تعقد منظمة التجارة العالمية اجتماعا مهما في 15 فبراير الجاري، لاتخاذ قرار بشأن المدير العام القادم للمنظمة.
وقالت المنظمة في بيان: إن المجلس العام، وهو هيئتها العليا لصنع القرارات، سيجتمع لاتخاذ قرار بشأن اختيار النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويلا لشغل المنصب بعد أن تراجعت الولايات المتحدة عن معارضتها السابقة الأسبوع الماضي.
وإذا تم اختيارها للمنصب، ستصبح أوكونجو إيويلا أول شخصية أفريقية وأول امرأة تتولى قيادة المنظمة، وفقا لرويترز.
وبات الطريق أسهل أمام المرشحة النيجيرية بعد أن تخلت المرشحة الأخرى الوحيدة للمنصب وزيرة التجارة الكورية الجنوبية يو ميونغ هي رسميًا عن ترشحها.
وقالت وزارة التجارة الكورية الجنوبية في بيان الجمعة إن يو تشاورت مع الولايات المتحدة وعواصم أخرى و"قررت التخلي عن ترشيحها"، علمًا أن إدارة دونالد ترامب كانت الداعم الرئيسي لها.
ولكن دبلوماسيًا أوروبيًا مسؤولاً عن التجارة في جنيف قال لوكالة فرانس برس إن المرشحة النيجيرية "لن تُعين تلقائيًا.. الاختيار يتطلب التوافق، وهو ما يعني عمليًا أن تكون الولايات المتحدة ضمن التوافق"، مع الإشارة إلى أن انسحاب المرشحة الكورية الجنوبية يلمح إلى أن هذا ما يحدث.
ووصلت عملية تعيين خليفة للبرازيلي روبرتو أزيفيدو الذي غادر قبل عام من نهاية فترة ولايته لأسباب عائلية إلى طريق مسدود منذ الخريف.
ورجحت اللجنة المعنية بترتيب خلافته في 28 أكتوبر الماضي الحصول على توافق مع المرشحة النيجيرية التي تطلق على نفسها اسم الدكتورة نغوزي.
بالإضافة إلى كونها أول امرأة قد تترأس منظمة التجارة العالمية، ستكون أول مديرة عامة لها من أفريقيا.
لكن إدارة ترامب قطعت عليها الطريق ودعمت يو التي كانت أول وزيرة للتجارة في بلادها، متذرعة بأن لديها 25 عاماً من الخبرة في المجال.
وأدخل موقف إدارة ترامب العملية في طريق مسدود.
لم تعلن الدكتورة نغوزي النصر.. وقالت المتحدثة باسمها إنها تنتظر انتهاء عملية الاختيار، مشددة على أنه "يجب على منظمة التجارة العالمية أن تحول اهتمامها إلى جائحة كوفيد-19 وتعافي الاقتصاد العالمي".
من جانبه، رحب دبلوماسي أوروبي بالنبأ.. وقال لفرانس برس "نحيي روح المسؤولية وراء هذا القرار.. هذا خبر سار للتعددية.. ليس هناك ما يمنع الأعضاء من أن يعينوا بسرعة المرشحة النيجيرية الدكتورة نغوزي أوكونجو- إيويالا الفائزة في عملية الاختيار".
وشدد على أنه "بفضل حماسة مديرتها العامة الجديدة، ستتمكن منظمة التجارة العالمية من النظر في مفاوضاتها بشأن دعم قطاع صيد الأسماك والتحضير لمؤتمرها الوزاري الثاني عشر في عام 2021".
تأييد أمريكي
بعد أكثر من خمسة أشهر خلا فيها مقعد الرئاسة في منظمة التجارة العالمية، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً جو بايدن، تأييدها لترشيح النيجيرية نجوزي أوكونجو-أيويلا، التي اعترض على ترشيحها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبدعم أميركي، اقتربت أوكونجو-أيويلا، البالغة من العمر 66 عاماً، من الحصول على المنصب بصورة كبيرة، لتكون بذلك أول امرأة، وأول مواطن أفريقي، تترأس المنظمة الدولية، بعد ما يقرب من نصف قرن سيطر فيه الأوروبيون على المقعد الأهم فيها منذ تأسيسها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتم تداوله بين نيوزيلانده، ثم قارة آسيا، فأميركا اللاتينية، قبل أن يقترب من الوصول إلى النيجيرية التي تحمل أيضاً الجنسية الأميركية.
