يومه مُقسم نصفين ما بين دروسه وعمله برفقة والده لمساعدته، ففي أحد شوارع حي المهندسين اعتاد الصغير صاحب الاثنى عشر عامًا الوقوف لبيع الأكواب الزجاجية، حاملًا فوق ظهره ما يشبه حقيبة مدرسية، ولكن أكثر ما لفت الأنظار إليه هو قناعته رغم شعور من حوله بحاجته، فتجده لا يقبل مليمًا زيادة فوق ثمن بضاعته.
لم يعلم الصغير الذي اعتاد العمل لساعات في هدوء لتوفير مصاريف مدرسته وكتبه ولمساعدة أخته من أجل تحقيق حلمها بدخول الطب، أنه سيضحى حديث الجميع في غضون ساعات من نشر أحدهم قصته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويقصد بعدها باب بيته البسيط وفد رئاسي رفيع المستوى بحثًا عنه لمنحه هو وذويه هدية "لم تكن على البال أو الخاطر"، -على حد تعبيره-، خلال سرده تفاصيل قصته وما حدث معه كاشفًا لـ "مصر العربية" عن تفاصيل تلك الهدية.
الصغير يروى قصته
مصطفى عيسى، هو اسم ذاك الفارس الصغير، الطالب بالصف الثاني الإعدادي، تزامن انتشار قصته مع واقعة ابن القاضى الذي أساء الأدب مع رجال المرور، وهو ما جعل الكثيرون يعقدون مقارنة بين كل منهما الأول من أسرة بسيطة تعاني من ضيق ذات اليد ولكنها تكافح كل يوم من أجل لقمة العيش ويعلم فيها الصغير معنى المسئولية، أما الثاني فهو طفل مدلل للغاية يستغل سلطات ومنصب والده لإرهاب وإهانة من حوله.
يقطن "مصطفى" بقرية أبو النمرس بالجيزة، يعمل مساء كل يوم في بيع الأكواب الزجاجية، ولكنه في الوقت نفسه يتوجه في الصباح إلى مدرسته ودروسه، يقول مصطفى لمصر العربية: "بشتغل عشان اوفر مصاريف دروسي واساعد اخواتي ونفسي السنة دي اختى تحقق حلمها وتدخل طب".
بداية القصة
بدأت قصة مصطفى تخرج إلى النور حينما التقط له أحدهم صورة ودون معاها منشورًا جاء نصه: "انهاردة وقفت عند أبو عمار السوري الساعه ٧ الصبح، ولقيت فجأة ولد داخل عليا بلبس وشنطة مدرسة، لكن استغربت إنه ماسك طقم كوبايات في ايديه وشنطة المدرسة في ايديه التانية، وعرض عليا اشتري منه طقم كامل لكن لما قولتله عايز كباية واحدة مستخسرش وطلعلي واحدة من الشنطة، وقالي دي تنفع لحضرتك!.. قولت له تنفع وأخذتها ومكنش عايز ياخد مني أكتر من سعرها، وكان بيدورلي على فكه .. الولد ساكن في حته بعد المنيب وبيخلص مدرسة ويلف بأطقم الكوبايات على كعوب رجليه لحد الصبح، لدرجة اني بساله بتنام امتى لقيتوا سرح وبيفكر وملاقاش تقريبا رد يردو عليا، الولد عمره ميزدش عن ١٥ سنة، وأسلوبه في منتهي الاحترام اللي في الدنيا، وبيقولي إنه لو معملش كده مش هيعرف يدفع مصاريف المدرسه بتاعته..".
"
يخرج "مصطفى" أيام الدراسة من الرابعة عصرًا وحتى الثانية عشر مساءً عقب الانتهاء من دروسه، حيث يتوجه إلى حي المهندسين، لبيع الأكواب الزجاجية في اشارات المرور للمارة وقائدى السيارات".
أما في الصيف فأخبرتنا والدته أنه يخرج من الثانية عشر ليلًا وحتى الـ ثالثة فجرًا، وتابعت: شعر مصطفى بالمسئولية تجاه البيت دون أن يطلب منه أحد شئ فوالده على باب الله يخرج كل يوم لبيع الأكواب، ولدينا من الأبناء 5، "مروة في الثانوية العامة، ومحمد في أولى ثانوي، ومصطفى في الصف الثاني الإعدادي ومهاب في حضانة..".
تقول الأم: "أنا والله ما عارفه ازاي الناس كلها عرفت بقصتنا بس ربنا كبير والحمد لله انه شايلنا خير كتير".
هدية غير متوقعة
أما مصطفى فكشف لـ "مصر العربية" عن تفاصيل الهدية التي منحته له الرئاسة خلال الساعات الماضية، حيث يقول: "فوجئت بوفد من الرئاسة حضر إلى بيتنا حاملًا معه هدية لنا، عبارة عن مبلغ مالي كبير فضلًا عن وعد لأبي بمنحه كشك",
يقول الصغير : هذه هدية لم تكن على البال أو الخاطر، ولم يكن ايًا منا يتوقع كل ما حدث...يحلم "مصطفى" أن يصبح لاعب كرة قدم مثل النجم محمد صلاح.