في الوقت الذي تدفقت فيه التهاني على الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن من أنحاء العالم مساء يوم السبت، ظل أحد حلفاء الولايات المتحدة صامتا بشكل واضح.
فقد مر أكثر من 24 ساعة على إعلان فوز نائب الرئيس الأمريكي السابق بالانتخابات الرئاسية، عندما أصدرت السعودية، إحدى أقوى الدول الإسلامية، بيانا مقتضبا يعبر عن "أجمل أمنيات النجاح لبايدن والشعب الأمريكي الصديق".
صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، رأت أن تردد الرياض لتقبل الرمال المتحركة في واشنطن، ربما يعكس الخوف من أن سياسات الإدارة الجديدة، قد تضعف صداقة البلدين، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب يخطط لإعادة تشكيل التحالفات في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد تنافسا بين إيران وغالبية دول الخليج على النفوذ.
وبعد 4 سنوات من علاقات وثيقة بالرئيس الأمريكي، تتساءل السعودية وحلفاؤها الإقليميون إذا ما كان بايدن سيقلب هذه العلاقات ويتقرب أكثر من إيران؟.
وبوصول ترامب للسلطة، تحولت العلاقات المتوترة والمتعارضة أحيانا بين السعودية والإمارات وشركاؤهما، من جهة، والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلى صداقة وثيقة.
وعن هذا يقول، يوئيل جوزنسكي الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب:" أخذ ترامب طريق الدفاع عن الأسرة المالكة (السعودية) من الرأي العام الناقد، والكونجرس والمجتمع الدولي الأكثر عدائية".
فقد دعم الرئيس المنتهية ولايته الرياض، في ظل اتهامات تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، والتورط في الحرب الأهلية اليمنية، وربما الأكثر أهمية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي قبل عامين.
ويقول جوزانسكي إن:" ترامب أجرى حسابات باردة، فقد رأى التواصل من خلال عدسات انتقالية ضيقة"، مشيرا إلى أن البيت الأبيض توصل إلى اتفاق مع السعودية لبيع أسلحة تقدر بـ 8 مليارات دولار تشمل قنابل دقيقة موجهة، واتخاذ قرار أحدث من ذلك ببيع مقاتلات إف 35 بـ 10 مليارات دولار، للإمارات.
في المقابل كشف بايدن أنه سوف يتبع طريقا آخر في الشرق الأوسط، حيث تعهد بوقف مبيعات الأسلحة للمملكةـ وإعادة التفاوض، الانضمام إلى الاتفاق النووي الذي أبرمه باراك أوباما في 2015 مع إيران، العدو اللدود للسعودية وعدد من دول الخليج.
من جانبه، يعتقد مرهان كامارفا البرفيسور في مقر جامعة جورج تاون بقطر أن الدول السنية في الخليج يجب أن تعيد ضبط سياستها الإقليمية.
وأشار إلى أن الدول الخليجية استفادت من التوترات الأمريكية الإيرانية واستخدمت هذه التوترات لمصلحتها المادية والاستراتيجية بعدة طرق، معتبرا أن هذا "هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم إعجابهم برغبة إدارة أوباما في التواصل مع إيران".
ورأى أن نهج الرئيس المنتخب قد يجبر هذه الأنظمة الملكية على "إدراك أن اعتمادها الأمني غير المشروط على الولايات المتحدة يحتاج إلى تعديل، أو على الأقل تعديله، من اجل تقليل توتراتها مع إيران".
ومساء يوم السبت أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية ، وعلى الفور توالت رسائل التهنئة من القادة العرب.
ولكن السعودية لم تبعث بالتهنئة إلا في مساء اليوم التالي، حيث بعث العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان، مساء الأحد برسالة تهنئة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس.
وحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، أعرب العاهل السعودي "عن أجمل التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح لمعاليه، والمزيد من التقدم والازدهار لشعب الولايات المتحدة الأمريكية الصديق".
وبذلك تكون السعودية آخر دولة خليجية تهنئ بايدن بفوزه بالرئاسة، بعد أن سارعت كل من قطر والإمارات والكويت وعُمان والبحرين بالتهنئة بعد وقت قصير من إعلان النتائج.
وأرجع مراقبون تأخُر السعودية في تهنئة بايدن، إلى مدى حالة عدم الرضى التي أصابت القيادة السعودية من انتهاء حكم حليفها وصديق ولي العهد، الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وبحسب هؤلاء المراقبين فإن السعودية كانت تأمل في استمرار حكم ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مع إيران، وعاد لسياسة العصا مع طهران التي تتخوف غالبية دول الخليج من زيادة نفوذها في المنطقة ومحاصرتها لها بوكلائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق.
آخرون يرون أن تأخر السعودية في إرسال برقية تهنئة لبايدن، يرجع إلى موقفه من المملكة، حيث كشف قبل فوزه أنه سيعمل في حال أصبح رئيسا للولايات المتحدة، على تغيير سياسة بلاده تجاه السعودية.
جاء ذلك في إطار تعليقه على جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول قبل عامين، مشددا على أن اغتيال خاشقجي "لن يذهب سدى".
كما سيسعى بايدن وفق تصريحاته، إلى إنهاء الدعم الأمريكي لحرب الرياض في اليمن، مؤكداً أولوية التزام الولايات المتحدة بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان حتى مع أقرب الشركاء الأمنيين.
وتعهد أيضا بالدفاع عن حق النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين حول العالم في التعبير عن آرائهم بِحرية ودون خوف من الاضطهاد والعنف، ومن ضمنها السعودية التي ينشط نواب أمريكيون في انتقاد حرية الرأي والتعبير، والدفاع عن سجناء الرأي فيها.
الص الأصلي