شينجيانغ «جنة الصين».. لماذا أصبحت حلبة للصراع الغربي؟

حجاج صينيون يستعدون للسفر للاراضي المقدسة بمكة

تحوَّلت منطقة شينجيانغ الواقعة شمال غرب الصين إلى حلبة صراع سياسي بين الصين من جانب والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية وأستراليا، في الآونة الأخيرة.

 

وأصدر مجلس النواب الأمريكي مرسومًا نهاية الشهر الماضي، بحظر استيراد القطن والطماطم، وبعض المنتجات التي تصنع في إقليم "شينجيانغ، حيث قالت واشنطن إنَّ بكين تجبر أفرادًا من أقلية الوغور المسلمة على العمل بالسخرة" مقابل الأكل والشرب وينص المرسوم، على "حظر جميع الواردات من شينجيانغ باستثناءات قليلة".

 

هناك دليل واضح ومقنِع لإدارات الجمارك الأمريكية على أنَّها ليست نتاج عمل قسري لكن جاء القرار الأمريكي مواكبًا للحملة التي يشنّها الرئيس الأمريكي ترامب منذ ٣ سنوات ضد الصين بسبب تحقيق الصين قفزة كبيرة في حركة التجارة الدولية، مع تنامي الرغبة في أن تكون الولايات المتحدة هي القوة العسكرية والاقتصادية الوحيدة المسيطرة على إدارة الشئون في أنحاء العالم.

 

في الوقت نفسه، شنَّت وسائل إعلام أمريكية وأوروبية وأسترالية هجومًا عنيفًا على الحكومة الصينية، بينما تحوّلت مواقع عربية إلى ناقل لما ينشر في تلك الوكالات وما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي، دون القدرة على التحقق مما ينشر في هذا الإقليم الذي يقع على مساحة نحو 1.6 مليون كم، ويسكنه نحو ٢٣ مليون مسلم إيجوري من أصل ٣٠ مليون نسمة من قبائل الإقليم من ذوي العرق التركي.

 

 

حجاج صينيون يستعدون للسفر للأراضي المقدسة بمكة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ونشر معهد أبحاث أسترالي أنَّ السلطات الصينية تقوم في إطار حملتها القمعية بعمليات تدمير كلية، وهي معلومات سارعت بكين إلى نفيها، مؤكدة أنّها مجرّد اتهامات للنَّيْل من الحكومة الصينية.

 

وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن السلطات الصينية دمرت بين عامي 2016 و2018 ما يقارب من 33 مقرًا دينيًا ومقابر وأضرحة ومعالم أثرية تعود لمئات السنين كما تجبر النساء في إقليم شينجيانغ على إجراء عمليات تعقيم لأنفسهن أو تزويدهن بوسائل تمنع الحمل في محاولة للحدّ من تعداد سكان الإيجور المسلمين.

 

كذللك ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن بكين أنشأت مراكز احتجاز تتسع لنحو مليون شخص من الإيجور وغيرهم من الأقليات المسلمة في شينجيانغ، بهدف محو هويتهم الدينية والعرقية، من خلال تدمير آلاف المساجد والمعالم الدينية التي تعود إليهم في الإقليم الذاتي الحكم.

 

وأنشأت وزارة الخارجية الأمريكية صفحة على الإنترنت حملت اسم "انتهاكات الحزب الشيوعي الصيني لحقوق الإنسان في شينجيانغ للكشف عما أسمته الانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في الأقليم بالحقائق والأرقام، وفي تغريدة نشرتها عبر صفحتها الرسمية على موقع تويتر، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورجان أورتاغوس "إن الولايات المتحدة ملتزمة بمحاربة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عالميًا".

 

 ونشر معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي مؤخرًا تقريرًا ذكر فيه أنَّ نحو16 ألف مسجد دمرت أو لحقت بها أضرار في شينجيانغ، معظمها منذ عام 2017.

