حرب تيجراي.. هل تدفع آبي أحمد لقبول وساطة أمريكا بأزمة سد النهضة؟

سد النهضة

التعثرات والصراعات التي تمر بها إثيوبيا في الوقت الراهن، قد تدفع أديس أبابا إلى اللجوء للوساطة الأمريكية، لحل أزمة سد النهضة مع مصر.

 

ففي أعقاب قطع المساعدات الأمريكية عن إثيوبيا واجهت حكومة آبي أحمد، أزمات متعددة، آخرها حرب تيجراي، ما يشير إلى احتياج بلاد الحبشة إلى تدخل واشطن كوسيط لحل تلك الخلافات، وفقا لآراء خبراء.

 

ويرى اللواء محمد رشاد الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الولايات المتحدة الأمريكية مضطرة هي الأخرى، للتوسط لإيجاد حل دبلوماسي وسياسي لأزمة سد النهضة، مؤكدا أن وشنطن تحرص على استقرار مصر حفاظا على مصالحها وعلاقاتها في المنطقة للأسباب التالية:

 

أولا: مصر رمانة الميزان لاستقرار المنطقة، ثانيا: قدرة مصر على مكافحة الإرهاب، ثالثا: ضمان أمن الملاحة في قناة السويس، رابعا: الالتزام باتفاقية كامب دافيد.

 

وتواجه إثيوبيا التي تعاني كباقي دول العالم من جائحة كورونا، فيضانات وصراعًا داخليًا في إقليم تيجراي والجراد الصحراوي الذي يهدد بأزمة غذاء محتملة.

 

واشنطن تدخلت كوسيط لحل أزمة سد النهضة منذ نوفمبر ٢٠١٩، لكنها لم تنجح في إقناع إثيوبيا بالتوقيع على اتفاق ما دفعها لمعاقبتها بقطع مساعدات قدرت بنحو ١٣٠ مليون دولار، ومنذ ذلك الحين تواجه إثيوبيا أزمات عدة منها أسراب الجراد الصحراوي التي دمرت ٢٠٠ ألف هكتارًا من المحاصيل الزراعية هناك، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، فضلاً عن الصراع العسكري في تيجراي الذي يهدد بنزاع إقليمي طويل الأمد، في القرن الأفريقي.

 

وفي خضم تلك التحديات؛ فشلت مفاوضات سد النهضة في التوصل لصيغة مُرضية لأطراف الأزمة، خاصة فيما يتعلق بملء وتشغيل السد.

 

مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقول إن واشنطن اتخذت نهجًا قاسيًّا تجاه إثيوبيا بسبب تعنت الأخيرة في المفاوضات، لكنها أشارت إلى أن هذا النهج ربما يُعقد المفاوضات أكثر.

 

ويقول خبراء ومشرعون أمريكيون، إن تعليق المساعدات الأمريكية لم يأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها إثيوبيا ولا الظروف التي تعيشها المنطقة حاليًّا، ونظرًا لأن سد النهضة هو مشروع تموله إثيوبيا فإن قطع المساعدات في لحظة حرجة عندما تواجه البلاد بالفعل تحديات متعددة سيؤثر بشكل كبير على شعب إثيوبيا.

 

ويوضح الخبراء أنه باكتمال نحو ثلاثة أرباع السد، يجب على إثيوبيا ومصر والسودان العودة إلى طاولة المفاوضات لمتابعة اتفاقية تقاسم المياه طويلة الأجل، والعمل على إعادة المحادثات الجارية إلى مسارها الصحيح.

 

وترفض إثيوبيا الاعتراف بمعاهدات تقاسم المياه بين مصر والسودان الموقعة في عامي 1929 و1959، ونتيجة لذلك، أنشأت تلك الدول شراكة حكومية دولية في عام 1999.

 

وترى "فورين بوليسي" أنه بدلاً من توسط أمريكا لحل النزاع القائم اتخذت قرارًا بقطع المساعدات ما يهدد المباحثات الثلاثية، التي تبناها الاتحاد الإفريقي، إعمالاً بمبدأ "الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية" لمنع التدخل الخارجي في النزاعات والصراعات بالقارة.

 

وأوضحت المجلة الأمريكية أنه على الدول الثلاث الاعتراف بأن تقسيم موارد النيل ليس لعبة، وعليهم العمل على حل مرضي لجميع الأطراف، وأن تتدخل الولايات المتحدة كوسيط محايد دون المخاطرة بفقدان مصداقيتها كوسيط نزيه، خاصة بعد تصريحات الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في أكتوبر الماضي، التي قال فيها إن مصر قد "تفجر" السد إذا لم تجد حلاً لتلك الأزمة، ما جعل الخارجية الإثيوبية ترد بأن واشنطن "غير دبلوماسية" في جهودها لحل نزاع سد النهضة.

