لبنان.. الحكومة عالقة والاقتصاد يتدحرج نحو القاع

سعد الحريري وميشال عون

تواصل القوى السياسية في لبنان حروبها الكلامية المحتدمة حول تشكيل الحكومة الجديدة، بعد دعوة رئيس الجمهورية لإجراء استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس للحكومة الأسبوع المقبل، فيما يستمر الوضع الاقتصادي في التدهور، خاصة مع اتجاه البنك المركزي لرفع الدعم للحفاظ على ما تبقى من احتياطات مالية في خزائنه.

 

وأكد رئيس ​الحكومة​ الأسبق ​سعد الحريري​، أن "لا معطيات جديدة لديه بشأن ​تشكيل الحكومة​. لا أحد اليوم لديه معطيات وكل الفرقاء السياسيّين قالوا ما لديهم وعلينا تحكيم العقل أمام الانهيار الحاصل و​الثنائي الشيعي​ وضع متاريس من الصعب الرجوع عنها".

 

ولفت الحريري في مقابلة تليفزيونية مع قناة "أم تي في" إلى أنه "بعد سقوط المبادرة الفرنسية انكشف البلد على كل الاحتمالات الأمنية، وعدم الاستقرار وانهيار اقتصادي والعديد من الاشخاص يتكلمون على النظام"، معتبراً أن "الاحزاب السياسية ليست "ماشية" وأي ​دستور​ نضعه مع العقلية التي تسيطر على البلد لا يمكن أن تساعد على انجاح شيء"، موضحاً أن "البعض يستعمل فائض القوة لفرض معادلات على اللبنا​يين والشعب يرفضها"، لافتاً الى أن "​حزب الله​ و​حركة أمل​ كشفوا موقفهم من المبادرة الفرنسية ولكن الانهيار المالي الذي حصل كشف كل التيارات والقوى والاحزاب".

 

ورأى أن "في البلد مشروعين، الأول يحمله حزب الله و​حركة أمل​ مرتبط بالخارج، وهناك مشروع يريد أن يخرج البلد من ​الأزمة​ ويحرره من الأحزاب يشدد على أن المواطن اللبناني هو أولا. بالإضافة إلى مشاريع أخرى مع بعض المزايدين على أي فريق يحاول إيجاد حلول، وهم من أوصلونا الى هنا أي المزايدين ومنهم جزء من فريقي السابق و​14 آذار​"، مشددا على أن "الثنائي عطل المبادرة الفرنسية التي يمكن أن توقف الانهيار"، متسائلا: "هل ​وزارة المالية​ سبب كاف لإيقاف المبادرة الفرنسية التي ستعيد إعمار ​بيروت​؟".

 

وأشار الحريري الى أن "الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ تحدث في خطابه عن خطأ ثم قال أن الحريري أخذ قرار ثم صلحه بمبادرة شجاعة وأعرب عن تقديره لها ولكن في لبنان لم يأخذ إلا الجملة الأولى"، مضيفا: "عندما قدمت استقالتي قبل سنة، كنا في نفس المرحلة التي نحن فيها اليوم. وثم تمت دعوتي من قبل البعض إلى تشكيل الحكومة وعندها قلت لا يمكن إلا أن تكون حكومة أخصائيين، إلا أن رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​باسيل​ ورئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ ورئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" ​وليد جنبلاط​، لم يمشوا بتسمية سعد الحريري ولا أعرف الأسباب فلكل واحد منهم أجندة".

 

وأوضح أن  "الثنائي متمسك بالحريري من منطلق لعبة سياسية وفقط لتفادي الاحتقان السني الشيعي".

 

وعن اتهامه بتشكيل حكومة ​مصطفى أديب​، قال الحريري: "أنا توافقت مع أديب على ألا يكون هناك أي اسم يستفز أي فريق سياسي، مثلا رئيس ​مجلس القضاء الأعلى​ ​سهيل عبود​ كان أحد الأشخاص الذي يريدهم أديب، وأنا قلت له الاسم ممتاز ولكن انتبه هناك مشكلة مع التيار الوطني الحر. أي وظيفتي كانت أن أحذر أديب من طرح أسماء استفزازية"، مشددا على "أننا لا نرفض أن تكون وزارة المالية للطائفة الشيعية إنما نرفض أن تكون أي حقيبة حكراً على أي طائفة. فعندما كان هناك مشكلة في وزارة الطاقة في حكومة تمام سلام، قال لي حينها رئيس مجلس النواب نبيه بري أن أفضل حل هو المداورة".

 

وبين الحريري أنه "بعد العقوبات الأمريكية تم تصعيد المواقف تجاه المبادرة الفرنسية وكل المواقف والايجابية التي كانت موجودة في البلد بعد المبادرة تصلّبت بعد فرض العقوبات".

