فيديو| بعد فشل الاتحاد الإفريقي.. هل هناك أمل جديد في نجاح مفاوضات سد النهضة؟

سد النهضة

من جديد دخلت المباحثات حول سد النهضة الإثيوبي، لدائرة مغلقة، بعدما أعلنت اليوم الاثنين، مصر والسودان عدم حدوث تقدم في جلسة المفاوضات التي دارت خلال اليومين الماضيين بين الدول الثلاث.

 

وعقب انتهاء المباجثات التي رعتها جنوب إفريقيا، وكان مصيرها الفشل، رفعت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا تقريرًا إلى رئيس دولتها «سيريل رامافوزا»، بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي، للنظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع هذه القضية في الفترة المقبلة بعد فشل مفاوضتها، معربة عن  أسفها لعدم تحقيق التقدم المأمول في المفاوضات.

 

وأكّدت مصر أنَّ الاجتماع أخفق في تحقيق أي تقدم بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية، حيث تمسك السودان بضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقي بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق حول السد.

 

وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا تأكيدًا على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً وأن خبراء الاتحاد الإفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود.

 

 

 

سيناريوهات دبلوماسية حال استمرار فشل التفاوض

 

بدورها أكدت وزارة الري المصرية، أنه لا تنازل عن حقوق مصر المائية في نهر النيل، مشددة أن هناك آليات وسيناريوهات للتعامل الدبلوماسي والسياسي مع سد النهضة، بعد فشل المفاوضات.

 

وأشارت الوزارة إلى أن القاهرة متمسكة بتوقيع اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد لكل الأطراف، وليس طرف بعينه.

 

لابد من تقديم مذكرة مشتركة للانتهاكات الإثيوبية

 

من جانبه علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على فشل المفاوضات، وقال إنه كان يجب على السودان التمسك بأن تكون شريكة مع مصر في صنع قرارات التشغيل خلال تلك المفاوضات سد النهضة وفق البند الخامس من إعلان المبادئ الموقع في مارس 2015، والذي ينص على «التعاون في الملء الأول وإدارة السد» وليس مستقبلا للبيانات، مشيرًا إلى أن فشل المفاوضات كان أمرًا متوقعًا.

 

وقال «شراقى» إن السودان طالبت في الشهور الماضية بضرورة تبادل معلومات تشغيل السد لضمان سلامة سد الروصيرص، فاستجابت إثيوبيا بالتأكيد على أنها تبحث عن آلية فعالة لتنفيذ هذا المطلب المتواضع على مائدة المفاوضات.

 

وأضاف «شراقى» أنه يجب على مصر والسودان الاكتفاء بالـ7 أشهر مفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقى، والتقدم بمذكرة مشتركة للاتحاد الإفريقي تتضمن الانتهاكات الإثيوبية لهذه الجولات التفاوضية ومنها اتخاذ قرارات منفردة وفرض سياسة الأمر الواقع بتخزين 5 مليارات متر مكعب في يوليو الماضي والإعلان عن عزمها على تخزين 13 مليار متر مكعب أخرى بنفس الطريقة في يوليو المقبل، بالإضافة إلى المطالبة بعدم تعلية الممر الأوسط للسد والذي يعد الخطوة الأولى في التخزين حتى وصول الدول الثلاث لاتفاق يرضي جميع الأطراف.

 

وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إلى أنه حان الوقت لتوحيد الرؤية المصرية- السودانية للتوجه إلى مجلس الأمن ومطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ أي تدابير من شأنها تعلية الممر الأوسط والتخزين للمرة الثانية، حتى يتم الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.

 

ماذا بعد فشل المفاوضات

 

وحول السيناريوهات المتوقعة المقبلة عبر فشل المفاوضات، توقع استاذ الموارد المائية عدة سيناريوهات هي أولاً: دعوة رئيس الاتحاد إلى عقد قمة مصغرة لإنقاذ المفاوضات بنهاية هذا الأسبوع.

 

ثانيًا: تلقي التقارير من وزيرة الخارجية والدول الثلاث واستهلاك الوقت حتى تسليم رئاسة الاتحاد إلى الكونغو الديمقراطية بداية فبراير، ثالثًا: كتابة تقرير عن سير المفاوضات وفشلها وتقديمه إلى مجلس الأمن لممارسة مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم.

 

 

ملء السد في يوليو كارثة

 

ويرى هاني رسلان مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، والخبير بالشؤون الأفريقية، أن سبب عدم حدوث أي تطور في المفاوضات  هو أن خبراء الاتحاد الإفريقي، ليسوا من ذوي التخصصات الرفيعة الفنية ذات الصلة بالسدود.

 

وقال رسلان في تصريحات صحفية، مساء اليوم الاثنين، إن موقف إثيوبيا المتعنت والملء الأحادي في يوليو المقبل، يعد كارثة كبرى.

