تنتاب العالم حالة من الهلع بعد إعلان أكثر من دولة عن اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا أشد خطورة وأسرع انتشارا، وهو ما قد يبدد الآمال التي علقها الكثيرون حول اللقاحات الحديثة ضد الفيروس، فما هي السلالة الجديدة، وهل تجدي معها اللقاحات الحالية نفعا؟.
ومنذ ظهور فيروس كورونا في ديسمبر 2019 في الصين تعرض أكثر من مرة للتحور، حسبما يؤكد علماء الأوبئة، إلا أن السلالة الجديدة ربما أكثر خطورة وانتشارا من سابقيها، وهو ما دفع بعض البلدان لتعليق الطيران من وإلى بريطانيا، وأخرى قررت غلق مجالها الجوي على نفسها.
وظهرت السلالة الجديدة في كل من "بريطانيا- الدنمارك- هولندا- بلجيكا"، ويرجح مسؤولون بوزارة الصحة احتمالية وجود السلالة الجديدة في مصر، ولكن لم يتم دراستها حتى الآن.
ما هي السلالة الجديدة؟
ويرجح علماء الأوبئة أن هناك ما لا يقل عن سبع مجموعات أو سلالات رئيسية من كوفيد-19، والأصلية هي التي اكتشفت في ووهان الصينية ديسمبر الماضي، ثم تحورت في بداية 2020، ومع نهاية العام الجاري شهدت تغييرات جديدة، أطلق عليها العلماء "في" و"جي".
واختلف العلماء في توقيت ظهور السلالة الجديدة، حيث رجح البعض أنها ظهرت أولا في بريطانيا في سبتمبر 2020، في حين قال آخرون إنها ظهرت في أمريكا الشمالية وامتدت عبر الحدود وانتقلت إلى آسيا وأفريقيا.
ووفقا للدكتور جوليان تانغ من جامعة ليستر، فإن هذه السلالة كانت تنتشر بشكل متقطع في وقت سابق من العام الحالي خارج المملكة المتحدة، في أستراليا بين يونيو ويوليو، والولايات المتحدة في يوليو وفي البرازيل في أبريل، لافتا إلى أن فيروسات كورونا تتحور طوال الوقت، وكلما ارتفع عدد الإصابات ارتفعت احتمالات التحور العشوائي للفيروس.
وتحمل السلالة الجديدة طفرة تسمى "إن501 واي" في بروتين "شويكة" فيروس كورونا، وهي موجودة على سطحها وتسمح لها بالالتصاق بالخلايا البشرية لاختراقها.
وبحسب المستشار العلمي للحكومة البريطانية باتريك فالانس، فإن السلالة الجديدة من فيروس كورونا أدت إلى زيادة حادة في الحالات المصابة، فيما أفاد كريس ويتي كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا في بيان، أن المجموعة الاستشارية لأخطار فيروسات الجهاز التنفسي الجديدة والناشئة تعتبر الآن هذه السلالة الجديدة قد تنتشر بشكل أسرع.
وأكد كريس ويتي، إن هناك 23 تغيرا مختلفا مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا، لافتا إلى أنه لا يوجد حتى الآن مؤشر عما إذا كانت السلالة الجديدة تسبب ارتفاع معدل الوفيات أم أنها أكثر انتشارا فقط، وفقا لما نقلته "سكاي نيوز".
ووفقا لتصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، فإن السلالة الجديدة VUI-202012/01، قد تكون أكثر قابلية للانتقال، بنسبة 70%، فيما أعلن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، خروج السلالة الجديدة من فيروس كورونا عن السيطرة".
ونقلت "سكاي نيوز" عن وزير الصحة البريطاني أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا من الصعب السيطرة عليها قبل توزيع اللقاحات على مستوى كبير، لافتا إلى أنه لابد من وضع حدا لتفشيها من خلال إجراءات التباعد الاجتماعي.
كيف ظهرت السلالة الجديدة؟
وعن كيفية ظهور السلالة الجديدة من فيروس كورونا، قال الدكتور ياسر الشربيني؛ أستاذ المناعة بجامعة نوتنجهام ترينت، إن السلالة الجديدة طورت نفسها داخل مريض ضعيف، حيث استمر الفيروس داخل المريض لفترة ونجح في تحسين نفسه، لافتا إلى أن السلالة الجديدة سريعة الانتشار ورفعت أعداد المصابين بشكل كبير.