 

وفي السياق، ذكرت قناة "LBCI" أن رؤساء الحكومات السابقون الـ4 ​سعد الحريري​، نجيب ميقاتي، ​فؤاد السنيورة​ و​تمام سلام​ اجتمعوا أمس في ​بيت الوسط​ ولم يتبنوا مبادرة ميقاتي لتشكيل حكومة تجمع بين السياسيين والتكنوقراط، في حين أن الحريري يتجه الى تصعيد موقفه بالإعلان أنه ليس مرشحاً ولن يرشح أحداً ولتسم ​الاكثرية​ مرشحها ولتؤلف حكومتها".

 

من جانبه، أفاد مصدر لبناني رسمي لوكالة "​رويترز​" أن "لبنان لديه نحو 1.8 مليار ​دولار​ في احتياطياته من النقد الأجنبي يمكن إتاحتها لدعم واردات غذائية أساسية وواردات أخرى، لكنه قد يحافظ على بقائها لنحو ستة أشهر أخرى عن طريق إلغاء دعم بعض السلع".

 

بدورها، كشفت صحيفة "الجمهورية" أن خط تشكيل الحكومة معطلاً بالكامل، فحركة الاتصالات معدومة، وشخصية الرئيس الجديد للحكومة ما زالت خارج دائرة التفاهم، وهو أمر يطرح أكثر من علامة استفهام حول سرّ هذا التعطيل، الذي يوحي بدوره وكأنّ الملف الحكومي مطروح في معركة تصفية حسابات وقضم اصابع، بين الاطراف المعنية بهذا الملف، لكل طرف فيها حساباته ورهاناته، وعنوانها الظاهر، تقاذف كرة المسؤولية على حساب البلد الذي يوشك هيكله على التداعي على رؤوس الجميع.

 

وأضافت الصحيفة أنه بحسب ما تشي الأجواء الحاكمة لهذا الملف، فلا شيء يؤشر إلى إمكان العثور على تلك الشخصية خلال ما تبقّى من الأسبوع الجاري. وعلى ما يؤكّد لـ"الجمهورية" معنيون بالملف الحكومي، فإنّ "العثور على هذه الشخصية، صعب أيضاً حتى في الاسبوع المقبل، وربما في الأسبوع الذي يليه، أو الذي بعده، طالما أنّ إرادة التفاهم معدومة، وأنّ الاطراف، من دون استثناء، رافضة لبعضها البعض، ومتربصة لبعضها البعض، وطالما أنّ المعني الأول بتسمية هذه الشخصيّة، أيّ المكوّن السنّي، مُحجم عن هذه التسمية".

 

ووسط هذه الاجواء، حدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الخميس 15 أكتوبر الجاري، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية الشخصية التي ستُكلّف تشكيل الحكومة. وكان هذا الامر محل تشاور هاتفي صباح أمس، بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.

 

وبحسب هؤلاء المعنيين، فإنّ مبادرة رئيس الجمهورية الى الدعوة للاستشارات، تأتي فقط من باب ممارسة رئيس الجمهوريّة لصلاحياته الدستورية، لوضع الاطراف امام مسؤولياتهم، وفي محاولة منه لتحريك مياه التكليف الراكدة إلى أجل غير معلوم.

 

ولاحظت المصادر، أنّ الرئيس نجيب ميقاتي، لم يعلن صراحة ترشيحه لرئاسة الحكومة، كما لم يقم بأي حركة اتصالات أو مشاورات في هذا السبيل، ومع ذلك هو وحده، حتى الآن، الذي أُحيط حضوره بجدّية، ولكن ليس بصورة نهائية وحاسمة.

 

وفيما لم يؤكد ميقاتي ما قيل عن أنّه بدأ يتمايز عن نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي هو عضو فيه، ممهّداً لذلك بالطرح الذي قدّمه واعتبره مخرجاً يقوم على تشكيل حكومة تكنوسياسية، لم يصدر عن النادي المذكور ما يؤكّد ذلك أيضاً.

 

وأوضح ميقاتي في حديث متلفز مساء أمس، "أنّ الطرح الذي تقدّم به لتشكيل حكومة تكنوسياسية برئاسة الرئيس سعد الحريري يشكّل فرصة لإنقاذ البلد، وهو طرح دستوري ومنطقي ومتكامل يمكن أن ينطلق منه رئيس الحكومة المكلّف". وقال: "إنّ أي شخص يملك قراءة للواقع السياسي في الفترة الأخيرة ويتمتع بالفكر الوسطي، يرى ضرورة الجَمع بين السياسة والتكنوقراط".

 

وعمّا اذا كان مرشّحاً لتولّي رئاسة الحكومة؟ قال: "أنا أرشّح الرئيس الحريري، لكن إذا استمرّت التجاوزات في الأداء السياسي ونصوص الدستور فإنّ أي شخص لا يمكن أن يقوم بعملية إنقاذ بمفرده. وبالتالي، استطراداً أقول: إنني لا أقبل أن أكون رئيساً للحكومة ضمن الواقع الحالي".

مقالات متعلقة