اعتادت الأم العشرينية إرسال صغيرها خلال مراحل تعليمه الأولى من وإلى المنزل من خلال "باص المدرسة"، إلا أنها بمجرد جلب كرسي متحرك له بسبب إعاقته فوجئت بأنه محروم من خدمة توصيل الطلاب، لعدم توفر مكان في الحافلة لمقعده الجديد، ولم يعد مسموحًا له بصعود "الأتوبيس" بكرسيه المتحرك الذي بات يلازمه أينما حل وذهب.
لم تقف الأم مكتوفة الأيدي، وأخذت تفكر فيما يمكنها فعله لصغيرها كي يكمل تعليمه، فهي لا تملك الآن المقدرة لشراء سيارة خاصة ولكن في الوقت نفسه لمعت في رأسها فكرة وتساءلت فيما بينها وبين نفسها "لماذا لا أجلب تروسيكل وأقوم بتوصيل نجلي لمدرسته صباح كل يوم واصطحابه به في رحلة العودة ايضًا؟".
لم يكن الأمر بهذه السهولة فهناك حاجز نفسي ورهبة خاصة أنه لم يسبق لها القيام بهذا من قبل، لكن دافع الأمومة كان أقوى بعدما رأت في نفسها سندًا لحبيبها الصغير خلال رحلة الحياة الطويلة بكل صعابها.
تلك الأم التي ضربت مثلًا في التضحية والتفاني تدعى آيه عيسي، أما صغيرها الجميل فتناديه بـ "حسن"، وروت "آيه" قصتها مع شراء وتعلم قيادة التروسيكل من أجل عيون طفلها الذي أضحى بين عشية وضحاها محرومًا من صعود باص المدرسة بسبب كرسيه المتحرك، خلال مداخلة متلفزة مع برنامج 8 الصبح المذاع عبر فضائية DMC.
تقول آية: أنجبت حسن حينما كان عمري 19 عامًا، وقتها أخبرني الأطباء أن نجلي يعاني من مرض يحمل اسم الصلب المشقوق، سيجعله بحاجة لاستخدام الكرسي المتحرك بصفة دائمة.
كانت صدمة الأم العشرينية كبيرة حينها، وتنقلت به فيما بين المستشفيات وأجرى له الأطباء عمليات، ولكن في نهاية المطاف أنزل الله عليها سكينة ورضا جعلتها تتقبل الحالة التي سيعيش بها ابنها فاقدًا للقدرة على الحركة دون كرسيه، حيث تقول: "تمنيت وقتها فقط أن يرزقني الله بالرضا وهو ما حدث بالفعل".
وتابعت: لم يكن دخول حسن المدرسة بالأمر الهين، فجميع المؤسسات التعليمية تخشى تحمل مسئولية طفل كهذا يعاني من مشكلة حركية رغم أن عقله طبيعي، ولكنه في النهاية التحق بالمدرسة، ومكث فيها مراحل الـ كي جي 1، وكي جي 2 وأولى ابتدائي، ثم جلبت له الأم كرسي متحرك لظروف مرضه، ونقلته لفصل في الطابق الأرضى حتى يتمكن من التحرك بسهولة.
ولكن كانت المفاجأة حينما تم إخبارها بأنه لم يعد بإمكان ابنها "حسن" الصعود لـ "باص المدرسة" بكرسيه المتحرك، لعدم توفر مكان مخصص لمقعده، حيث تقول الأم: "كنت بوديه واجيبه بالباص لكن بمجرد ما جبت الكرسي المتحرك قالوا لنا مش هينفع يطلع به الاتوبيس عشان ملوش مكان فيه".
من هنا بدأت الأم العشرينية تفكر في حل آخر يمكنها من إرسال صغيرها إلى المدرسة، حيث تقول: "وجدت أنه ليس بمقدرتي المادية امتلاك سيارة خاصة، فقررت شراء تروسيكل، وتعلمت القيادة عليه واستخرجت الرخصة وانهيت الاجراءات، ومع كل هذه المراحل لم أكن اعلم حينها هل بالفعل سأتمكن من الاقدام على تلك الخطوة، خاصة أنني لست معتادة على هذا الأمر وكنت أشعر بهيبة تجاه هذا الموقف، ولكن حينما حانت ساعة الجد، لم يكن أمامي حل آخر ووجدت نفسي اعتلي التروسيكل لتوصيل صغيري لمدرسته، غير عابئة بنظرات من حولي أو العبارات التي قد تصادفني خلال رحلة ذهابي وايابي مع طفلي".
واختتمت قائلة: "في الشارع لقيت ناس بتشجع وناس بتعترض بس مش مهم المهم ابني يعيش حياته، وعايزه اقول لأي أم عندها طفل في نفس ظروفي خليكي قوية عشان ابنك انت السند الوحيد لأولادك".