بعد الوصول لاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد بريكست، يأمل أنصار "البريكست" في تعزيز الروابط مع الولايات المتحدة، حيث بدا الرئيس دونالد ترامب الذي لا يؤمن بالمؤسسات متعددة الأطراف الشريك المثالي لهم، على عكس خلفه جو بايدن.
وفي يناير المقبل، تنتهي كل روابط بريطانيا مع التكتل المكون من 27 دولة، وسيكون عليها التعامل مع الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الذي يعطي الأولوية للاتحاد الأوروبي، ولا يشارك أنصار بريكست تطلعاتهم.
وسبق لبايدن، المنحدر من أصول إيرلندية، وثاني رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة، أن نبّه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لعدم تهديد السلام في إيرلندا الشمالية عبر فرض حدود صلبة بينها وبين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
ورغم طول أمد المفاوضات، توصلت المملكة المتحدة إلى اتفاق مع بروكسل لوضع ترتيبات خاصة بإيرلندا الشمالية، ما عده مراقبون علامة على تأثير انتخاب بايدن.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المحلل في منظمة "صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة" جايكوب كيركيغارد، قوله: "جرى التسليم في لندن بأن مسّ حدود إيرلندا الشمالية سيضر بالعلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".
وسعت حكومة جونسون المحافظة لتسليط الضوء على الملفات التي تتفق فيها مع بايدن، بينها محاربة التغيّر المناخي، وأعلنت زيادة تاريخية في الإنفاق العسكري.
.
ويعتبر كيركيغارد أن بريطانيا تأمل أن تكون شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة، لا سيما في ظل تصاعد التوتر مع الصين، لكن بايدن يمكن أن يجد قدرات مشابهة لدى الاتحاد الأوروبي الأوسع بكثير، حيث تمثل فرنسا فاعلا عسكريا أساسيا.
ويقدر أن "بريطانيا- بريكست جعلت نفسها شريكا جيدا، لكنها ليست شريكا له أهمية قصوى للولايات المتحدة".
بايدن محاط بمساعدين سابقين لباراك أوباما لم ينسوا تهكم جونسون عليه عام 2016 عندما قال، في تشابه مع ادعاءات اليمين المتطرف الأمريكي، إن للرئيس الأمريكي "نفورا موروثا" تجاه بريطانيا بسبب أصوله الكينية.
وسبق أن قال بايدن، وإن في سياق المزح، إن أصوله الإيرلندية تنفره من بريطانيا. وفي شريط فيديو انتشر بشكل كبير إثر انتخابه، يظهر بايدن وهو يمشي بينما يحاول صحفي من "بي بي سي" توجيه سؤال له، فقال "بي بي سي؟ أنا إيرلندي!" قبل أن يتوجه له بابتسامة ودية.
ويقول مدير برنامج أوروبا في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" إريك براتبيرغ، إنه "من الواضح أنه يوجد شعور لدى بعض المحيطين ببايدن بأن بريكست كان سياسة خاطئة تماما وأن رئيس الوزراء جونسون كان مقربا جدا من ترامب وبالتالي توجد حاجة لتخفيف العلاقة بعض الشيء".
لكن براتبيرغ يضيف أن بايدن يقر بأهمية العلاقة مع بريطانيا ولن يكون صورة معكوسة لترامب الذي خرق البروتوكول الدبلوماسي عبر التقليل من شأن قادة دول حليفة، خاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
واعتبر أن "مقاربة ترامب كانت ترتكز أكثر على تغذية الانقسامات داخل أوروبا، في حين يعتبر بايدن أن إرثه يجب أن يرتكز على محاولة معالجة بعض تلك الانقسامات".
وسارعت بريطانيا لإبرام اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة مع انسحابها من الاتحاد الأوروبي، لكن مشرعين من الحزب الديموقراطي الأمريكي الذي ينتمي له بايدن حذروا من أن ذلك لن يتم ما لم تحل مسألة الحدود في إيرلندا الشمالية.
وحتى مع حل المسألة، يمكن ألا يحظى أي اتفاق بموافقة شرائح واسعة من البريطانيين نظرا لانخفاض المعايير الأمريكية في مجال الأغذية الحيوانية على سبيل المثال.
أشار بايدن إلى أنه لن يعطي الأولوية لعقد اتفاقات تجارة جديدة.
وتقول الباحثة في منظمة "مجلس العلاقات الخارجية" جينيفر هيلمان إنه "سيكون من الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا أن تدخل الولايات المتحدة في اتفاق مع المملكة المتحدة" بالنظر إلى انتهاء سريان تفويض يمنحه الكونجرس للرئيس بعقد صفقات بسرعة في الأول من يوليو، رغم أنه يمكن تمديده.
مع ذلك قد يكون عام 2021 مثمرا بالنسبة لجونسون بالنظر إلى عقد مؤتمر أممي واسع حول المناخ في غلاسكو في نوفمبر، وقد تعهد مبعوث بايدن المستقبلي جون كيري بتشجيع اتخاذ خطوات كبيرة في الملف.
ورغم ارتباطاته بترامب، يدعم جونسون التحرك لمعالجة التغير المناخي ويرحب بالعودة الأمريكية المتوقعة للتعامل الدبلوماسي مع إيران والتنسيق الدولي في مواجهة كوفيد-19.