في الساعات الأولى من كل صباح تستقبل "الست سامية" يومها الجديد بابتسامة وطاقة كبيرة تنسى معها إعاقتها التي أرهقتها، فتجدها بنشاط كبير وخفة تحمل الأنابيب وتنقلها من هنا لهناك وترفعها أعلى التروسيكل الذي قررت أن تقوده لتتنقل به بين البيوت في قريتها، ويكون بمثابة مصدر رزق لها، رغم أنه ليس ملكًا لها ولكنها تؤجره، لذا حلمت لو أنها يومًا تملكت واحدًا مثله خاصًة أن تلك الخطوة ستوفر عليها الكثير من المال..
بائعة الأنابيب التي خطفت أنظار الجميع، تدعى سامية عبد اللطيف غراب، هي ابنة قرية الظواهرية التابعة لرئاسة مركز ومدينة الحسينية، بمحافظة الشرقية وتعاني من إعاقة جسدية.
لم تنتظر تلك الفتاة الشرقاوية إعانة من أحد، حيث عقدت العزم وقررت أن تخلق لنفسها فرصة عمل تكسب منها قوت يومها، غير عابئة بتلك الاعاقة التي ولدت بها، بل إنها اختارت مهنة رآها البعض شاقة بالنسبة لها ولغيرها حيث كانت تحمل أنابيب الغاز لبيعها.
لم تجعل شيء يُعيق تنفيذ مشروعها الذي ولد صغيرًا بوضع القرش فوق القرش وصار مع الوقت يكبر، إلى أن ذاع صيتها، بعد خروج قصتها إلى النور..
ربما لم ترهقها إعاقتها قدر ذاك الإيجار التي تضطر لدفعه لاستئجار التروسيكل الذي يعد بمثابة ذراعها الأيمن في عملها كي تتنقل به من مكان إلى آخر، مؤكدة خلال لقاء تليفزيوني أن أمنيتها الوحيدة هي أن يأتي اليوم الذي تمتلك فيه واحدًا يرحمها من خسارة تلك الأموال التي تجنيها بعد شقاء كبير ويوم طويل، حيث يذهب جزءًا منها ليس بقليل لشخص آخر..
وصل صوت الفتاة المثابرة إلى مكتب محافظ الشرقية، وفي غضون ساعات قليلة أصبح الحلم حقيقة، وصار بين يديها تروسيكل يمكنها الخروج به كيفما تشاء دون أن تحمل كانت هم رفع أحدهم الإيجار عليها في اي وقت من الأوقات.
صاحبة الإرادة القوية والإعاقة الجسدية "نورت" مبنى محافظة الشرقية، بعد دعوتها من جانب الدكتور ممدوح غراب المحافظ، حيث كان في انتظارها مفاجأة سارة تمثلت في منحها تروسيكل لمساعدتها لإنهاء عملها، بدلًا من ذاك الذي تستأجره يوميًا لتستخدمه في توزيع وحمل أسطوانات الغاز.
وكلف المحافظ مدير مكتبه بسرعة إنهاء إجراءات ترخيص التروسيكل بالتنسيق مع إدارة المرور وتوفير كافة إحتياجات الفتاة، كما قرر صرف إعانه مالية عاجلة للفتاة لتعينها على مواجهة أعباء الحياة بالإضافة إلي حصولها على مساعدات مالية عاجلة من جمعية صناع الحياة ومؤسسة التكافل الاجتماعي.
أمطر جميع الحضور "سامية" بعبارات الثناء على ما تقوم به، بتحديها إعاقتها لكسب قوت يومها من عملها دون الاعتماد على أحد.