أوشك العام الأول لظهور فيروس كورونا المستجد، على الانقضاء، بعدما تسبب فى إصابة ٨٠٫٥ مليون مواطن حول العالم، مات منهم ١٫٧٦ مليون، بينما هناك ٤٥٫٥ مليون مواطن تم شفائهم.
فيروس كورونا هو وباء عالمي ظهر أول مرة فى مدينة ووهان الصينية، بعدها انتقل إلى شتى دول العالم ليثير حالة من الرعب بين البشر، ويكبد الدول خسائر اقتصادية فادحة، ويغير الكثير من العادات والأنماط التى كانت سائدة فى السابق.
وتتباين نظرة رجال الأديان فى العالم حول وباء كورونا، فبينما يراه البعض آية ربانية ظاهرها العذاب وباطنها الرحمة، يؤكد آخرون أنه عقابا من الطبيعة، بينما يشير فريق ثالث إلى أنه عقابا إلهيا لطائفة بعينها من البشر.
آية ربانية
البداية مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الذى يرى، أن وباء كورونا وغيره من الأوبئة؛ ليس عقابا من الله كما يزعم البعض، لكن يمكن القول بأنه آية من آيات الله مثل كل الكوارث الطبيعية، وأن كل هذا الكون، وكل مخلوق فيه، هو آية من آياته تعالى، يدعونا فيها للتفكير وإعادة النظر في أفعالنا وتصرفاتنا وعلاقتنا به سبحانه وتعالى وعلاقتنا ببعضنا البعض كبشر.
وأضاف الإمام الأكبر أن العالم اليوم مطالب بأن يعيد حساباته بعد هذه الكارثة، وبعدما استغلت ثروات العالم خلال العقود الماضية، واستنزفت جهود العلماء فى تطوير الأسلحة التى تقتل وتدمر، فى حين أنه لو أنفقت هذه الثروات الهائلة أو جزءا منها فى البحث العلمى الذى يخدم الإنسان، وفى تحسين الأوضاع الصحية للدول التى تعانى من المرض، لما وصلنا إلى هذا الوضع المتردى التى تقف فيه البشرية كلها عاجزة أمام هذا الفيروس.
وافقه الرأى الدكتور شوقى علام مفتي الجمهوري، الذى أشار إلى أن الأوبئة التي تصيب الأمة إنما هي رحمة من الله تعالى لهم، معتبرا أن كل ما يصيب الإنسان من المحن والشدائد والضيق ونحو ذلك، هو في حقيقته رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تصيبه.
وقال المفتي : "إن ابتلاء الله لعباده لا يحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع لانطوائه على أسرار غيبية وأحكام علوية لا يعلم حقيقتها إلا رب البرية، ولا ينبغي للإنسان أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء، لأنه لا يعلم حكمة البلاء، ولا يعني كنه أسراره، وأن تفقد الله تعالى للإنسان بالمصائب والابتلاءات إنما هو رحمة بهم.
وأشار شوقى علام إلى أن الجزم بأن الوباء عقاب من الله لا يصح، لأنه سبحانه لا تنفعه طاعة عباده ولا تضره معصيتهم، وأنى للخلق أن يتحملوا عقاب الله تعالى إذا أراده، بالإضافة إلى أن مثل هذه المحن والشدائد والأوبئة وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد السلف الصالح، ولم يتعاملوا معه على أنه عقاب من الله تعالى أو طرد من رحمته.
وأوضح مفتى الجمهورية أن فيروس كورونا الذي أصاب الناس، هو إن كان في ظاهره بلاء من الله، إلا أنه ليس عقابًا منه سبحانه كما يدّعي البعض، بل هو رحمة للمؤمنين وبشرى لهم، ونحن موقنون أن الله تعالى سيفرج الكروب وسيبقى الوطن محفوظًا بإذن الله من شر الأوبئة، خاصة بعد أن أدرك الناس خطر التجمعات وعرفوا الإجراءات الوقائية والتعليمات الصحية.
رسالة من الله
لم يختلف الأمر كثيراً عند قيادات الديانة المسيحية، حيث يعتبر البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن انتشار وباء فيروس كورونا في مختلف دول العالم، هو رسالة من الله إلى الإنسان.
وأشار البابا، إلى أن انتشار هذا الوباء رسالة لها جانبان، الأول أن الله يذكر الإنسان بأنه كائن ضعيف، فكلما كبر الإنسان فى نفسه نسي وجود الله، والثانية أن الله ينقذ البشر، وخصوصا في ما يخص علاقة الإنسان بخالقه.
وشدد على أن أمر كورونا كله فى يد الله، مشيرا إلى أن فيروس كورونا هو إنذار من الله إلى الإنسان الذى غرق فى عبادة شهواته.
عقاب الطبيعة
أما بابا الفاتيكان، فرانسيس الثاني، فقد فسر ظهور الوباء بشكل مختلف، وقال إن تفشي فيروس كورونا المستجد قد يكون إحدى «استجابات الطبيعة» للذين يتجاهلون العواقب الوخيمة لظاهرة تغير المناخ حول العالم.
وأشار البابا فرانسيس، فى تصريح له، إلى تعبير إسباني يقول "إن الله دائمًا يسامح، ونحن نسامح أحيانًا، لكن الطبيعة لا تسامح أبدًا".
إبادة الشواذ
بعض أتباع الديانة اليهودية، يرون أن كورونا هو عقاب أنزله الله على الشواذ جنسياً من البشر، ومن أصحاب هذا الرأي الحاخام الإسرائيلي "مندل كاسين"، الذى قال إن الله خلق فيروس كورونا كي يبيد الشواذ جنسيًا، الذين أفسدوا فطرة الإنسان.
وقال الحاخام، إنَّ الله خلق وباء كورونا بسبب اعتراضه على ذهاب الإنسان بعيدًا في مسألة حرية التعبير، لافتًا إلى أن الوباء هو "أداة إلهية للقضاء على مشكلات أساسية"، مثل اللوطية التي تعد "فسادًا كبيرًا لفطرة الإنسان".
وأضاف الحاخام: "الوباء في حدّ ذاته وسيلة لإسراع العملية المسيانية (ظهور المخلص) من خلال إزالة المشاكل الرئيسة هذه.. المشكلة الأولى هي أنّ الإنسان أفسد طبيعته. اليوم هناك كمية هائلة من الانحلال الأخلاقي في العالم. هذا أمر منتشر، ومن بين ذلك المثلية الجنسية والشذوذ وما إلى ذلك".
كارما سيئة
فيما عزا مرشد البوذية الروحي الدالاي لاما، انتشار وباء كورونا عالميا إلى أنه "نتيجة كارما سيئة تراكمت على البشرية"، داعيا في نفس الوقت الجميع إلى التحلي بالشجاعة في مكافحته.
وذكر أن أبهيدهارما وهي "التعاليم البوذية حول المنظومة الكونية" تقول بأنه سيكون هناك كالبا (حقبة) من الأسلحة، وحقبة من الأمراض وأخرى من الجوع.
وبين المرشد الروحي للديانة البوذية أن "هذا ما حدث في السنوات السابقة، الحرب العالمية الأولى، الحرب العالمية الثانية، والآن لا تزال تستخدم الأسلحة وتجلب الكثير من المشاكل. هذه الفترة يمكن أن تسمى كالبا من الأسلحة. الحقبة التالية هي عندما يواجه الناس صعوبات مالية وغيرها من الصعوبات المماثلة".