تشهد هذه الأيام تسارع وتيرة التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، ما يرجعه متابعون إلى محاولة تل أبيب الإسراع بحسم هذه الملفات قُبَيل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفيما كشفت وسائل الإعلام العبرية عن لقاء جمع أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية، وصل أول وفد إسرائيلي رسمي اليوم الاثنين إلى العاصمة السودانية الخرطوم.
وقالت قناة «كان» الإسرائيلية الرسمية، إنَّ الوفد وصل الى الخرطوم عصر اليوم كأول وفد إسرائيلي رسمي منذ اتفاق البلدين على اتخاذ خطوات نحو التطبيع تمهيدًا لتوقيع اتفاقيات بينهما .
وأوضحت أنَّ الوفد برئاسة نائب رئيس مجلس الأمن القومي، المعروف بـ «ماعوز» الذي سبق وترأس المحادثات السرية مع المسؤولين السودانيين لإنشاء هذه العلاقات الدبلوماسية.
من جانبها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنَّ الوفد المكون من عدد محدود من المسؤولين الإسرائيليين سيمهد الطريق لزيارة وفد آخر موسع إلى الخرطوم خلال الأسابيع القليلة المقبلة للاتفاق على التعاون المشترك في مجال الاقتصاد والزراعة والمياه.
في سياق متصل، نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية الصادرة في لندن عن مسؤول سوداني كبير أنَّ إسرائيل طلبت من سلطات الخرطوم السماح لشركات طيران إسرائيلية باستخدام مجالها الجوي بشكل منتظم عقب الإعلان عن تطبيع العلاقات بين البلدين.
ومؤخرًا رصدت مواقع رصد حركة الطيران تحليق طائرة تابعة لشركة «العال» أكبر شركة طيران إسرائيلية في الأجواء السودانية في طريقها إلى أوغندا، بعد تلقيها إذنًا خاصًا لاستخدام المجال الجوي السوداني.
وتحوَّلت الخرطوم التي خرجت منها القمة العربية في 1967، بالتأكيد على أنه «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل»، حتى أنها اشتهرت بـ"عاصمة اللاءات الثلاثة"، إلى البلد العربي الخامس الذي يوافق على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين.
وأمس الأحد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته إن "السودان وللمر الأولى امتنع عن التصويت ضد إسرائيل الأسبوع الماضي في الأمم المتحدة، بعدما كان يصوت بشكل تقليدي ضدنا".
وأضاف نتنياهو "هذه علامات على ما هو قادم، وليس فقط في هذه المجالات، آمل أن نحظى دائما بالمزيد من الأخبار الجيدة".
وكان نتنياهو يشير إلى تصويت السودان، الأربعاء الماضي، لصالح مقترح إسرائيلي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أسابيع على إعلان التطبيع بين البلدين.
وقالت قناة "i24 نيوز" الإسرائيلية في نسختها العربية آنذاك إن "المقترح الذي يُعنى بمجال الابتكار، مر بتأييد من أغلبية مؤلفة من 144 دولة. وعارض اقتراح، "ريادة أعمال التنمية المستدامة"، 26 دولة، من بينها إيران وسوريا".
وأوضحت أن السودان في حقبة الرئيس عمر البشير، كانت جزءا من المحور الإيراني-السوري، إلا أن الإطاحة به جلبت مجلسا انتقاليا من عسكريين ومدنيين، قبلوا تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقالت إن المقترح الإسرائيلي يركز على الخطوات المطلوبة من كل دولة، لتشجيع ريادة الأعمال، ومساعدة الشركات المتضررة من انتشار وباء كورونا. ويركز القرار على الخطوات التي يجب اتخاذها، حتى يتمكن كل بلد، من التمتع بمزايا الابتكار وبناء اقتصاد متقدم، يقوم على المساواة.
والأسبوع الماضي، نشرت وزارة الاستخبارات الإسرائيلية دراسة مهمة طالبت إسرائيل بمزيد من الجهود لاستمالة دول إفريقيا التي تشكل قوة تصويتية ضد إسرائيل بالمحافل الدولية.
وبحسب الدراسة التي نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم" فإن من بين نحو 1400 عملية تصويت جرت بالأمم المتحدة حول الصراع الإسرائيلي- العربي منذ عام 1990، صوتت دول إفريقية لصالح إسرائيل في حالات قليلة للغاية، ذلك لأن الدول الإفريقية اعتادت تشكيل كتلة تصويتية مع الفلسطينيين وضد إسرائيل.
واقترحت الدراسة، التركيز على بلدان إفريقية بينها توجو ورواندا وجنوب السودان والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك من خلال فتح الطريق أمام تلك الدول إلى واشنطن، والتعاون معها في مجالات الأمن والحرب على الإرهاب، وإقامة البنى التحتية، واستغلال الموارد الطبيعية وفي مجال التكنولوجيا.
وقال إيلي كوهين وزير الاستخبارات الإسرائيلي "إفريقيا دولة كبيرة ومهمة، تصوت دولها وتؤثر على القرارات المرتبطة بإسرائيل في الكثير من المحافل الإقليمية والدولية".
وحذرت الدراسة من تزايد قوة تركيا والصين في إفريقيا، وقالت إن "تركيا ضاعفت خلال العقد الماضي وحده عدد تمثيلاتها الرسمية في إفريقيا أربع مرات، كما تم التأكيد على أن الصين تقوم بتوسيع استثماراتها بشكل كبير في القارة".
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت دولة مالاوي، عزمها فتح سفارة بمدينة القدس المحتلة، لتصبح بذلك أول دولة إفريقية تقدم على هذه الخطوة.
جاء ذلك في لقاء جمع وزير خارجية مالاوي أيزنهاور مكاكا، بنظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي.
ولاحقا كشف أشكنازي في اجتماع مغلق وفق ما نقلته هيئة البث الرسمية أن موافقة دولة مالاوي الواقعة شرق إفريقيا على نقل سفارتها للقدس كلفت إسرائيل 4 ملايين شيكل أي نحو 1.8 ملايين دولار.