شنَّ سفير الصين بالقاهرة لياو لي شيانغ هجومًا عنيفًا، اليوم الأحد، على الولايات المتحدة؛ ردًا على المطالب التي أعلنها وكيل وزارة الخارجية الامريكية كيث كراك في زيارته الأخيرة للمنطقة بضرورة مقاطعة الشركات المصرية وغيرها للشركات الصينية، باعتبارها إحدى أدوات الحكومة الصينية لسرقة المعلومات الخاصة بالعملاء وتوظيفها لصالح أجهزة الأمن القومي الصينية.
وقال السفير الصيني في مؤتمر صحفي عبر وسائط التواصل الاجتماعي: إنَّ هذه التصريحات التي أدلي بها المسؤول الأمريكي كاذبة. مستشهدًا بالمثل العربي الذي يقول «الكذب داء والصدق شفاء».
وكان المسؤول الأمريكي قد وجَّه في منتدى عقده داخل السفارة الأمريكية بالقاهرة منذ أسبوعين، دعوة صريحة للشركات المصرية والعاملة في منطقة الشرق الأوسط بألا تستخدم التكنولوجيا الصينية، خاصة فيما يتعلق بشبكة الجيل الخامس للانترنت، وقال: إنَّ واشنطن حذرت العديد من الحكومات والشركات من التعامل مع الشركات الصينية داعيًا إلى ما أسماه بضرورة الانضمام إلى «الشبكة النظيفة» التي تدعمها الولايات المتحدة لمواجهة التكنولوجيا الصينية.
وقال السفير الصيني، في المؤتمر الذي عقده بمناسبة احتفال الصين بالمواجهة العسكرية للولايات المتحدة أثناء اجتياحها الأراضي الكورية منذ ٧٠عامًا، إنَّ الصين لاحظت تنامي الأكاذيب الأمريكية ضدها في الأونة الأخيرة، من وزراء وكبار مسئولين وتنظيمهم حربًا شرسة ضد الصين.
ووصف سفير الصين الشبكة النظيفة التي تدعو إليها الولايات المتحدة بـ«الشبكة القذرة».
وقال في تصريح للصحفين المتحاورين معه عبر «فيس بوك» أخرجه عن هدوئه المعتاد: «أود أن أقدم لكم حقائق تجاه كذب وكيل وزارة الخارجية الأمريكية حول الشبكة القذرة، فهي شبكة احتكار وفرض الوصاية والأيدولوجيا على مستخدميها، مستشهدًا بما قامت به وكالة الأمن القومي الأمريكية، بإجبار «يوتيوب» و«فيس بوك» و«جوجل» على تسليم معلومات عن أشخاص وعملاء واستخدمت متجر جوجل لزرع برامج تجسس وكسر الشفرات للهواتف المحمولة وسرقة كميات هائلة من المعلومات واخترقت خوادم جوجل وياهو والتي كشفت عنها صحيفة «واشنطن بوست» ومذكرات عميل المخابرات الأمريكي أدوارد سنودن.
ووصف السفير الصيني الممارسات الأمريكية بأنها تمثل إرهابًا للآخرين، لأنَّ الولايات المتحدة تساهم في إقامة منصات للتجسس بينما لا تقوم الصين بعرض أية منتجات ذات صلة بالاستثمارات الصينية من باب خلفي، لأنَّ اهتمام الصين ينصبّ على تطوير التكنولوجيا ودعم الأمن السيبراني، ومكافحة سرقة الأسرار التجارية عبر الإنترنت.
ونوَّه إلى الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة من أجل قمع الشركاء الذين يرغبون في إدخال تكنولوجيا الجيل الخامس من الشركات الصينية، مؤكدًا أنَّ هذه إجراءات لتسييس الأعمال التجارية بما يتنافى مع مبدأ حرية التجارة والمنافسة ومنع الاحتكار من أجل المصالح المشتركة بين الدول.
وشدد سفير الصين بالقاهرة في المؤتمر الذي حضره الوزير المفوّض لي دونغ والمتحدث الرسمي باسم السفارة جياو جين شيانغ والمستشار الإعلامي زونغ يي، على أن قول المسئولين الأمريكيين بأنَّ السلطات الصينية تفرض عقوبات على المواطنين الذين يرفضون تزويد الحكومة ببيانات العملاء كلها أكاذيب.
(المستشار الإعلامي زونغ يي)
وتابع: بعض السياسين والمسئولين الأمريكيين، يتفنون في خلق الأكاذيب عن الصين، وهو ما يدفع بالشعب الصيني الذي يعرف تلك الحقائق إلى مؤازرة حكومته، مشيرًا إلي تقرير صدر مؤخرًا، يبيّن أنَّ أكثر من ٩٠٪ من الشعب الصيني راضٍ عن حكومة وأداء الحزب الشيوعي الصيني في إدارة أمور البلاد لنجاحه في تحقيق الرخاء للمواطنين وإحياء تراث الصين القديم.
وكشف السفير الصيني عن بدء انسحاب بعض الشركات من السوق الصينية بسبب الضغوط الأمريكية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنَّ ٩٩.١٪ من الشركات الكبرى أبدت مؤخرًا استعدادها للاستمرار للعمل في الشركات الصينية، وتتفاءل بدور الصين في المستقبل وقررت رفع نسبة مساهماتها في الاقتصاد الصيني.
وبين عدم صحة ادعاءات المسئول الأمريكي حول أنَّ الصين حاولت اختراق شركة «أبل»، مبينًا أنَّ أبل باعت في الصين نحو ٢٧ مليون هاتف محمول في العام الحالي بما يوازي ١٦٪ من جميع مبيعاتها في العالم، ويمثل السوق الصيني لها المصدر الثاني للمبيعات بعد الولايات المتحدة، بما يعادل ٤٣ مليار دولار أمريكي.
واستشهد لياو لي بجذب الصيني لاستثمارات كبرى من ألمانيا وأوروبا، خاصة شركاتها الكبرى مثل مرسيدس بنز وبي إم دبليو.
وتشهد العلاقات الأمريكية– الصينية في السنوات الأخيرة توترات غير مسبوقة في عدة مجالات أدَّت إلى نشوب حرب تجارية بين البلدين، وإجراءت عقابية متبادلة.
وبرنامج «الشبكة النظيفة» الذي تتبناه الولايات المتحدة الهدف منه، وفق المسئولين الأمريكيين، هو تجنيب البلاد سرقة بيانات المستخدمين أو مراقبتهم، وهي الاتهامات التي دأبت واشنطن على توجيهها إلى بكين، إلا أنَّ الأخيرة نفت مرارًا تلك الاتهامات.
وتعتمد «الشبكة النظيفة» مجموعة من المعايير الرقمية الدولية لشبكات الجيل الخامس لتأمين البيانات التي تنقل عبر تلك الشبكات إلى المنشآت الدبلوماسية الأمريكية خارج وداخل الولايات المتحدة.
ويسعى البرنامج إلى عدم ربط الشركات الصينية بشبكات الاتصالات الأمريكية تحت مزاعم أنها شبكات غير موثوقة، فيما تسعى واشنطن إلى توسيع نطاق تلك المبادرة لتشمل أكبر عدد ممكن من الدول.
وقدمت "واشنطن" تحذيرات لدول عدة من استخدام معدات الجيل الخامس الصينية وأنها تعرض أمن المعلومات للخطر، وفي المقابل فإن الصين تؤكد احترامها خصوصيات الدول وعدم قيامها بأي نشاط من الاتهامات التي توجهها لها الولايات المتحدة.