 

مسجد عيد أغا بمدينة كاشجر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ويدعي تقرير المعهد أنَّ الحكومة الصينية بدأت حملة منظمة ومتعمدة لإعادة صياغة التراث الثقافي لمنطقة الإيجور ذاتية الحكم في شينجيانغ من أجل جعل تلك التقاليد الثقافية للسكان الأصليين تابعة للأمة الصينية.. وأضاف أنه إلى جانب الجهود القسرية الأخرى لإعادة صياغة الحياة الاجتماعية والثقافية للإيغور من خلال تغيير أو القضاء على لغتهم وموسيقاهم ومنازلهم، وحتى وجباتهم الغذائية، تمحو سياسات الحكومة الصينية وتغير بشكل فعال العناصر الرئيسية لتراثهم الثقافي الملموس.

 

أسرة إيغورية تتناول الإفطار

 

 

وبحسب وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية فإنَّ السلطات الصينية حظرت قبل أعوام كتبًا تعرف بثقافة وهوية الإيجور، واعتقلت الكتاب الذين يحاولون إظهار هذه الثقافة في مؤلفاتهم، ويتم سجن من يقوم بممارسة الشعائر الإسلامية وخاصة في شهر رمضان ومن يقوم بإظهار الثقافة الإيجورية مثل اللغة والموسيقى.

 

أثارت الحملة الأمريكية وغيرها كثيرًا من الاستفسارات التي أطلقها بعض الخبراء، حول أسباب اندلاعها الآن بهذه الطريقة الموسّعة، بعد أن هدأت حدتها منذ انطلاقها في نهاية العقد الماضي، وتساءل خبراء حول الدوافع وراء استخدام المسلمين كورقة للتناحر السياسي بين القوى الكبرى في وقت يتهم فيه الغرب المسلمين بالتطرف ويدعون أن الإسلام يشعل الإرهاب في العالم، وفي وقت منع مسلمون من الحصول على تأشيرة دخول غالبية هذه الدول تحت زعم احتمال حملهم أفكارًا متطرفة أو نهجهم سلوكًا إرهابيًا يهدد تلك الدول.

 

لم تقف السلطات الصينية موقف المتفرج على مشهد الاتهامات الكثيرة التي جاءت من كل حدب وصوب، وشنَّت على غير عادتها هجومًا كبيرًا على ما قاله المسئولون الأمريكيون وغيرهم من الباحثين ووكالات الأنباء، فالهجوم لم يعد قاصرًا على حدود الضرر الإعلامي والصورة النمطية التي تريد الصين أن تحتفظ بها في مخيلة العالم الاسلامي، كدولة نامية تعمل على مساعدة الدول على النهوض والتقدم الاقتصادي وكسر الاحتكار السياسي الذي تمارسه القوى الكبري في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، كما تعدى التنافس السياسي إلى حرب من نوع جديد، يستهدف زعزعة الاستقرار السياسي للدولة الصينية، وشن حرب اقتصادية على منتجات الدولة، بدأت برفع الرسوم التجارية على الصادرات الصينية للأسواق الأمريكية، وها هي تزداد حدة بممارسة الحظر التجاري الكامل تحت ستار سياسي، بهذه الادعاءات.

 

ولم تكتفِ الصين بسلسلة التصريحات التي أطلقتها حول الأوضاع المعيشية لأبناء الايجور في إقليم شينجيانغ وزير الخارجية الصينية، حيث نفت ما نشره المعهد البحثي أسترالي حول تدمير آلاف المساجد في منطقة شينجيانغ غربي الصين، وقالت إنه يوجد هناك أكثر من 24 ألف مسجد.

 

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي بأنه لا يعدو كونه شائعات مغرضة.

 

وقال وانغ، إن المعهد تلقى أموالًا من الخارج لدعم اختلاق وأكاذيب ضد الصين وأضاف: ننظر إلى الأرقام، فهناك أكثر من 24 ألف مسجد في شينجيانغ. وتابع: هذا يعني أن هناك مسجدًا لكل 530 مسلما في شينجيانغ، وعدد المساجد بالنسبة لعدد الأفراد يزيد بكثير على دول إسلامية كثيرة.

 

وحسب  وكالة رويترز للأنباء تنفي الصين إساءة معاملة الإيغور، وتقول إن هذه المعسكرات هي مراكز تدريب مهمتها ضرورية لمعاجلة التطرف.

