شهدت البورصة المصرية، عامًا صعبًا خلال 2020، حيث لم يكن عامًا جيدا للمستثمرين في الأسهم المصرية، إلا أن بعض المتخصصين يؤكدون أن هناك بارقة أمل في عام 2021.
ففي تقرير لوكالة بلومبرج، تساءل عن مدى سوء عام 2020 بالنسبة للبورصة المصرية؟.. وقال: إن مصر تتنافس مع كل من بلغاريا وكوستاريكا وموريشيوس وجامايكا على لقب أسوأ بورصة على مستوى العالم – إذ انخفض مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 بنسبة 23.1% منذ بداية العام حتى تاريخه.
ومن بين الأسواق الكبيرة التي يمكن الاستثمار بها، أدرج مؤشر مورنينج ستار البورصة المصرية كصاحبة ثالث أسوأ أداء على مستوى العالم بعد البرازيل وكولومبيا، ولكن تتقدم على كل من على المجر وبيرو.
وعلى مستوى المنطقة، جاءت بورصة الكويت للأوراق المالية (-12.6%) وسوق دبي المالي (-8.7%) في المركز التالي بين الأسواق الأسوأ أداء، وتراجع أيضا مؤشر ناسداك دبي بنحو 2.7%، في حين كان سوق الأسهم السعودية (+4.3%)، وبورصة أبو ظبي للأوراق المالية (+0.5%) كلها في طريقها لإنهاء العام في المنطقة الخضراء.
أما أفضل البورصات أداء على مستوى العالم، وفقا لبيانات جمعتها وكالة بلومبرج، فهي كما يلي: نيجيريا (+47.0%)، تلتها الدنمارك (+29.4%) وكوريا الجنوبية (+29.0%)، وتركيا (+27.2%)، وأيسلندا (+23.9%) والأرجنتين (+23.1%).
قد يكون تفشي جائحة "كوفيد-19" قد بدأ في الصين، ولكن هذا لم يمنع أسواق الأسهم الصينية من الارتفاع، إذ ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 11.6%، كما قفز مؤشر شينزين بنسبة 36.0% على مدار 2020.
فماذا حدث فى مصر؟ خرج الأجانب من السوق في بداية تفشي الوباء وظلوا خارج السوق إلى نهاية العام تقريبا.
ويتضح هذا عند النظر إلى ترتيب شركات الوساطة المالية: عادة ما تهيمن المجموعة المالية هيرميس (والتي تصل حصتها السوقية إلى منتصف العشرينات) وسي آي كابيتال على التداول في البورصة، وهما معا يسيطرون على نصيب الأسد من تدفقات المؤسسات الأجنبية إلى مصر. إلا أن هذا الأمر تحول خلال عام 2020.
وفي الشهر الماضي، سجلت المجموعة المالية حصة بلغت 17.4%، تلتها شركة فاروس (أقل بقليل من 6%)، ثم سي آي كابيتال وبلتون (كل منهما بحوالي 5%) وبايونيرز (ما يزيد قليلا عن 4%)
ولكن أحجام التداول كانت مرتفعة، أليس كذلك؟ نعم. في خريف 2019، تراوح إجمالي قيم التداول اليومية بالبورصة المصرية بين 400 و500 مليون جنيه.
أما في الخريف الماضي، كانت قيم التداول تزيد عن مليار جنيه في معظم الأيام – لكن المتداولين كانوا في معظمهم أفراد ومؤسسات محلية، وتوزعت الصفقات بين العشرات من شركات الوساطة الصغيرة التي تشبثت بتراخيصها لسنوات على الرغم من ضعف نشاط التداول. (هناك 130 شركة وساطة نشطة مسجلة بالبورصة المصرية ويصل هذا الرقم إلى 142 إذا ما أضفنا الشركات الموقوفة).
