بعد عِقد من المفاوضات.. سد النهضة «محلك سر» وآمال معلقة على 2021 (فيديو)

سد النهضة الاثيوبي.. صورة ارشيفية

مع نهايات 2020 ترسم أثيويبا الآمال للتوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، وهي التي عرقلت كل المساعي التي دارت على مدى عقد كامل من السنوات، بإصرارها على موقفها بشأن قواعد ملء وتشغيل السد دون موافق مصر والسودان، فهل بالفعل تحمل الستة الأشهر المقبلة بارقة أمل في حل هذه الأزمة؟. 

 

فمنذ عام 2011 مرت مفاوضات سد النهضة بتقلبات كثيرة، وتعثرت المفاوضات مرارا وتكرارا، وخلال عام 2020 دارت جولات جديدة انتهت هي الأخرى بالفشل، وازدات تعقدا بعدما انتهت أثيوبيا من أولى مراحل ملء سد النهضة.

آمال الاتفاق

وفي الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات إلى طريق سد، لاسيما بعد انسحاب السودان بسبب عدم جدوى الاجتماعات، تأتي تصريحات السفير الأثيوبي بالقاهرة ليبعث بآمال جديدة حول التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، لتبقى الإجابة مخبأة بين ما ستحمله الأيام المقبلة.

 

وقال السفير الأثيوبي لدى القاهرة "ماركوس تيكلي" في مقابلة مع وكالة سبوتينك الروسية، إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة قبل موسم الأمطار المقبل، لافتا إلى أن المفاوضات الخاصة بالسد مع مصر والسودان وأثيوبيا قد توقفت مجددا الشهر الماضي بعد انسحاب السودان.

 

وأضاف السفير الأثيوبي، أن المباحثت تعثرت بسبب الخلافات حول الجدول الزمني لملء وتشغيل السد، مؤكدا أن أثيوبيا ستحتجز المياه للمرة الثانية لملء خزان السد. 

 

 

ووفقا لما نشرته وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية نقلا عن السفير الأثيوبي في القاهرة، فإن أثيوبيا احتجزت نحو 6 % فقط من المياه العام الماضي، وهو ما لا يعد ملء فعلي، لافتا إلى أن أثيوبيا تحتجز المياه فقط، وستواصل احتجاز المياه العام المقبل.

 

ولفت السفير الإثيوبي إلى أنه قدم توضيحا لوزير الخارجية المصري حول الأوضاع في إقليم تيغراي، وقال إن "القاهرة عبرت عن رغبتها في دعم السلام والاستقرار في إثيوبيا، بحيث تتمكن من التعاون حول السد ونهر النيل وفي العديد من الجوانب"، وذلك ردا على نزوج بعض اللاجئين الإثيوبيين إلى مصر إثر العمليات العسكرية في إقليم تيغراي.

 

توليد الكهرباء في 2021

 وبينما صرح السفير الأثيوبي بآماله في التوصل لاتفاق خلال الست أشهر المقبلة، كانت الحكومة الأثيوبية قد أعلنت أنها تنتوي توليد الكهرباء من سد النهضة في يونيو 2021 القادم.

 

تناقلت أنباء منذ أيام قليلة عن فتح البوابات الأربع فى الجناح الأيمن لسد النهضة، تمهيدا لتجفيف قمة الممر الأوسط والبدء فى تعليته 30 م ليصل إلى منسوب 595 م وتخزين إجمالى 18 مليار م3 فى الصيف القادم.

 

وأوضح الخبير المائي عباس الشراقي، أن الصور الفضائية (الأشعة تحت الحمراء) أظهرت استمرار تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط ومازلت البوابات الأربع مغلقة منذ أول يوليو الماضى، وهذه المياه معظمها من بحيرة تانا ذات المخزون الدائم 30 مليار متر مكعب، والتى تبعد حوالى 900 كم نهرى عن سد النهضة وتقع على ارتفاع 1800 م.

 

وأضاف شراقي، عبر صفحته على موقع فيس بوك، أن مستوى المياه فى سد النهضة حاليا عند منسوب 565م، والمياه المنصرفة من تانا تبلغ سنويا حوالى 4 مليار م3 (10 مليون متر مكعب يومياً) نصفها يمر فى النيل الأزرق الرئيسى والنصف الآخر من خلال نفق مشروع تانا-بيليس الذى يصب فى بحيرة سد النهضة.

 

محطات "النهضة" في 2020

واستهلت 2020 بإعلان فشل جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة كانت بوساطة من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، دارت في الأيام الأولى من يناير 2020، وذلك بسبب التعنت الأثيوبي وتقديمه صورة منافية تماما لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية.

 

وبحسب ما أعلنته وزارة الخارجية، في 10 يناير 2020، فقد فشل اجتماع وزراء خارجية مصر وأثيوبيا والسودان، بسبب مغالطات الجانب الأثيوبي المرفوضة جملة وتفصيلا من قبل الجانب المصري، إذ انطوى البيان الأثيوبي على تضليل متعمد وتشويه للحقائق.