 

وأشارت المجلة، إلى أنه يمكن الاستفادة من التجربة الأمريكية المكسيكية بشأن حوض نهر كولورادو، لحل الخلاف القائم بين ثلاثي أزمة سد النهضة، كما يمكن أن تكمل هذه التجارب نصائح مجموعات الخبراء التي شكلتها إثيوبيا ومصر والسودان لتحليل احتمالات حدوث جفاف كبير وكيفية معالجته.

 

وأكدت على ضرورة تعاون الدبلوماسية الأمريكية مع الدول الثلاث لتخفيف المخاطر وتحسين القدرة على الصمود أمام التحديات، وتقديم دعم حقيقي لتسهيل التوصل إلى حل طويل الأمد للأزمة، مشيرًا إلى أهمية المساعدات الأمريكية لاقتصاد إثيوبيا.

 

وزعمت المجلة، أن الوساطة الأمريكية في سد النهضة ستساعد منطقة شرق أفريقيا بأكلمها، كما أن ابتعاد واشنطن عن التوسط في الأزمة، يهدد المنطقة بأسرها خاصة في ظل الصراع القائم في تيجراي.

 

وشددت على ضرورة توسيع نطاق المحادثات التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن نزاع سد النهضة للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء السد وتشغيله.

 

وأكدت أنه لا توجد طرق سلمية لحل نزاع سد النهضة إلا بالدبلوماسية والتعاون، وفي حين تتمتع دول الأزمة بعلاقات تاريخية بواشنطن وتطلعهم إلى العمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة فيمكنها التدخل كوسيط لحل الخلاف

 

هل فتحت إثيوبيا بوابات سد النهضة؟

 

أثير في الأيام السابقة، أنباء عن فتح أديس أبابا لبوابات سد النهضة، الأمر الذي نفاه الخبير المائي، الدكتور عباس شراقي، قائلا: إثيوبيا لم تفتح بوابات الجناح الأيمن لسد النهضة تمهيدا لتجفيف قمة الممر الأوسط، وفق روسيا اليوم.

 

وقال الخبير المائي إنه "لا صحة لما تناقل من أنباء منذ أيام قليلة عن فتح البوابات الأربع فى الجناح الأيمن لسد النهضة تمهيدا لتجفيف قمة الممر الأوسط والبدء في تعليته 30 مترا ليصل الى منسوب 595 مترا بتخزين إجمالي 18 مليار متر مكعب في الصيف القادم".

 

وأوضح الخبير أن الصور الفضائية (الأشعة تحت الحمراء) اليوم أظهرت استمرار تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط، وما زلت البوابات الأربع مغلقة منذ أول يوليو الماضي.

 

وأشار شراقي إلى أن "هذه المياه معظمها من بحيرة تانا ذات المخزون الدائم 30 مليار متر مكعب، والتى تبعد حوالى 900 كم نهري عن سد النهضة وتقع على ارتفاع 1800 متر بينما مستوى المياه فى سد النهضة حاليا عند منسوب 565 مترا، والمياه المنصرفة من تانا تبلغ سنويا حوالى أربعة مليارات متر مكعب (عشرة ملايين متر مكعب يوميا)".

 

ونوه الخبير إلى أن نصف هذه المياه يمر فى النيل الأزرق الرئيسي والنصف الآخر من خلال نفق مشروع تانا-بيليس الذى يصب فى بحيرة سد النهضة.

 

وأعار شراقي اهتماما إلى أن "الحكومة الإثيوبية أعلنت مؤخرا أن توليد الكهرباء سوف يتم فى يونيو القادم، وكان المفروض أن يتم هذا الصيف، فيما كان الجدول الزمني الأصلي صيف 2015 والانتهاء الكلي 2017، وقد يمتد التأخير أيضا اذا استمرت هذه الأوضاع".

 

وأكد الخبير أن "المنسوب الحالي لا يكفى لتوليد كهرباء، ولا يمكن تعلية الممر إلا بعد فتح البوابات وتجفيف السطح العلوى، وكان بامكان إثيوبيا فعل ذلك الشهر الماضي، إلا أن هذا لم يحدث، ومن المرجح أن لذلك أسباب عدة منها العملية العسكرية فى اقليم تغراي والتحركات المصرية في السودانيين والأزمات الاقتصادية فى إثيوبيا".

 

 

مقالات متعلقة