شهدت التحقيقات في الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس الماضي، تطورا دراماتيكيا، بعدما أدعى قاضي التحقيق، اليوم الخميس، ضد رئيس الوزراء الحالي حسان دياب، وثلاثة وزراء من حلفاء حزب الله، بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، إن الوزراء المعنيين هم وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة والنقل الأسبقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، مشيراً إلى أن جلسات الاستجواب معهم كمدعى عليهم ستجري الأسبوع المقبل.
من جانبه، أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بيانا أكد فيه "أن رئيس الحكومة مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت. ويستغرب هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، وحسان دياب لن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت".
وأضاف دياب: "تبلغ المحقق العدلي القاضي فادي صوان جواب رئيس دياب على طلب الاستماع إلى إفادته، مؤكدا أنه رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان وتجاوز مجلس النواب، وأن الرئيس دياب قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر".
في المقابل، أصدر مجلس القضاء الأعلى في لبنان، بيانا أكد خلاله أنه "يهم المحقق العدلي التأكيد مجددا أن التحقيق يتم بدقة وتأن مع ما يتطلبه ذلك من احترام للأصول القانونية والعلمية التي تحكم هذا النوع من الجرائم، وعلى أن ما تتداوله وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات وتحليلات، هو في أحيان كثيرة غير صحيح وغير دقيق وغير مسند".
وأضاف البيان أن المحقق العدلي " قرر استجواب عدة أشخاص بصفة مدعى عليهم من بينهم: رئيس حكومة ووزراء وأحد رؤساء الأجهزة الأمنية، ووكيل بحري. كما قرر الاستماع إلى أحد المسؤولين العسكريين السابقين بصفة شاهد، واستمع الى أربعة شهود آخرين".
وتحقق السلطات اللبنانية في الانفجار الذي عزته إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات في المرفأ من دون إجراءات وقاية، وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.
وأسفر الانفجار في الرابع من أغسطس الماضي عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة 6500 شخص آخرين. كما استقالت حكومة دياب على خلفية الانفجار لكنّها لا تزال تصرّف الأعمال لعدم تشكيل حكومة جديدة إلى حدّ الآن.
وجاء قرار صوان "بعد التثبت من تلقيهم عدة مراسلات خطية تحذّرهم من المماطلة في إبقاء نترات الأمونيوم في حرم مرفأ بيروت، وعدم قيامهم بالإجراءات الواجب اتخاذها لتلافي الانفجار المدمّر وأضراره الهائلة".
ويعد المسؤولون الأربعة، أول سياسيين يدعي عليهم صوان في قضية المرفأ، والتي بموجبها تم توقيف 25 شخصاً على الأقل من كبار المسؤولين عن إدارة المرفأ وأمنه.
وأفاد المصدر القضائي أن المحقق العدلي "أطلع مكتب رئيس الحكومة حسان دياب على فحوى الادعاء، وأبلغه أنه سينتقل يوم الإثنين المقبل إلى السرايا الحكومي لاستجوابه كمدعى عليه". كما جرى تحديد جلسات تحقيق الأسبوع المقبل أيضاً لاستجواب الوزراء الثلاثة "كمدعى عليهم".
وكان صوان طلب الشهر الماضي من البرلمان التحقيق مع وزراء حاليين وسابقين للاشتباه بارتكابهم مخالفات أو جرائم على صلة بالانفجار بعد مطالعة أعدّتها النيابة العامة التمييزية ورأت فيها أنّ ملاحقة الوزراء على مخالفات أو جرائم محتملة ارتكبوها خلال تولّيهم مهامهم الوزارية تقع ضمن اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وأوضح المصدر القضائي أن صوان، وبعدما رفض البرلمان الاستجابة لطلبه، "ادعى على دياب والوزراء الثلاثة، بجرائم جزائية تقع ضمن صلاحيته واختصاصه، ومنفصلة عن المسؤولية السياسية التي طلب من مجلس النواب التحقيق بشأنها".
وتفرض واشنطن منذ اكتوبر عقوبات على خليل، الذي تولى وزارة المالية بين 2014 وبداية 2020 وهو أيضاً نائب عن حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، وفنيانوس الذي شغل وزارة الأشغال بين 2016 وبداية 2020 والمحسوب على تيار المردة، بتهمة دعمهما لحزب الله وضلوعهما في "الفساد".
ويأتي الإعلان عن قائمة الاتهام ضد دياب والوزراء الثلاثة بالتزامن مع الدعوات الداخلية والخارجية من أجل فتح تحقيق دولي لتحديد أسباب انفجار مرفأ بيروت، لا سيما بعد تأكيدات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة إجراء تحقيق دولي لكشف ملابسات الحادثة.