فاجأ الرئيس الأمريكي المهزوم «دونالد ترامب» الأمريكيين والعالم بطرد وزير الدفاع الأمريكي «مارك إسبر»، وذلك قبيل شهرين على مغادرته المتوقعة للبيت الأبيض، وفقا لما أظهرته النتائج غير الرسمية للانتخابات الأمريكية من فوز منافسه الديمقراطي «جو بايدن» بانتخابات الرئاسة.
وبينما يعتبر ذلك القرار مفاجئا وغريبا، فإن مراقبين حذروا بأنه غالبا لن يكون الأخير، وإنما سيعقبه عدد من القرارات المماثلة الانتقامية من عدد من المسؤولين الكبار الفيدراليين الذين لم يدعموا ترامب صراحة في سباقه الانتخابي، أو عارضوا سياساته وطلباته وأظهروا فشلها.
ولم يعلن “ترامب” في تغريداته المقتضبة أسباب الإقالة، لكنه قال إن مدير المركز الوطني لمحاربة الإرهاب “كريستوفر ميلر” أصبح قائما بأعمال وزير الدفاع.
وسبق أن ترددت أنباء في أعقاب الانتخابات الأمريكية، بأن “إسبر” قدم استقالته، لكن المتحدث باسم الوزارة نفى صحتها في ذلك الوقت.
ولا يزال “ترامب” مصرا على رفض هزيمته في السباق الرئاسي الذي فاز به منافسه الديمقراطي “جو بايدن“، ويتمسك بأن هناك تزويرا جرى في عدد من الولايات بينها بنسلفانيا وميشيجان، وإن محاميه الذين قدموا طعونا وطلبات بإعادة الفرز في معظم الولايات تقريبا سيكشفون فوزه.
وينظر مراقبون إلى قرار “ترامب” باعتباره غريبا على الأعراف الأمريكية التي عادة ما تعتبر مهمة الرئيس المنتهية ولايته هي تسيير الأعمال إلى حين استلام الرئيس الجديد مهام منصبه، وليس إقالة أو تعيين موظفين كبار بحجم وزير الدفاع الأمريكي.
صمت البنتاجون.. وخلافات إسبر
وليس من المتوقع أن يمرر مجلس الشيوخ أي تعيينات جديدة قبل أن يغادر “ترامب” البيت الأبيض في شهر يناير المقبل.
ولم يصدر تعليق على الفور من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون على قرار ترامب، لكن مصادر سبق أن صرحت بأن إسبر كان يستعد منذ فترة طويلة لاحتمال الاستقالة أو الإقالة بعد انتخابات الأمريكية، خاصة إذا فاز ترامب بولاية ثانية.
وأثار “إسبر” غضب الرئيس الأمريكي الصيف الماضي حينما رفض استخدام الجيش لمواجهة الاحتجاجات العارمة في الشوارع وفي محيط البيت الأبيض ضد العنصرية، التي تفجرت في أعقاب مقتل الأمريكي من أصول إفريقية “جورج فلويد“.
كما سبق اختلف وزير الدفاع المقال أيضا مع ترامب في موقفه من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالإضافة إلى عدد من القضايا.
لن يكون الأخير
ويحذر مراقبون من أن “إسبر” لن يكون آخر من يقيله “ترامب” إذ إن هناك اعتقادا بأن “ترامب” قد أعد قائمة من المسؤولين الذين يستعد لإقالتهم.
وتشمل تلك القائمة، وفقا للتوقعات، على وجه الخصوص، كريستوفر وراي، مدير جهاز اف بي آي، وأنتوني فاوسي الخبير الطبي.
وسبق أن أعرب كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض “ستيف بانون“، عن رغبته في تعليق رؤوس مسؤولين فيدراليين على الحراب في أركان البيت الأبيض، من بينهم على وجه الخصوص كريستوفر وراي وأنتوني فاوسي.
وقال “بانون” الذي يعتبر أحد أكثر المسؤولين الأمريكيين السابقين تطرفا وتأييد لترامب، إن تعليق الرؤوس سيكون تحذيرا لمن قال إنهم “بيروقراطيين فيدراليين” (لم يدعموا ترامب) لكي يندرجوا مع واجباتهم أو الرحيل، فيما هاجم أبناء “ترامب” قيادات في الحزب الجمهوري.
وأغلق “تويتر” حساب “بانون” بعد تلك التغريدة التي اعتبرت دعوة لقطع وتعليق رؤوس مسؤولين كبار لم يقفوا مع ترامب، حيث اقترح في تغريدته قطع رأس كبير خبراء الأوبئة الدكتور “أنتوني فوسي“، وأيضًا مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “كريستوفر وراي“.
وتشمل التوقعات أيضا أن يقيل “ترامب” مديرة جهاز الاستخبارات سي آي أيه “جينا هاسبل.
وفي وقت سابق، ذكرت تسريبات نشرتها وسائل إعلام أمريكية أن “ترامب” ينوي في حالة إعادة انتخابه إقالة “هاسبل” و“إسبر“، وإن الرئيس ضاق ذرعا بمعارضتهما له (رغم أنه قام بتعيينهما)، دون الإشارة إلى الملفات التي عارضت هاسبل فيها الرئيس.
لكنه يمكن إدراك أن “هاسبل” على رأس قائمة ترامب الانتقامية بالإشارة إلى أن “ترامب” وعدد من أعضاء إدارته وجهوا اتهامات إلى مديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسيل بتأخير إصدار وثائق يعتقدون أنها ستكشف ما يسمى بمؤامرات “الدولة العميقة” ضد حملة إعادة انتخاب ترامب، وفقا لشبكة سي إن إن الأمريكية.
استمرت هذه الاتهامات منذ يوم الانتخابات، حيث أخبر مسؤول كبير في الإدارة وثلاثة مسؤولين سابقين في الإدارة على دراية بالوضع شبكة CNN أنهم يتوقعون إقالة هاسبل من منصبها مثلما حدث مع مارك اسبر وزير الدفاع، كما أثار مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر وراي غضب ترامب الأمر الذي تسبب في عدم اليقين بشأن مستقبله.
لكن محيطين بترامب يحذرونه من أنه إذا أقال ترامب هاسبل وراي، وهما اثنان من كبار مسؤولي الأمن القومي، إلى جانب إسبر، فمن المرجح أن يضيف ذلك إلى الشعور بالفوضى داخل الإدارة.
ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض جود دير القول ما إذا كان ترامب غير راضٍ بالفعل عن أداء مديرة وكالة المخابرات المركزية أو ما إذا كان يخطط لإقالتها بعد الإطاحة بإسبر، واكتفى بالقول إنه “إذا لم يكن لدى الرئيس ثقة في شخص ما فسوف يعلمك بذلك“.