 

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد اهتم منذ وصوله إلى سدة الحكم في بداية العقد الماضي بتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق في منطقة شينجيانغ، معترفا بحاجتها إلى التطوير الشامل أسوة بما قامت به الحكومة في مناطق الجنوب والشرق والمسماة بـ الساحل الذهبي.

 

ودعا في تصريحات خلال الندوة المركزية الثالثة المتعلقة بالسعي نحو بناء شينجيانغ تتسم بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد والتي أقيمت في العاصمة بكين على مدار يومين نهاية الشهر الماضي، إلى التطبيق الكامل والأمين لسياسات الحزب الشيوعي الصيني فيما يخص إدارة شينجيانغ للعصر الجديد.

 

وطالب شي بتطبيق الحوكمة القائمة على القانون وببذل الجهود طويلة الأجل لتنمية شينجيانغ كي تصبح منطقة متحدة ومتناغمة ومزدهرة ومتقدمة ثقافيا، مع وجود أنظمة إيكولوجية سليمة وحيث يعيش الناس ويعملون في حالة من الرضا.

 

 

وبحسب شي فإنه بفضل الجهود المضنية من جميع الأطراف منذ الندوة الثانية للحزب شيوعي في2014، تحقق تقدم رئيسي في العمل المتعلق بشينجيانغ، مستشهدا بسلسلة من المؤشرات الرئيسية التي شهدت تحسنًا ملحوظًا من 2014 إلى 2019 ، مثل قوة دفع اقتصادية سليمة بمتوسط سنوي للناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 7.2%، وتحسن مستويات معيشة الشعب بشكل ملحوظ بمتوسط نمو سنوي نسبته 9.1% فيما يخص الدخل المتاح للفرد، وانتشال أكثر من 2.92 مليون من أصل 3.09 مليون شخص من الفقر.

 

وقال شي، إن مثل هذا الوضع سليم حيث يعيش أبناء الشعب ويعملون في حالة من الرضا، وأرسى أساسًا صلبًا للسلام والاستقرار في شينجيانغ على المدى الطويل.

 

وتابع الرئيس الصيني قائلا، إنَّ الحقائق أوضحت بشكل كامل أن عمل الصين فيما يخص الشؤون القومية حقق نجاحًا، مشيرًا إلى أنَّ هذه الإنجازات هي نتيجة للقيادة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بجانب الجهود المتضافرة من الحزب ككل وجميع أبناء الشعب الصيني، شاملا أكثر من 25 مليونًا من أبناء مختلف المجموعات القومية في شينجيانغ.

 

وتثبت الحقائق أن سياسات الحزب بشأن شينجيانغ في العصر الجديد التي طورتها اللجنة المركزية للحزب منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب صحيحة تماما، ويجب الالتزام بها على أساس طويل الأجل.

 

 وطالب شي الحزب بأكمله بجعل تطبيق سياسات شينجيانغ في العصر الجديد مهمة سياسية، والحفاظ بشكل دائم على التوجه السياسي الصحيح للعمل المتعلق بشينجيانغ وأشار شي إلى أنه يجب رفع شعار سيادة القانون الاشتراكي عاليا للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي الدائم في شينجيانغ، ما يضمن تغطية مطلب الدفع الكامل للحوكمة القائمة على القانون في الصين لمجالات العمل المتعلق بشينجيانغ كافة.

 

وشدَّد الرئيس الصيني على بذل الجهود للتركيز على زيادة حس هوية الأمة الصينية من أجل الاستمرار في تعزيز الوحدة القومية.. وقال يتعين دمج التعليم بشأن حس الهوية الصينية في تعليم المسؤولين والأجيال الأصغر في شينجيانغ وكذلك التعليم الاجتماعي فيها، ما يساعد المسؤولين والجماهير العامة من جميع المجموعات القومية في تطوير الفهم الدقيق للبلاد والتاريخ والقومية والثقافة والدين، لإتاحة المجال أمام  الهوية الصينية للتجذر في الشعب، مشيرا إلى أن التنمية أساس هام للسلام والاستقرار الدائمين في شينجيانغ.

