مع قرب بدء الفصل الدراسي الثاني، تصاعد الحديث مجددًا عن مصاريف المدارس الخاصة في ظل قرارات التعلم عن بعد إثر فيروس كورونا، فبعض من أولياء الأمور يرون أنه ليس من الإنصاف دفعها كاملة في وقت لا يتوجّه فيه أبناؤهم لمدارسهم بصورة فعلية نتيجة جائحة ألزمت الجميع منازلهم.
وخلال تلك الأيام تنهال الرسائل على هواتف أولياء الأمور لدفع باقي الأقساط، قبل بدء الفصل الدراسي الثاني، جانب منهم توجه لسدادها وفريق آخر قرر أرجاءها على أمل صدور قرار من وزارة التربية والتعليم بتخفيض المصروفات.
صدمة بـ "زيادة جديدة"
ريهام إبراهيم؛ أم لطفل في الصف الأول الابتدائي بإحدى المدارس الخاصة في مدينة 6 أكتوبر، قالت لـ "مصر العربية"، حدث معنا عكس ما كنا نتوقع حيث قامت إدارة المدرسة بزيادة المصروفات 5 آلاف جنيهًا، فأصبحنا ندفع 25 ألفًا بدلًا من 20 ألفًا، رغم أننا في الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي لم نتلق الخدمة التعليمية نتيجة تعليق الدراسة بسبب كوفيد 19 ومع ذلك حصلت المدرسة على المصروفات كاملة مع بداية العام.
واستكملت: هناك حالة من الاستياء بين أولياء الأمور ممن اتبادل معهم أطراف الحديث، فنحن نرى أنه ليس منطقيًا دفع ذات المصروفات بل وزيادتها، في ظل تلك الظروف الاستثنائية التي أجبرت المدارس على أن يتم تقديم جانب من الخدمة عن بعد، وتقليص عدد أيام الذهاب إلى المدرسة، واضطرار المعلمين لضغط المناهج في أوقات حضور الطلاب، وقيامنا بدور المعلم مع صغارنا في أحيانًا كثيرة، ولكن ليس أمامنا خيار آخر غير الدفع.
"اتصالات مستمرة ورسائل لا تنقطع تطالب بسرعة التوجه لدفع المصروفات"؛ بتلك العبارة واصلت "ريهام" حديثها قائلة: أولياء الأمور أمامهم خيارين كلاهما مُر فإستلام الكتب المدرسية، وباسورد دخول المنصات الإلكترونية مرهون بدفع المصروفات، لذا امتثلنا لرغبتهم رغم عدم اقتناعنا بأنَّ آلاف الجنيهات التي نتكبدها تناسب الخدمة التي يتلقاها صغارنا خلال تلك الظروف الاستثنائية، فابني لم يمر عليه سوى 3 سنوات فقط في المدرسة وزادت المصروفات في كل عام، ففي البداية كانت 15 ألفًا ثم 20 ألفًا والآن 25 ألفًا، بينهم عامان في ظل جائحة كورونا.
حيل المدارس لتحصيل المصروفات
"عندنا أولياء الأمور مستقويين"؛ بتلك العبارة وصفت هبة.م، لـ "مصر العربية" الوضع في إحدى المدارس الخاصة بالمعادي التي تعمل بها معلمة لغة عربية، لافتًة إلى أن فريق من أولياء الأمور اتخذوا قرارًا جماعيًا فيما بينهم بعدم الإلتفات خلال هذه الأيام لنداءات المدرسة بسرعة دفع باقي الأقساط، لحين وضوح الرؤية خلال الأيام القادمة.
وتابعت: حالة الغضب لا آراها كما كانت العام الماضي، ولكن أريد القول أنه في الوقت نفسه هناك مدارس بدأت تتعامل مع الوضع بشكل يلزم ولي الأمر بالدفع، فبعضها يهدد بنقل الطالب لمدرسة حكومية أو تجريبية، وهو ما حدث مع طالبة متفوقة اعرفها بإحدى المدارس الخاصة بالتجمع، والبعض الآخر طالب أولياء الأمور ممن تخلفوا عن دفع مصروفات العام الماضي بدفع مصاريف العام الحالي كاملًة من البداية لقبول أولادهم.