وأضاف الشربيني، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج الحكاية المذاع عبر فضائية إم بي سي مصر، أن السلالة الجديدة تشكل نحو 80% من المصابين الجدد في جنوب انجلترا، مشيرا إلى أنه حتى الأن لا يمكن الجزم بشكل نهائي على قدرة اللقاحات على التصدي للسلالات الجديدة.
هل تستجيب للقاحات؟
وعن مدى فعالية اللقاحات التي توصلت إليها علماء بعدة دول مثل أمريكا والصين وألمانيا وروسيا، في القضاء على السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد، قالت هيئة "علم الجينوم" البريطانية، إنه يصعب التنبؤ حاليا إذا كانت ستستجيب أم لا، إلا أن الخوف يكمن في أن تؤدي التغييرات إلى فشل اللقاح.
في المقابل رأى الباحث في جامعة بولونيا فيديريكو جيورجي، أن العلاجات التي يجري تطويرها حاليا بما فيها اللقاحات قد تكون فعالة ضد جميع سلالات الفيروس التاجي بما فيها السلالة الجديدة.
من جانبها أعلنت الحكومة الألمانية، مساء الأحد، أن خبراء الاتحاد الأوروبي توصلوا إلى خلاصة مفادها أن اللقاحات الراهنة المضادة لفيروس كورونا، تستطيع مكافحة السلالة الجديدة التي جرى رصدها بشكل كبير، مؤخرا، في بريطانيا.
وأعلن وزير الصحة الألماني، اليوم، فعالية اللقاحات المتاحة حاليا إزاء الطفرة الجديدة، مؤكدا أنه لا تأثير للسلالة الجديدة من فيروس كورونا على اللقاحات التي لاتزال تعمل بفعالية ممتازة، وفقا لقوله.
وكان رئيس قسم الوقاية من الأمراض في وزارة الصحة الإيطالية جيوفاني ريتسا، قد أكد أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا تعمل بذات الكفاءة في الوقاية من السلالة الجديدة من فيروس كورونا.
السلالة الجديدة هل وصلت مصر؟
وفيما يتعلق بمدى انتشار السلالة الجديدة من فيروس كورونا في مصر من عدمه، رجح الدكتور محمد النادى، عضو اللجنة العلمية لمواجهة كورونا بوزارة الصحة، وجود السلالة الجديدة في مصر، وأنها تنتشر في أفريقيا حاليا.
وقال النادي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية، لميس الحديدي مقدمة برنامج كلمة أخيرة عبر فضائية أون :"لو عملنا دراسة هنلاقي هذه السلالة في مصر لأنها سريعة الانتشار، وقلنا من فترة إن المرض أصبح أشد ضراوة في الانتشار، ولكن ليس في مستوى الخطورة".
وواصل حديثه: "اعتقد السلالة الجديدة موجودة في مصر، وهذا تحت قيد الملاحظة وليس الدراسة" لافتا إلى أنه لم تُجر دراسات حتى الآن حول وجود السلالة الجديدة من كورونا في مصر، وإنما تحت الملاحظة من خلال مراقبة المرضى وسرعة الانتشار باعتبارهم مؤشرات عن وجود السلالة.
وحذر النادي من زيادة أعداد مرضى كورونا، وزيادة نسب الوفيات، مؤكدا أن الفيروس باتت مقدرته على الانتشار أكبر بكثير من الموجة الأولى، مستشهدا بارتفاع أعداد الإصابات في بريطانيا.
في سياق متصل قال الدكتور فايد عطية، الباحث في الفيروسات الطبية والمناعة بمدينة الأبحاث العلمية بمصر وكلية الطب جامعة شانتو بالصين، إن هناك إمكانية لانتقال السلالة الجديدة من فيروس كورونا عن طريق السفر والطيران، مشددا على ضرورة تطبيق إجراءات أكثر صرامة في المطارات وليس فقط الاكتفاء بقياس درجة الحرارة.
وقال الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن السلالة الجديدة حتى الآن لم يتم رصدها في مصر، لكن هناك إمكانية لظهورها خاصة وأنها سريعة الانتشار.