 

وفيما يتعلق بدور الاتحاد الإفريقي في حل هذه الأزمة تحت رئاسة الكونغو خلال الفترة المقبلة، يرى رسلان أن الاتحاد الإفريقي غير مؤهل لذلك، مشيرًا إلى أن دعوة إثيوبيا إلى إيجاد حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية كانت تهدف بالأساس إلى تعطيل المفاوضات وسحب الملف من مجلس الأمن، لأن الاتحاد الإفريقي لا يملك "عصا ولا جزرة ولا خبرة" بحسب قوله.

 

وحول السيناريوهات المقبلة، يتوقع رسلان أن يتم إعطاء الكونغو فرصة لإيجاد حل بعد توليها رئاسة الاتحاد، ولكن القضية المثيرة للتساؤل هي هل ستنجح الكونغو في إقناع الإثيوبيين بتغيير موقفهم إذا أتت بمقترح جديد؟

 

وحول موقف الجانب السوداني، قال ياسر عباس وزير الري والموارد المائية السوداني، ، إن الخرطوم طلبت، خلال اجتماع أمس الأحد، تغيير منهجية التفاوض، وطريقته، وتوسيع دور الخبراء للحد الذي يمكنهم من لعب دور أساسي في تسهيل التفاوض وتقريب فجوة الخلاف.

 

تهديد مباشر لخزان الروصيرص 

 

وأضاف عباس: "لا يمكننا أن نستمر فى هذه الدورة المفرغة من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية؛ بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد مباشر لخزان الروصيرص، والذى تبلغ سعته التخزينية أقل من 10% من سعة سد النهضة، إذا تم الملء والتشغيل دون اتفاق وتبادل يومي للبيانات".

 

وأشار الوزير السوداني، إلى أن بلاده تقدمت باحتجاج شديد اللهجة لإثيوبيا والاتحاد الإفريقي، راعى المفاوضات، حول الخطاب الذى بعث به وزير الرى الإثيوبى للاتحاد والسودان ومصر فى الثامن من يناير الجارى والذى أعلن فيه عزم إثيوبيا على الاستمرار فى الملء للعام الثانى فى يوليو القادم بمقدار 13.5 مليار متر مكعب بغض النظر عن التوصل لاتفاق أو عدمه.

 

خيارات سودانية أخرى

 

بدوره أكد وزير الخارجية السوداني، عمر قمر الدين، أن بلاده لديها خيارات أخرى في ملف السد، حال لم تنجح الدورة الجديدة للاتحاد الأفريقي في رعاية جولة جديدة ومجدية من التفاوض بين الدول الثلاث.

 

وجاءت تصريحات عمر قمر الدين، الذي تحدث عقب اجتماعه، رفقة وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، برئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، حيث لم يذكر فيها، تفاصيل أخرى عن الخيارات المتاحة لبلاده في التعاطي مع سد النهضة.

 

 

عدم جدوى المفاوضات وراء مقاطعة السودان 

 

وقبل مفاوضات اليومين الماضيين، كان السودان قد قاطع منذ نوفمبر الماضي مفاوضات سد النهضة، احتجاجًا على عدم جدوى التفاوض بدون التوصل إلى توافق، واقترح منح دور لخبراء الاتحاد الأفريقي، لكنه شارك في آخر جلسة عقدت على مدار اليومين الماضيين، ليعلن بعدها فشل المفاوضات.

 

وأوضح قمر الدين أن سبب عودة السودان للمفاوضات، كانت علي أمل أن يكون هناك دور أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي عملاً بشعار الحلول الإفريقية لمشاكل القارة، وأن يساعد الاتحاد بشكل أكبر في إيجاد شروط لعمل الخبراء ومهامهم فيما يلي سد النهضة.

 

وأضاف أن السودان قدم اشتراطات لدولة جنوب أفريقيا، باعتبارها رئيس الاتحاد الأفريقي، للعودة لمفاوضات ذات جدوى، وأن السودان سيكون في عمل دؤوب لإيضاح رؤيته.

 

 

سد إثيوبي جديد على أحد روافد النيل الأزرق

 

تأتي هذه المفاوضات عقب قيام وزير الري والطاقة الإثيوبي سلشي  بقلي، ورئيس إقليم أمهرة، أول أمس السبت، بوضع حجر الأساس لسد "ياجِما ماتشاتشا" على أحد روافد النيل الأزرق، المورد الرئيسي لنهر النيل.

 

وتبلغ الطاقة التخزينية للسد الجديد 55 مليون متر مكعب، ومن المتوقع اكتمال بنائه في غضون 3 سنوات بتكلفة مالية تقدر بنحو 125 مليون دولار.

 

وقالت إثيوبيا، إن سبب بناء السد الجديد، باعتباره سيمكنها من تطوير 70 كيلومترا مربعا من الأراضي، وإفادة أكثر من 28 ألف أسرة، مربناء السدود حق طبيعي لها.

 

 

يذكر أن مصر والسودان وإثيوبيا تتفاوض منذ 10 سنوات حول بناء إثيوبيا سد النهضة بشكل أحادي بتكلفة 5 مليارات دولار، وبسعة تخزينية قدرت بـ74 مليار متر مكعب سنوياً؛ مما يؤثر على حصص مصر والسودان المائية من نهر النيل.

 

مقالات متعلقة