كشف زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، أنّه يعكف حاليًا على تشكيل فريق يضم مفكرين ومثقفين مصريين وعالميين، لتوقيع خطاب رسمي، وإرساله إلى ألمانيا بعيدًا عن وزارة السياحة والآثار، لمطالبتها بعودة رأس نفرتيتى الذي سرق وتمَّ تهريبه عام 1913، على يد "لودفيج بورشارت".
يعتبر تمثال رأس نفرتيتي أحد أشهر قطع فن النحت المصري القديم، وهو تمثال نصفي من الحجر الجيري الملكون، من أعمال الفنان المصري تحتمس، نحات الملك إخناتون، جرى اكتشاف هذا التمثال عام 1912 على يد عالم الآثار لودفيج بورشارت، فى تل العمارنة من قبل الشركة الشرقية الألمانية، مع العديد من التماثيل النصفية الأخرى لنفرتيتى.
وروى زاهي حواس فى تصريحات تليفزيونية له، كيف تمت سرقة تمثال نفرتيتي وتهريبه إلى ألمانيا، قائلا :"الحكاية بدأت فى 20 يناير 1913م، حيث عقد اجتماعًا بين لودفيج بورشارت وبين مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر لمناقشة تقسيم الاكتشافات الأثرية التى عثر عليها فى عام 1912م، بين ألمانيا ومصر، حيث كان تقسيم الاكتشافات وفقًا لقانون الآثار آنذاك "حصص متساوية" بين مصر وبعثة الحفر من خلال لجنة مشتركة يرأسها ممثل مصلحة الآثار عن الحكومة المصرية.
وتابع حواس: فى وقت التقسيم قال بورشارت مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر: أن التمثال مصنوع من الجبس، غير أنه مصنوع من الحجر الجيرى الجيد، وكان القانون المصرى يحظر خروج أى قطعة مصنوعة من الحجر الجيرى، لافتًا إلى أنه لم يكن إخفاء مادة الصنع هى الخدعة الوحيدة بل كان بورشارت قد أعد القسمة فى صندوقين منفصلين وعرض على لوفيفير مفتش آثار مصر الوسطى كشفين بالقائمتين مرفق بهما صور الآثار، وكانت أحدهما تتضمن التمثال النصفى لنفرتيتى، والأخرى تبدأ بلوحة ملونة لإخناتون وأسرته وهو تصور الزوجين الملكيين أخناتون ونفرتيتى مع ثلاثة من أولاده، وقد علم بورشارت أنها من الآثار المحببة لوفيفر، وأوضح له أن كل قائمة تتكامل ويفضل أن تحتفظ مل قائمة بمجموعتها، وبالتالى وقع اختيار لوفيفر على القائمة التى تحوى لوحة إخناتون وأسرته وآلت بعد ذلك إلى المتحف المصرى فى القاهرة.
وأشار عالم الآثار المصري فى تصريحاته إلى أنه بعد توقيع لوفيفر على القسمة تم اعتماد ذلك من مدير مصلحة الآثار آنذاك وهو جاستون ماسبيرو، وشحن بعدها مباشرة إلى برلين، ووصل التمثال إلى ألمانيا فى نفس العام 1913م، وقدمت إلى هنرى جيمس سيمون وهو فى الأصل تاجر خيول يهودى ثم عمل فى تجارة الآثار وكان الممول لحفائر بورشارت فى تل العمارنة، وغيره من القطع الأثرية التى عثر عليها فى حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.
وأكد حواس أنه تقدم فى عام 2010 بخطاب رسمى إلى ألمانيا عندما كان يشغل منصب أمين عام المجلس الآعلى للآثار، للمطالبة بإعادة رأس نفرتيتي للدولة المصرية، بعد الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وذكر أن خطابه هو أول خطاب رسمى يتم إرساله إلى برلين، حيث كان يوجد طلب من إحدى الحكومات المصرية فى القرن الماضى ولكنه لم يتم.
وأضاف أن الحكومة الألمانية أرسلت ردًا على خطابه مطالبين توقيعه من وزير الثقافة وقتها، لافيا إلى أنه فى الوقت الذى وصل الخطاب إليه أصبح وزيرا للآثار، ولكن الظروف التى مرت بمصر فى ذلك الوقت لم تعط له الفرصة بالتوقيع على الخطاب من جديد، بصفته الوزارية.
كانت مؤسسة التراث البروسي الثقافي -وهي مؤسسة حكومية تشرف على متاحف العاصمة برلين- ردت فى عام 2011 على طلب المجلس الأعلى للآثار المصرى، مؤكدة رفضها للطلب
وبرر رئيس المؤسسة الألمانية هيرمان باتسنجر موقفه في بيان رسمي أكد فيه أن نفرتيتي ستبقى سفيرة لمصر في برلين، مشيرا إلى أن الطلب المصري لم يحمل توقيع رئيس الوزراء أحمد نظيف كما تقتضي الأصول الرسمية.
فى المقابل رد المجلس الأعلى للآثار على الموقف الألماني بتأكيد أن الطلب المقدم تم إرساله إلى الجهات الألمانية المعنية بعد موافقة رئيس الوزراء عليه ووزير الثقافة فاروق حسني.