أين ذهب المستثمرون الأجانب؟ لقد انسحبوا من السوق – بل من جميع الأسواق الناشئة. كان مؤشر EGX30 منخفضا بنسبة 5.5% فقط حتى نهاية شهر فبراير الماضي – ثم جاءت موجة البيع المكثف التي شهدتها الأسواق الناشئة وتعرضت مصر لتأثيراتها مثل كل الأسواق الناشئة الأخرى.
وبحلول منتصف شهر مارس، كان المؤشر الرئيسي للبورصة قد انخفض بأكثر من 37% منذ بداية العام، وظل المستثمرون الأجانب في معظمهم على الهامش منذ ذلك الحين.
وكان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ من ذلك بكثير، إلا أن تدخل البنك المركزي بإطلاق برنامج لشراء الأسهم زاد من الإقبال المحلي على التداول في السوق وسط الأجواء القاتمة في ذلك الوقت. وسجل المستثمرون الأجانب صافي شراء العام الماضي، فيما سجلوا صافي بيع هذا العام.
وفي غضون ذلك، وفي الوقت الذي كانت في الأسواق الناشئة تنهار، قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتقديم الدعم للأسواق المالية في الولايات المتحدة. وساعدت تسهيلات إعادة الشراء والإقراض المباشر لشركات الأوراق المالية ومجموعة من عمليات السوق النشطة الأخرى في عودة السيولة مرة أخرى إلى السوق الأمريكية، مما يمنح المستثمرين فرصة لتحقيق عوائد أعلى مع مخاطر أقل.
شيء واحد ينتظره المستثمرون الأجانب والمحليون في عام 2021، وهو إدراج المزيد من الأسهم في السوق بعد عامين من تراجع تدفق الطروحات العام. وكان طرح أسهم شركتي راميدا للأدوية وفوري هما الوحيدان خلال عام 2019 بعد أن قامت شركة حسن علام القابضة وشركة الكربون القابضة بالتراجع عن طرحيهما اللذين كانا مترقبين بشدة.
كما تسبب الجدل الذي دار حول كيفية تعامل شركة بلتون مع طرح شركة ثروة كابيتال في البورصة المصرية في أواخر 2018 في تراجع العديد من الشركات التي كانت تفكر في طرح أسهمها للاكتتاب العام، كما أن برنامج الحكومة الخاص بالطروحات العامة بدأ متأخرا لأسباب محلية (مثل البيروقراطية)، كما كانت هناك عوامل أخرى عالمي (كالضغوط البيعية على الأسواق الناشئة).
وصرح رئيس البورصة محمد فريد في وقت سابق أن هنا 3 شركات تخطط لطرح أسهمها بالبورصة، كما أشار إلى اعتزام الحكومة طرح حصص بعدة شركات عامة.
جاءت بعد ذلك جائحة "كوفيد-19" لتقضي على خطط الاكتتابات العامة في البورصة، إذ تقرر تأجيل طروحات مهمة كانت منتظرة بشدة، مثل طرح بنك القاهرة، كما قررت الحكومة تجميد برنامج الطروحات العامة لحين إشعار آخر بسبب ظروف السوق "غير المواتية".
وتسببت الجائحة في تأجيل اثنين على الأقل من الطروحات العامة، ربما إلى الأبد: تخلت شركة النيل للطيران عن خططها لطرح حصة من أسهمها بالبورصة بعد انهيار قطاعي السياحة والطيران، وقالت مصادر إنه أصبح من المستبعد أن تقوم شركة القلعة بطرح حصة تتراوح ما بين 30% إلى 40% من شركتها التابعة "طاقة عربية" والذي كان مقررا في الربع الثاني من 2020.
وقيل أيضا أن شركة القلعة ستؤجل أيضا خطتها الخاصة بإدراج شركة التكرير العربية، الشركة الأم للشركة المصرية للتكرير، والتي تعرضت قوائمها المالية لضغوط بعد أن تسببت جائحة "كوفيد-19" في المزيد من التراجع في أسعار النفط.
