صراع الحدود يؤجج توترات سد النهضة بين السودان وإثيوبيا

الصراع بين السودان وإثيوبيا على الحدود

يتصاعد التوتر بين السودان وإثيوبيا، في المناطق الحدودية المتاخمة بين البلدين، فثمة صراعات تاريخية، أشعلتها مجددا أزمات داخلية معقدة يعيشها سكان القطرين الأفريقيين.

 

وتشهد الحدود الشرقية للسودان مع إثيوبيا توترا متصاعدا منذ أكثر من شهرين على إثر هجمات نفذتها مجموعات إثيوبية مسلحة، وتقول أديس أبابا إنها مليشيات خارجة عن السيطرة. وأسفرت تلك التوترات عن عدة حوادث راح ضحيتها عدد من المدنيين والعسكريين السودانيين.

 

والاثنين الماضي، نفذت مجموعة إثيوبية مسلحة هجوما استهدف محلية القريشة بشرق السودان وراح ضحيته 5 سيدات وطفل، وفقد سيدتان، جميعهم سودانيون كانوا منهمكين في عمليات الحصاد.

 

وقال بيان لوزارة الخارجية السودانية إن الحادث وقع بالتحديد بين قريتي ليّة وكولي الواقعتين بمنطقة الفشقة على بعد 5 كيلومترات من الحدود مع إثيوبيا.

 

ويقول مراقبون ومحللون إن هنالك 3 سيناريوهات متوقعة لمستقبل الأزمة بين السودان وإثيوبيا وهي:

 

1. المواجهة العسكرية الشاملة أو المحدودة المتقطعة أو نجاح جهود قد يقوم بها وسطاء محتملون لنزع فتيل الأزمة أو التوصل إلى صيغة ما للاتفاق على ترسيم الحدود.

 

تصريح خطير  

وأعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان أن الخرطوم لن تسمح لإثيوبيا بفرض سياسة الأمر الواقع حول سد النهضة، في تطور وصفه مراقبون بـ"الخطير" وغير المسبوق، خاصة في ظل التطورات الأخيرة على حدود البلدين.

 

ويرى الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، أن السودان اكتشف عدم صحة وعود إثيوبيا بخصوص سد النهضة والزعم بأنه لا يسبب أضرارا للخرطوم.

 

وتساءل علام في تصريحات صحفية عن الأسباب التي دفعت الخرطوم لتغيير موقفها تجاه سد النهضة، قائلا: "كانت التصريحات الإثيوبية عبارة عن وعود بعدم تضرر السودان وهو ما لم يتحقق في أغسطس الماضي بعد تخزين إثيوبيا 5 مليارات متر مكعب في الملء الأول؛ ما نتج عنه اضطراب في توفير المياه بالمحطات وتأثر دورة عمل سد الروصيرص في السودان.

 

وأضاف وزير الري المصري الأسبق أن إثيوبيا دائمًا تطلق تصريحات هادئة تجاه السودان ولكن تفعل العكس، وتجلى هذا في حظر البيانات المتعلقة بالملء والتخزين وإنكار عملية الملء الأوّل، مشيرًا إلى أن  الصراع الحدودي كشف وجه أديس أبابا الحقيقي للأشقاء في السودان.

 

وأضاف أن القضايا لا تتجزأ ولا يمكن عدم الربط بين قضية الحدود وسد النهضة، لافتًا إلى أن السودان بدأ يغير نظرته وتعامله مع إثيوبيا بدون تحريض من القاهرة كما يدعي البعض، بل نظر إلى تعرض مصالحه ومصالح شعبه للخطر.

 

وأشار وزير الري الأسبق، إلى أن دعوة إثيوبيا لإعادة التفاوض حول أراضي الفشقة رغم وجود اتفاقية تحسم الأمر، جعل الأشقاء في السودان متشككين في التفاوض مع إثيوبيا حول القضايا الرئيسية وعلى رأسها سد النهضة.

 

سيناريوهات الأزمة  

2. ويتوقع الخبير الاستراتيجي أمين إسماعيل أن لا تخلو السيناريوهات المحتملة في أزمة السودان وإثيوبيا من الدخول في الحرب غير المباشرة أو حرب الاستنزاف التي يمكن أن تلجأ إليها إثيوبيا من خلال استخدام مجموعات مسلحة لشن عمليات موسمية أو اقتناع الطرفين بمواصلة الجهود لترسيم الحدود أو السيناريو الثالث المتمثل في حدوث اختراق من قبل وسطاء إقليميين أو دوليين.

