بالصور| بعد معاناة 6 سنوات لترك «السرير».. «محمد» يحول الحلم لحقيقة

فِراشُ لم يترُكه منذ أمدٍ بعيد.. وسقفٌ ظلت عينه مُعلقةٌ نحوه لوقت طويل، فبينما نخلد جميعًا إلى النوم ونستيقظ صباح كل يوم، لينطلق كل واحد منا نحو حلمه وننشغل في دوامة الحياة، كانت أقصى أماني ذاك الشاب العشريني أن يقوى على مغادرة سريره بنفسه دون معاونة من أحد، ورؤية شيء آخر غير سقف غرفته الذي بات يحفظه عن ظهر قلب..

 

 

هكذا بدا المشهد داخل  إحدى البنايات السكنية بمركز كفر صقر، التابع لمحافظة الشرقية، التي قضى بها هذا الشاب نحو 6 أعوام من عمره  مُمددًا على الفراش لا يمكنه التقلب عليه يمينًا أو يسار إلا بمعاونة أحدهم، ولكنه تمكن في نهاية المطاف وبعد محاولات تلو محاولات أن يحطم تلك القيود التي فرضتها عليه اعاقته الحركية نتيجة حادث سير تعرض له ذات يوم غير مجرى حياته..

 

فمن بيت إلى بيت بات صار يتنقل الآن بدراجته البخارية يوصل طلبات هذا وأغراض ذاك، ويقدم خدمة الشحن على الطاير ودفع الفواتير المختلفة لقاطني قريته وهم قابعون في منازلهم، في مشهد استحق أن يرفع له كل من حوله القبعة كونه لم يستسلم لفكرة اصابته..

 

 

"مصر العربية" تواصلت مع هذا الشاب ليروى لنا  قصة كفاحه مع إعاقته التي ألزمته الفراش إلى أن حقق  حلمه الكبير في الحركة بمفرده، والذي وثقه بعدسته كأحد أكبر الإنجازات التي وصل إليها بفضل عزيمته وتشجيع من جانب من حوله..

 

 

تعود بداية القصة  -حسبما روى لنا بطلها "محمد مشعل"-  لـعام 2012 حينما كان يبلغ من العمر 25 ربيعًا،  فبينما كان يستقلّ دراجة بخارية لزيارة أصدقاء له في قرية مجاورة وقع حادث أليم، تبدل بعده كل شيء..

 

يقول "محمد" لـ "مصر العربية": "كنت حينها مُنتهيًا لتوّي من فترة الجيش ودراستي بدبلوم التجارة، ومنطلقًا في الحياة مثل اي شاب يُخطط للعمل والزواج إلا أن الحادث الذي تعرضت له تسبب في شبه شلل رباعي لي، حيث اُصبت بكسر في الفقرة الـ 5 و6 مع قطع الحبل الشوكي". 

 

 

لم تكن الصدمة هينة على ذاك الشاب الذي كان يخطط لبدء حياته العملية ومستقلبه بعد سنوات تعليمه، ففجأة ودون سابق إنذار بات طريح الفراش لا يقوى على الحركة إلا بمعاونة من حوله، بالدرجة التي تسبب له الأمر في قرح  الفراش نتيجة فترة مكوثه في مكانه..

 

الصدمة مع الحالة النفسية السيئة التي مر بها عقب الحادث مباشرة لم تشل جسد "محمد" عن الحركة وحسب ولكن عقله أيضًا يقول: "كنت في البداية في حالة صدمة، كوني أصبحت في غضون لحظات مثل طفل صغير في كل شيء لا يقوى على فعل شيء،  ولكن مع الوقت وحديث أبي الدائم معي، بدأت أستعيد نفسي حيث كانت دائمًا يقول لي"إن رضيت أو لم ترض هو قضاء ربنا".. وبالفعل تقبلت مع الأمر". 

 

وتابع: "رغم تقبلي داخليًا للوضع إلا أن عقلي ظل يرفض فكرة بقائي هكذا، وكنت كل ما أريده  أن أقوى على المشي من جديد مثل الجميع.. ولكن مع بقائي لفترات طويلة بغرفتي بدأت في حفظ  القرآن، ومع الوقت صرت أخرج الشارع بكرسي كهربائي كل يومين أو ثلاثة التقي خلالها برفاقي". 

 

 

مع عزيمة وإصرار "محمد" بات يغادر سريره وينزل للعمل بمفرده دون معاونة من أحد كذي قبل، بعد قرر أن يتحدى إعاقته ويضرب بها عرض الحائط، يقول: " بدأت اعمل خدمة توصيل لاي مكان، ولأي شخص سواء محال الخضراوات أو لهؤلاء ممن يعملون بنظام البيع أون لاين أوصل طلباتهم للعملاء". 

 

 

أضاف: فعند وصولي أمام البيت  اطلب من الشخص الذي اوصل له طلبه أن يقوم بإنزال "السبت" أو يرسل لي احد ابناءه لعدم قدرتي على الصعود إليهم، بعضهم لا يمانع والبعض الآخر يتعجب وربما يتذمر حيث قالت لي ذات مرة احداهن: "باعتين حد مبيقدرش يطلع ليه؟!".. 

 

واستكمل: احيانًا أخرى حينما اوصل طلب لسيدة لديها أطفال صغار وليس لديها "سبت" لأضع لها حاجيتها، اطلب من اي شخص عابر أن يقوم باعطائها ما قمت بجلبه لها، وبالفعل يستجيبوا لي بكل ترحاب.

 

وثق "محمد" لحظات نجاحه تلك في الوصول لحمله بمغادرة فراشه بمفرده  إلا في أمور بسيطة، وبإتمام مشروعه "وصللي شكرًا"، من خلال مقطع مصور مدتهى 8 دقائق. 

 

يتمنى "محمد" أن يتم تقديم الدعم النفسي لمن هم في نفس حالته وأسوأ خاصًة الفتيات ممن  لا يراودهن على الإطلاق حلم مغادرة البيت خوفًا من نظرات من حولهن. 

 

مقالات متعلقة