 

وأكد شي على ضرورة تعزيز الاستفادة من المميزات الجغرافية للمنطقة لتطوير شينجيانغ لتكون منطقة رئيسية في الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومحورا للانفتاح في المناطق الداخلية والحدودية كما حث على بذل الجهود لدعم أساس القطاع الصناعي في شينجيانغ وزيادة كفاءته، ودفع التحول الصناعي، والتحديث الصناعي، وتدعيم الحضرنة بشكل شامل في حين حماية البيئة. 

 

ودعا شي إلى ضمان الاستقرار: على الجبهات الست للتوظيف، والقطاع المالي، والتجارة الخارجية، والاستثمار الأجنبي، والاستثمار المحلي، والتوقعات، مع الحفاظ على الأمن في المجالات الستة للأمن الوظيفي، والحاجات المعيشية الأساسية، وعمليات كيانات السوق، والأمن الغذائي وأمن الطاقة، واستقرار سلاسل الصناعة، والإمداد، والأداء الطبيعي للحكومات على المستوى الأولي.

 

ودعا أيضا إلى بذل جهود متواصلة للقضاء على الفقر ودعم التوظيف في شينجيانغ وأشار شي إلى أن التطلع الأصلي للحزب ومهمته هما السعي نحو تحقيق سعادة الشعب الصيني، بجميع المجموعات القومية في شينجيانغ، وتجديد شباب الأمة الصينية، بجميع المجموعات القومية المتنوعة في شينجيانغ.

 

كما حث على بذل جهود متواصلة لتدعيم مجموعة من المسؤولين من الطراز الرفيع، من المجموعات القومية في شينجيانغ، المتسمين بالنزاهة والقدرة، قائلا إن المسؤولين في شينجيانغ جديرون بالثقة ولديهم القدرة على القيام بعملهم، مشددا على الأهمية الكبيرة للعمل المتعلق بشينجيانغ بالنسبة للحزب كله والدولة كلها.

 

حضر الاجتماع قادة صينيون بارزون آخرون، وترأس الندوة لي كه تشيانغ وكان لي تشان شو ووانغ هو، ونينغ وتشاو له جي، وهان تشنغ، من الحضور بينما تحدث وانغ يانغ مؤكدا بأن ما تتداوله وسائل الإعلام الغربية عن شينجيانغ لا أساس له من الصحة وبثت وكالة الأنباء الصينية شنخوا تقريرا بينت فيه أن منطقة شينجيانغ الويجورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين خلقت حوالي مليوني وظيفة جديدة لسكانها في الفترة بين عامي2014و2019.

 

وتقع شينجيانغ وفقا لوكالة شنخوا في شمال غربي الصين، ولأسباب تاريخية وبيئية، تخلفت لفترة طويلة عن أجزاء أخرى من البلاد من حيث التنمية، وبها عدد كبير من السكان الفقراء ومنذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012 ، ظلت شينجيانغ تنفذ بنشاط مشاريع التوظيف وتعزز التدريب المهني، وتوسع قنوات التوظيف وطاقته وفي الفترة من 2014 إلى 2019، ارتفع إجمالي عدد الأشخاص العاملين في شينجيانغ من 11.35 مليون شخص إلى 13.3 مليون شخص.

 

ووفقا للكتاب الأبيض حول حقوق التوظيف والعمل في شينجيانغ (نشره مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني في17سبتمبر الماضي) تم توظيف المزيد من العمال الريفيين في المدن بعد التدريب على المهارات، ويبلغ متوسط الزيادة السنوية في العمالة الحضرية أكثر من 471.2 ألف شخص، منهم 148 ألف شخص في جنوبي شينجيانغ، أي ما يعادل 31.4 بالمائة، وحتى الآن في عام 2020، خلقت شينجيانغ 50 ألف وظيفة في مناطقها الشرقية والشمالية، في محاولة لمساعدة 165.8 ألف شخص من المحافظات العشر الأخيرة المنكوبة بالفقر في جنوبي شينجيانغ.

 

مقالات متعلقة