 

3. غير أن ثمة سيناريو آخر وهو المواجهة المباشرة وذلك وفقا للتطورات والتداعيات المتجددة على الأرض والتي كان آخرها ما حدث خلال الأسبوع الماضي، والتي عكست نوعا من انسداد الأفق بين الجانبين إضافة إلى التباعد الواضح في المواقف بين البلدين، وفقا لـ سكاي نيوز عربية.

 

أما إبراهيم أيوب رئيس الدبلوماسية السوداني الأسبق، فيستبعد هذا السيناريو، ويقول إن كلا الطرفان يريد استخدام الازمة إلى ابعد حد ممكن لمواجهة الأزمات الداخلية المستفحلة.

 

ويحذر أيوب من التداعيات الخطيرة للتحشيد الشعبي الحاد الحالي والخطاب الإعلامي غير المنضبط الذي يمكن ان يلقي بظلال سالبة على العلاقة المستقبلية بين البلدين.

 

ويقول السودان إن إثيوبيا تمضي في سياسات فرض الأمر الواقع، حيث قامت بالملء الأول بلا مشاورات، وتتجه إلى الملء الثاني بلا اتفاق.

 

وفي 4 يناير الماضي أعلن السودان انسحابه رسميًا من المفاوضات نتيجة عدم جدية الجولات التفاوضية ومطالبتها بالدفع بالمراقبين الأفارقة واعطائهم صلاحيات أكبر.

 

ويرى الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والري، أن السودان واحدة من أكثر الدول تأثرًا بسد النهضة وهذا ظهر في تأثر سد الروصيرص والفيضانات التي ضربت البلاد بشكل عنيف، مشيرًا إلى أن انهيار سد بوط الذي يخزن 5 ملايين متر فقط، وتسبب في تدمير 600 منزل، وهنا تعالت أصوات الخبراء السودانين بضرورة التأكد من عدم حدوث هذا من سد النهضة الذي يحتوي على 5 مليار متر مكعب الآن.

 

وأضاف شراقي في تصريحات صحفية أن حدوث أنهيار كلي أو جزئي لسد النهضة سواء عن طريق العنصر البشري أو الطبيعة تعني غرق أجزاء واسعة من دولة السودان الشقيقة، لافتًا إلى أن إثيوبيا دائمًا تتراجع عن اتفاقياتها وهذا تجلى في الأحداث الأخيرة المتعلقة بمناطق الحدود.

 

وأشار شراقي، إلي أن أديس أبابا تجاهلت اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 2015، والذي ينص على أن يكون الملء والتخزين بالتوافق بين الدول الثلاث وهو ما لم تلتزم به إثيوبيا حتى الآن.

 

لا رغبة في الحرب  

تؤكد إثيوبيا حرصها على العلاقة مع السودان، مشددة على أنها تتحرك بقوة لإيجاد حل لأزمة الحدود بين البلدين.

 

وقال رئيس هيئة الأركان الإثيوبي برهانو جولا، إن إثيوبيا ليست بحاجة للحرب مع السودان بأي حال من الأحوال.

 

وأضاف أن هناك جهات تريد جرّ إثيوبيا لاتخاذ قرار خاطئ لمعاداة السودان، واصفا العلاقة بين البلدين بالمترابطة والتاريخية.

 

وكان جولا قد علّق السبت، على أنباء تحدثت عن اختراق مقاتلة إثيوبية أجواء السودان، قائلا إن ما تم تداوله من هذه الأخبار لا أساس له من الصحة، لافتا إلى أن "قواتنا الجوية لم تتجاوز حدودها قيد أنملة".

 

ومن جانبها قالت السلطات السودانية على لسان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، إنها لا تريد حربا مع الجارة إثيوبيا وليس لديها أي مصلحة في محاربة أي دولة من دول الجوار، مشددا على رغبته في التوصل لحدود تحفظ حقوق الطرفين، ويتم فيها وضع العلامات على الأرض.

مقالات متعلقة