تاريخيًا أمام مجلس الشعب، أكد فيه أن القوات المسلحة المصرية، لم تعط الفرصة لتقاتل أو لتحارب دفاعا عن الوطن وشرفه وعن ترابها عام 1967، لم يهزمها عدوها ولكن أرهقتها الظروف التى لم تعطها الفرصة لتقاتل.
وذكر أنه شارك مع جمال عبد الناصر فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة، ثم شاءت الأقدار أن يتحمل مسؤولية استكمال البناء ومسؤولية القيادة العليا لها.
وأشار إلى أن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973.
وأكد أن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه .
وأضاف : "لقد كانت المخاطرة كبيرة والتضحيات عظيمة لمعركة 6 أكتوبر خلال الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة فقد العدو توازنه إلى هذه اللحظة وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فان الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وباسم هذا الشعب وبإسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة في قواتنا المسلحة ثقتنا فى قياداتها التى خططت وثقتنا فى شبابها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم".
وخلال الساعات القليلة الماضية، نشر علاء، نجل الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، فيديو لآخر ما قاله والده عن حرب أكتوبر، في ذكرى الانتصار المجيد والتي تحل اليوم.
وفى مقطع الفيديو تحدث الرئيس مبارك، خلال الخطاب الأخير له، عن انتصار أكتوبر في ذكراه الـ37، واصفًا إياه بأنه الانتصار الذي تجاوزت مصر من خلاله آلام النكسة ومرارة الهزيمة قائلًا: "استردت مصر بأرواح شهدائها ودماء أبطالها شرف الوطن وكبريائه ومحت عن سيناء بغير رجعة وصمة الاحتلال، ستبقى حرب أكتوبر نقطة تحول في تاريخنا المعاصر ورمزًا لشموخ مصر وعزتها وصلابتها".
الراحلون وإن طال الغيابُ بهِم باقون فى القلب ما غابوا ولا رحلوا.... اللهم اغفر لوالدي وارحمه واعف عنه واجعله من أهل الجنة يارب ????.... تحية تقدير واحترام لقواتنا المسلحة ولكل شهداء الوطن فى ذكرى انتصارات أكتوبر , حفظ الله مصر من كل سوء ???????? pic.twitter.com/os93EkXrh6
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) October 6, 2020
وفى عام 2012 ألقى الرئيس الراحل محمد مرسي خطابا طويل من استاد القاهرة فى ذكرى أكتوبر، حيث قاربت كلمته على ساعتين إلا ربع الساعة، وربما كان هذا لكون خطابه جماهيريا حضره عشرات الآلاف.
بدأ مرسي خطابه بالهتاف الشهير "ثوار أحرار هنكمل المشوار"، وتحدث الرئيس المعزول فى البداية عن النصر، وربَطَه بتكاتف الشعب مع الجيش، لكنه ركز في هذا القسم على أهمية وحدة المجتمع بكل مكوناته، وشدد على مفهوم تكاتف المصريين، في انعكاس واضح لحالة الانقسام السياسي التي كانت ملمحا لتلك المرحلة من حكمه، ثم انتقل للحديث عن الإنجازات الاقتصادية وشدد فيها على ترسيخ مواجهة الفساد بالقانون ورفض الإجراءات الاستثنائية، وختم خطابه بتفنيد ما يقال بحقه في وسائل الإعلام خاصة ما يتعلق بالجوانب المالية.
وفى كلمته التى ألقاها فى ذكر أكتوبر 2013، قال الرئيس السابق عدلي منصور، :" بَدأَ طَريقُنَا الحَقيقِىُ لِلنَّصرِ، حِينَ خُضْنَا حَرباً لِلاستنزَاف.. أكدت مصر من خلالها أن إرادتها لم ولن تنكسر .. وأن عدونا لن يتمكن من أن يروعنا أو يركعنا.. فَتَحطَّمَتْ أَوْهَامُهُ عَلَى صَخرةِ إِرادَتِنَا. وبِمثلِهَا أَيُّهَا الإِخوةُ والأَخَوَاتْ.. سَنُحَطِمُ أَوهَامَ كُلِّ مَنْ يَستَعدِى مِصْرَ شَعباً أَوْ يَتعَالَى عَليهَا وَطناً.
وتابع : "ِنتصرنَا حِينَ تَوجَهنَا لِلمُستقبلِ، وأَخَذْنَا بِأسبَابِهِ عِلْماً وعَمَلاً وتَضحيةْ.. اِنتصرنَا حِينَ تَسامَيْنَا عَلىَ ضِيق ِالمَوْردِ.. وأَحبطْنَا مُحاولاتِ تَحجيم ِقُدرَاتِنَا.. أو التَّحكُّم ِ فِى مُقَّدرَاتِنَا...اِنتصرنـَـا.. حِــينَ لـَـمْ تُعجزْنَــا شَماتَــةُ الحَاقِديــنَ أَوْ مَكائِدُهم.. ولَوْ كَانُوا مِنَّا أَوْ بَيننَا... اِنتصرْنَا حِينمَا عَرَفْنَا أَنَّ مَنْ كَانتْ قَضِيتُهُ عِزةَ الوَطن ِونُصرَتَهُ يَكونُ أَهلاً لِنُصْرَةِ اِللـَّـهْ".
وفى كلمته بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لانتصارات أكتوبر قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، :" لقد علمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا أيضًا أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها".
وأضاف أن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقةٍ، بل لم يقتصر آثارها على المدة الزمنية للحرب، وإنما امتدت لتنشر أشعة الأمل في كل ربوع مصر، وتبعث في نفوس المصريين جميعًا روحًا جديدةً تتسم بالإصرار والتحدي والقدرة على مواجهة الصعاب وتحقيق الإنجازات.
وتابع :" لا يخفى عليكم أن الأطماع في مصر لم تنته، وأن التهديدات وإن تغيرت طبيعتها، فإن خطورتها لم تقل وما حققته مصر خلال السنوات القليلة الماضية على طريق تحقيق الأمن وترسيخ الاستقرار لهو إنجازٌ يشهد به العالم لنا. فالحفاظ على أمن وطنٍ كبيرٍ بحجم مصر في منطقةٍ صعبةٍ وعالمٍ مضطربٍ لهو بلا شكٍ أمرٌ يستوجب منا التوقف أمامه باعتباره شاهدًا على تفرد وصلابة هذا الشعب وقدرة قواته المسلحة ومؤسسات دولته، لتنتقل مصر إلى نهج التنمية الشاملة المستدامة باعتباره الطريق نحو المستقبل اللائق بشعب مصر وأؤكد لكم، أن مستقبل الأوطان لا تصنعه الشعارات والمزايدات ومقدرات الشعوب لا يمكن أن تترك عرضةً للأوهام، والسياسات غير المحسوبة ونحن في مصر نجدد العهد على مواصلة العمل من أجل صون كرامة هذا الوطن والمضي قدمًا في طريق البناء والتنمية والتعمير والسلام".
واختتم حديثه قائلا: "ستبقى ذكرى نصر أكتوبر المجيدة عيدًا لكل المصريين؛ تخليدًا لقوة إرادتهم وصلابتهم، لكفاءة قواتهم المسلحة وقدرتها القتالية المتميزة والتي سطرت ملحمةً وطنيةً خالدةً في حفظ تراب هذا الوطن وحماية حدوده. وستبقى ذكرى شهدائنا الأبرار وبطولاتهم وتضحياتهم الغالية خالدة في وجدان مصر ودافعًا لنا لمزيد من العمل والتقدم لصنع المستقبل الذي يتطلع إليه شعبنا العظيم.