وكان رئيس المنظمة السابق روبرتو أزيفيدو قد ترك منصبه قبل انتهاء مدته بعام تقريباً، ليتم تسيير أمور التجارة الدولية في العالم بواسطة أربعة نواب للمدير العام من غير المنتخبين.
وقال مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة إن أوكونجو-أيويلا تجلب للمنظمة "ثروة من المعرفة في الاقتصاد والدبلوماسية الدولية"، مضيفاً أن لديها قدرات قيادية وخبرة واسعة في إدارة المنظمات الدولية الكبيرة ذات العضوية متنوعة الأصول، ومعرباً عن أمله في العمل مع المدير العام الجديد لإيجاد أرضية مشتركة يمكن من خلالها تحقيق الإصلاح المطلوب لمنظمة التجارة الدولية.
من هي إيويلا :
وجلست أوكونجو-أيويلا من قبل في مجالس إدارة بنك ستاندارد تشارترد البريطاني العريق، والشركة المالكة لموقع التواصل الاجتماعي تويتر، وأيضاً التحالف العالمي للقاحات والمناعة، المعروف اختصاراً باسم "GAVI".
أمضت أوكونجو-أيويلا 25 عاماً من حياتها العملية في البنك الدولي، وصلت في نهايتها إلى منصب العضو المنتدب للعمليات كاقتصادية متخصصة في التنمية، كما شغلت منصب وزير المالية في بلدها نيجيريا لفترتين، الأولى بين عامي 2003 – 2006 في فترة رئاسة أولوسيجون أوباسانجو، والثانية بين عامي 2011 – 2015، في فترة رئاسة جودلاك جوناثان، كانت فيهما أول أمرأة تصل للمنصب في بلدها، وأيضاً أول أمرأة تشغله مرتين. وخلال فترة وزارتها الأولى، اختيرت أوكونجو-أيويلا في عام 2005 بواسطة مجلة يوروموني كأفضل وزيرة مالية في العالم.
وبعد إتمام دراستها الثانوية في نيجيريا، انتقلت أوكونجو-أيويلا إلى الولايات المتحدة عام 1973، لتدرس وتحصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة هارفارد الشهيرة في عام 1976، ثم لتحصل على شهادة الدكتوراه بعدها بخمس سنوات في اقتصاديات المناطق والتنمية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أحد أهم وأشهر وأغلى الجامعات الأميركية، وهو ما أهلها بعد ذلك للحصول على زمالة "الرابطة الأميركية لسيدات الجامعة".
وإضافة إلى وزارة المالية، تولت أوكونجو-أيويلا أيضاً منصب وزير الخارجية في بلدها، وهو ما كان له دور كبير في نجاحها في المفاوضات مع نادي باريس في التوصل لاتفاق لإعفاء نيجيريا من مبلغ 30 مليار دولار من الديون، شملت الإلغاء الفوري لمبلغ 12 مليار دولار منها.
وفي عام 2003، قادت أوكونجو-أيويلا الجهود الرامية لتحسين إدارة الاقتصاد الكلي في بلدها، بما في ذلك تنفيذ قاعدة مالية قائمة على تحديد أسعار مرجعية للنفط الذي تنتجه البلاد، بحيث يتم الاحتفاظ بالإيرادات المتراكمة فوق السعر المرجعي في حساب خاص، أُطلق عليه اسم "حساب النفط الخام الزائد"، وهو ما ساهم في الحد من التأثير السلبي لتقلب الأسعار على مؤشرات الاقتصاد الكلي للبلاد. وساعدت أوكونجو-أيويلا بلادها في الحصول على أول تصنيف ائتماني للديون الحكومية النيجيرية من مؤسسات فيتش وستاندارد آند بورز في عام 2006.