تصريحات جديدة للسيسي عن سد النهضة.. ماذا قال؟

السيسي

كشف الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن ثوابت الموقف المصرى، من حتمية بلورة اتفاق قانوني ملزم يضم مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن سد النهضة، مشددا فى الوقت ذاته على ضرورة أن يحفظ الاتفاق حقوق مصر المائية.

 

جاء الرئيس السيسي خلال اتصالاً هاتفية أجراها مع نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، فى وقت سابق اليوم السبت، بشأن مستجدات قضية سد النهضة الإثيوبي، في إطار المفاوضات الثلاثية ذات الصلة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي برئاسة جنوب إفريقيا.

 

وبحسب بيان رسمى صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، فإن الرئيس المصري تلقى اتصالا من رئيس جنوب إفريقيا، تناول التباحث وتبادل وجهات النظر بتلك القضية.

 

وأضاف أن السيسي أكد خلال الاتصال مجددا على "ثوابت موقف مصر من حتمية بلورة اتفاق قانوني ملزم يضم الدول الثلاث، اتفاق يحفظ حقوق مصر المائية، من خلال تحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وذلك على خلفية ما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لمصر وشعبها، معربا عن خالص التقدير لجهود الرئيس رامافوزا في هذا السياق".

 

من جانبه، أعرب رامافوزا عن تقديره لـ"جهود مصر" في إطار مسار المفاوضات بهدف الوصول إلى حل للقضية.

 

كما أكد استمرار التنسيق المكثف بين البلدين خلال الفترة المقبلة، "للعمل على الوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن هذه القضية الحيوية".

 

كانت مفاوضات سد النهضة مرت منذ عام 2011 بتقلبات كثيرة، وتعثرت المفاوضات مرارا وتكرارا، وخلال عام 2020 دارت جولات جديدة انتهت هي الأخرى بالفشل، وازدات تعقدا بعدما انتهت أثيوبيا من أولى مراحل ملء سد النهضة.

 

واستهلت 2020 بإعلان فشل جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة كانت بوساطة من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، دارت في الأيام الأولى من يناير 2020، وذلك بسبب التعنت الأثيوبي وتقديمه صورة منافية تماما لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية.

 

وبحسب ما أعلنته وزارة الخارجية، في 10 يناير 2020، فقد فشل اجتماع وزراء خارجية مصر وأثيوبيا والسودان، بسبب مغالطات الجانب الأثيوبي المرفوضة جملة وتفصيلا من قبل الجانب المصري، إذ انطوى البيان الأثيوبي على تضليل متعمد وتشويه للحقائق.

 

وأضافت الخارجية أن أثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق، كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة، وذلك بما يخالف التزامات أثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها إعلان المباديء المبرم في 23 مارس 2015، واتفاقية 1902، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية.

 

وكان الطرح المصري، وفق بيان الخارجية، ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسط أو فوق المتوسط خلال فترة الملء، أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الأثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة".

 

نكسة "فبراير"

خاضت الدول الثلاث جولة أخرى من المفاوضات في منتصف فبراير 2020 برعاية واشنطن، إلا أن أثيوبيا غابت عن الجولة الأخيرة وهو ما وصفته إذاعة "صوت أمريكا" حينها بـ"النكسة".

 

فقد اعتذرت إثيوبيا عن المشاركة في الاجتماعات التي كان عقدها بالعاصمة الأمريكية بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر برعاية وزارة الخزانة الأمريكية لمناقشة وتوقيع المسودة الأمريكية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل سد النهضة".

 

وأعلنت إثيوبيا أنها لن توقع على اتفاقية دولية لا يضمن إجازتها من قبل البرلمان المنتخب، وذلك لارتباط التوقيع بالأوضاع الداخلية في إثيوبيا التي تنتظر انتخابات برلمانية ورئاسية في أغسطس، ولتجنب تأثير التوقيع إيجاباً أو سلباً على حملة الرئيس أبي أحمد الانتخابية.

 

وقالت الخارجية المصرية إن الجانب الإثيوبي تغيب عن عمد عن جولة المفاوضات التى عقدت في واشنطن يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠، لإعاقة مسار المفاوضات.

 

وبعد فشل الوساطة الأمريكية تجمدت مفاوضات سد النهضة لشهور، حتى عادت مرة أخرى للطاولة في شهر يونيو 2020، بعد ضغط السودان لإعادة تنشيط المفاوضات الثلاثية المتوقفة.

 

تصعيد مصر إلى مجلس الأمن

وفي 19 يونيو 2020 أعلنت مصر تقديم طلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي، تدعوه للتدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث التفاوض بحسن نية تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.

 

مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي 

بعد تصعيد مصر الخطاب إلى مجلس الأمن، دخلت قضية سد النهضة جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد انعقاد قمة أفريقية مصغرة في نهاية يونيو 2020، اتفقت خلالها الدول الثلاث على العودة للتفاوض مرة أخرى، مع تعهد إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم مع مصر والسودان.

 

ولكن كغيرها من المفاوضات، لم تسفر اجتماعات 11 يوما من التباحث برعاية الاتحاد الأفريقي عن أي اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، بسبب استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.

 

وعقب القمة الأفريقية المصغرة، بدت أثيوبيا تنقض العهد الذي لم يكن يلبث عليه سوى القليل، حيث أعلن وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، البدء في ملء سد النهضة، وذلك على الرغم من الرفض المصري، وعدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاثة حول القضايا الرئيسية المتعلقة بقواعد ملء وتشغيل السد.

 

ففي 15 يوليو 2020 أعلن التلفزيون الأثيوبي انتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، وذلك بعد ساعات من اختتام جولة المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي، والتي بدأت في 3 يوليو واستمرت 11 يومًا من التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، دون التوصل لاتفاق حول القضايا الرئيسية.

 

انسحاب مصر والسودان

وفي أغسطس 2020، أعلنت مصر والسودان الانسحاب من أحدث جولات مفاوضات سد النهضة، وهو ما أرجعه خبراء إلى إجراء مشاورات داخلية ودراسة اقتراح قدمته أديس أبابا بشأن ملء خزان السد، وبسبب عدم التزام أثيوبيا بالأجندة المتفق عليها.

 

تصريحات ترامب

ولنحو شهرين خيم الصمت على ملف سد النهضة الأثيوبي، بعد آخر اجتماع برعاية الاتحاد الأفريقي في أغسطس 2020، حتى جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحرك الماء الراكد في تلك القضية.

 

ووجه الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا شديد اللهجة لأديس أبابا خلال اتصال جمعه برئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، إذ أكد أن مصر قد "تُفجر سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق.

 

وقال ترامب: "لقد وجدتُ لهم اتّفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك، كان هذا خطأً كبيراً"، متابعا:"لن يَروا هذه الأموال أبداً ما لم يلتزموا هذا الاتّفاق" في إشارة لوقف واشنطن بعض مساعداتها لأديس أبابا".

 

تلك التصريحات أثارت غضب أثيوبيا، حيث أكدت رفضها لما وصفته بـ"التهديدات العدائية" مشددة على التزامها بمواصلة بناء سد النهضة والجهوزية للرد على كل اعتداء يمس سيادتها.

 

وفي 21 نوفمبر 2020 أعلنت السودان مقاطعة الاجتماع الوزاري حول سد النهضة، مؤكدة رفضها لاستمرار المفاوضات وفق النهج القديم، بعدما أثبتت عدم جدواها، داعية لمنح الوسطاء الأفارقة دورا أكبر لتقريب وجهات النظر.

 

مقالات متعلقة