كانت شركة إميرالد للاستثمار العقاري الوحيدة التي أدرجت أسهمها خلال عام 2020، من خلال طرح بقيمة 202 مليون جنيه، والذي قامت فيه الشركة الأم "أودن للاستثمارات المالية" بدور المستشار المالي، فيما قامت شركة مباشر بدور مدير الطرح.
الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن شركة سبيد ميديكال أصبحت أول شركة تنتقل من بورصة النيل الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة إلى السوق الرئيسية بالبورصة عبر إدراج أسهم زيادة رأس المال بقيمة 222 مليون جنيه في وقت سابق من هذا الشهر.
فكيف ستبدو عليه الأمور خلال عام 2021؟ تبدو الأمور مقنعة في السوق المصرية ولكن السؤال هو ماذا يمكن أن يحدث للأسواق العالمية. دعونا نتناول هذا الأمر بمزيد من التفصيل.
أولا: الأجانب يقولون إنهم سيعودون مجددا. وفي ذلك يقول رامي صيداني رئيس قطاع الاستثمار بالأسواق المبتدئة في شرودرز : "سيكون عام 2021 هو عام مصر، فنحن نعتقد أن الأمور في نصابها فيما يتعلق بنسب الفائدة المنخفضة لأدنى مستوياتها منذ 10 سنوات، مما سيشجع على الاستثمار ويحفز نمو الائتمان.
وكذلك من المتوقع أن تتعافى السياحة مع عودة الأمور في العالم لطبيعتها … كما أننا نتوقع أن تبدأ مصر في حصد ثمار استثمار الحكومة في ربط المدن وتطوير البنية التحتية". لمطالعة تصريحات صيداني كاملة من هنا. ومن المتوقع أيضا أن يقلل الاحتياطي الفيدرالي من دعمه للأسواق المالية لتجنب حدوث ضغوط تضخمية على الاقتصاد الأمريكي، وهو ما سيدفع المستثمرين للبحث عن عائدات مرتفعة في الأسواق وفئات الأصول الأخرى.
الشركات التي تدير الطروحات لديهم توقعات إيجابية لمصر خلال 2021، ومن بينها على الصعيد المحلي شركة فاروس القابضة أو على الصعيد الدولي رينيسانس كابيتال وكريدي سويس.
ثانيا: ترسل الحكومة بإشارات تفيد بإمكانية طرح حصص إضافية في شركات مدرجة، كشركات الإسكندرية لتداول الحاويات وأبو قير للأسمدة وسيدي كرير للبتروكيماويات. وهذه الطروحات واعدة بما يكفي لدرجة أن المؤسسات تراقبها عن كثب.
ثالثا: تعتبر خطط الطروحات "الفعلية" في البورصة المصرية جيدة كما كانت لسنوات.
إلا أن العديد من تلك الإعلانات عن طروحات تكون مجرد وسيلة دعائية وبعيدة تماما عن الواقع.
وحصلت 15 فقط من إجمالي 85 شركة مدرجة ضمن المتعقب الخاص بنا على تقييم 3 أو أكثر. وبخلاف الطروحات المذكورة أعلاه، نجد أن هناك خطط لطرح عدة شركات خلال 2021، وهي كما يلي:
- تعليم لخدمات الإدارة، حيث تخطط شركة سي آي كابيتال المالكة لها طرح 40% من أسهم شركتها التابعة في الربع الأول من العام القادم.
- التشخيص المتكاملة القابضة المدرجة في بورصة لندن، والتي تسعى للحصول على موافقة مساهميها للإدراج المزدوج في البورصة المصرية.
- جالينا القابضة، والتي تعتزم طرح حصة قدرها 49% من أسهمها بالبورصة مطلع العام المقبل. ويدير بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال الطرح المزمع.
- ابتكار للمدفوعات الإلكترونية، والتي تعتزم طرح حصة تتراوح بين 25-30% في البورصة خلال الربع الأول من 2021. وعينت المجموعة المالية هيرميس مستشارا ماليا للصفقة.
- إي فاينانس والتي أكدت جاهزيتها لطرح أسهمها بالبورصة في الربع الأول من 2021.