لا يعد عام 2020 مجرد عاما صعبا شهده لبنان، بل هو العام الأكثر صعوبة في تاريخ البلد العربي، إذ تألبت عليه الكوارث وطبقته السياسية وحتى بعض أبنائه.
فخلال العام الذي لم يتبق من عمره إلا ساعات، فقدت العملة الوطنية أربعمئة في المئة من قيمتها الشرائية، مع شح في العملة الصعبة في ضوء تفشي الفساد وإهدار المال العام، إلى جانب الضغوط الدولية والعربية على لبنان لمحاصرة "حزب الله" وتجفيف مصادر تمويله.
وشهد العام أيضا، انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع 209 قتلى وآلاف الجرحى ودمّر ثلث العاصمة، وكلما تقدّم التحقيق القضائي في الحادث انبرت المذهبية الى السطح لتحمي أي سياسي من أي شبهة عليه، في انفجار غير مسبوق تأكد أن وراءه رؤوسا كبيرة أكبر من أن يتحمّل البلد محاسبتها، بحسب "مونت كارلو".
كذلك انطفأ او يكاد الحراك الشعبي، بعدما أفلتت الأحزاب أنصارها للاعتداء على المحتجين، فهمدت الانتفاضة.
وبلغ الفراغ السياسي في ذروته في البلاد، منذ استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس، حيث يرفض المسؤولون الاتفاق على حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، من جراء تناتش الحقائب والحصص، فيما أفرغ مصرف لبنان خزانته من العملات الصعبة، ويوشك على الإفلاس رافضاً التدقيق في حساباته.
وسطت المصارف على ودائع اللبنانيين المقدّرة بمليارات الدولارات، وهرّبت قسما كبيراً منها الى الخارج كمكاسب لها.
وتفشّت السرقات من جرّاء الضائقة المعيشية، وبات عاديا ان يدخل شخص الى صيدلية ويشهر مسدسه من أجل الحصول على علبة Panadol أو حليب او حفاضات لأطفاله.وارتفعت أسعار السلع بلا أي رقابة فيما السياسيون يتفرّجون.
كذلك زادت جرائم القتل، وآخرها قبل ايام قليلة لشاب اغتيل بذريعة انه صوّر مرفأ بيروت إبان التحقيقات.
المبادرة الفرنسية التي حملت الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت مرتين في أغسطس تهاوت، بعدما تحقق ماكرون من أن الزعماء اللبنانيين لم يوفوا بتعهداتهم له بتأليف حكومة اختصاصيين ومباشرة إصلاحات بنيوية في الاقتصاد لقاء انتشال لبنان من القعر.
ويتحلل لبنان شيئا فشيئا وتتفكك كل مقومات دولته، بينما طبقته السياسية متماسكة متشبثة بالسلطة، ترفض الإصغاء الى شعبها، وتمعن في نهبه، وترفض محاسبة الفاسدين، وكذلك العثور على الجناة في جرائم ليس أقلها محاولة طمس انفجار مرفأ بيروت.