 

وأضافت الخارجية أن أثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق، كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة، وذلك بما يخالف التزامات أثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها إعلان المباديء المبرم في 23 مارس 2015، واتفاقية 1902، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية.

 

وكان الطرح المصري، وفق بيان الخارجية، ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسط أو فوق المتوسط خلال فترة الملء، أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الأثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة".

 

نكسة "فبراير"

خاضت الدول الثلاث جولة أخرى من المفاوضات في منتصف فبراير 2020 برعاية واشنطن، إلا أن أثيوبيا غابت عن الجولة الأخيرة وهو ما وصفته إذاعة "صوت أمريكا" حينها بـ"النكسة".

 

فقد اعتذرت إثيوبيا عن المشاركة في الاجتماعات التي كان عقدها بالعاصمة الأمريكية بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر برعاية وزارة الخزانة الأمريكية لمناقشة وتوقيع المسودة الأمريكية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل سد النهضة". 

 

وأعلنت إثيوبيا أنها لن توقع على اتفاقية دولية لا يضمن إجازتها من قبل البرلمان المنتخب، وذلك لارتباط التوقيع بالأوضاع الداخلية في إثيوبيا التي تنتظر انتخابات برلمانية ورئاسية في أغسطس، ولتجنب تأثير التوقيع إيجاباً أو سلباً على حملة الرئيس أبي أحمد الانتخابية.

 

وقالت الخارجية المصرية إن الجانب الإثيوبي تغيب عن عمد عن جولة المفاوضات التى عقدت في واشنطن يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠، لإعاقة مسار المفاوضات.

 

 

وبعد فشل الوساطة الأمريكية تجمدت مفاوضات سد النهضة لشهور، حتى عادت مرة أخرى للطاولة في شهر يونيو 2020، بعد ضغط السودان لإعادة تنشيط المفاوضات الثلاثية المتوقفة.

 

تصعيد مصر إلى مجلس الأمن

وفي 19 يونيو 2020 أعلنت مصر تقديم طلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي، تدعوه للتدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث التفاوض بحسن نية تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.

 

مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي  

بعد تصعيد مصر الخطاب إلى مجلس الأمن، دخلت قضية سد النهضة جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد انعقاد قمة أفريقية مصغرة في نهاية يونيو 2020، اتفقت خلالها الدول الثلاث على العودة للتفاوض مرة أخرى، مع تعهد إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم مع مصر والسودان.

 

ولكن كغيرها من المفاوضات، لم تسفر اجتماعات 11 يوما من التباحث برعاية الاتحاد الأفريقي عن أي اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، بسبب استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.

 

فاجأة انتهاء أولى مراحل ملء السد

وعقب القمة الأفريقية المصغرة، بدت أثيوبيا تنقض العهد الذي لم يكن يلبث عليه سوى القليل، حيث أعلن وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، البدء في ملء سد النهضة، وذلك على الرغم من الرفض المصري، وعدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاثة حول القضايا الرئيسية المتعلقة بقواعد ملء وتشغيل السد.

 

ففي 15 يوليو 2020 أعلن التلفزيون الأثيوبي انتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، وذلك بعد ساعات من اختتام جولة المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي، والتي بدأت في 3 يوليو واستمرت 11 يومًا من التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، دون التوصل لاتفاق حول القضايا الرئيسية.

 

انسحاب مصر والسودان

وفي أغسطس 2020، أعلنت مصر والسودان الانسحاب من أحدث جولات مفاوضات سد النهضة، وهو ما أرجعه خبراء إلى إجراء مشاورات داخلية ودراسة اقتراح قدمته أديس أبابا بشأن ملء خزان السد، وبسبب عدم التزام أثيوبيا بالأجندة المتفق عليها.

 

تصريحات ترامب

ولنحو شهرين خيم الصمت على ملف سد النهضة الأثيوبي، بعد آخر اجتماع برعاية الاتحاد الأفريقي في أغسطس 2020، حتى جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحرك الماء الراكد في تلك القضية.

 

ووجه الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا شديد اللهجة لأديس أبابا خلال اتصال جمعه برئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، إذ أكد أن مصر قد "تُفجر سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق.

 

وقال ترامب: "لقد وجدتُ لهم اتّفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك، كان هذا خطأً كبيراً"، متابعا:"لن يَروا هذه الأموال أبداً ما لم يلتزموا هذا الاتّفاق" في إشارة لوقف واشنطن بعض مساعداتها لأديس أبابا".

 

تلك التصريحات أثارت غضب أثيوبيا، حيث أكدت رفضها لما وصفته بـ"التهديدات العدائية" مشددة على التزامها بمواصلة بناء سد النهضة والجهوزية للرد على كل اعتداء يمس سيادتها.

 

وفي 21 نوفمبر 2020 أعلنت السودان مقاطعة الاجتماع الوزاري حول سد النهضة، مؤكدة رفضها لاستمرار المفاوضات وفق النهج القديم، بعدما أثبتت عدم جدواها، داعية لمنح الوسطاء الأفارقة دورا أكبر لتقريب وجهات النظر.

مقالات متعلقة