وأضافت: أما المعلمين ممن يلحقون أبنائهم بذات المدرسة، فإنه يخصم من راتبهم قيمة المصروفات في حال التخلف عن دفع اي قسط من الأقساط، فضلًا عن ربط تسليم الكتب الدراسية وأرقام الجلوس بعملية الدفع.
الطرفين يستغلا أزمة كورونا
واستكملت: آرى أن هناك استغلال للموقف من كلا الطرفين؛ فبعض المدارس تريد تحصيل المصروفات كاملة دون تقديم الخدمة التعليمية عن بعد كما ينبغي أن يكون، فضلًا عن قيامها بتقليل رواتب المعلمين، وهنا تكون مطالب ولي الأمر بتخفيف المصاريف مشروعة، ولكن في الوقت ذاته يوجد مدارس أخرى لم تتوقف بل إنها تكبدت مجهودًا مضاعفًا وحملت المعلمين اعباءً إضافية للتأكد من وصول المعلومة كاملة للطالب سواء حضر أو كان يتلقى الخدمة التعليمية عن بُعد.
وتابعت: بالفعل هناك مدارس تفرض زيادة 7%، فشقيقتي دفعت لابنتها هذا العام في مدرسة خاصة عربي 10 آلاف جنيهًا بدلًا 9 آلاف.
خدمة أقل ومصاريف أعلى
"دينا" أم لطفلة بالصف الرابع الابتدائي، في إحدى المدارس الخاصة بالتجمع الخامس، تطاردها تلك الأيام رسائل من المدرسة تطالبها بضرورة دفع القسط الثاني، في وقت ترى فيه أنه كان من المفترض تخفيف المصروفات، نظرًا لعدم تلقي صغيرها خدمة تعليمية عن بعد كما ينبغي أن يكون، رغم أنها ليست معترضة على مصروفات نجلها بذات المدرسة حيث ترى أن الخدمة المقدمة له ولمن هم في باقي الصفوف فوق الممتازة، إلا من يدرسون في الصف الرابع الابتدائي.
تراجع أزمة المصروفات
أما ريم التي ألحقت صغيرتها بإحدى مدارس حدائق الأهرام وتدفع لها مصروفات في السنة بقيمة 10 آلاف جنيه، فترى أن الوضع هذا العام أفضل حالًا من السنة الماضية في ظل كورونا حتى الآن، ولكنها في الوقت ذاته تضطر لعمل جمعية لسداد أقساط ابنتها في مرحلة الكي جي، فليس أمامها خيار أفضل فباقي المدارس في محيطها أسعارها مبالغ فيها.
وتقول شقيقتها التي تعمل معلمة أن بعض أولياء الأمور اتخذوا قرارًا بعدم إرسال ابنائهم للمدرسة في الترم الثاني، توفيرًا لمصروفات باص المدرسة، قائلة: "كده كده معتمدين أنهم بيودهم الدروس".
رد رئيس جمعية المدارس الخاصة
بدوي علام، رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، علق على حالة الغضب التي انتابت بعض أولياء الأمور بسبب مصروفات تطلب منهم في ظل مصير مجهول للأشهر المقبلة، قائلًا: يجب أن يعلم أولياء الأمور أن وزارة التربية والتعليم هي من تحدد سياسة العام الدراسي.
وتابع خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي رامي رضوان مقدم برنامج مساء DMC: الأمر يختلف على حسب لائحة كل مدرسة، علمًا بوجود قرار وزاري ينظم عملية دفع المصروفات.
وفيما يتعلق بشكوى بعض أولياء الأمور ممن أشاروا إلى قيام مدارسهم بالتلويح بإجراء عقابي في حالة التأخر عن الدفع خلال شهر فبراير وبحد أقصى مارس المقبل؛ رد "علام" قائلًا: هذه علاقة تعاقدية بين الطرفين، وكل ولي أمر يعرف ميعاد دفع القسط الخاص به، لذا يجب عليه الالتزام.
وأضاف: أما في حالة تعثر اي أسرة عن الدفع كالعاملين على سبيل المثال في قطاع السياحة، فيمكنها حينها التوجه لإدارة المدرسة التي ستقوم بدورها بجدولة الأقساط وفقًا لظروفها.
ولفت إلى أن المشكلة تظهر حينما يتنصل غالبية أولياء الأمور في توقيت واحد من الدفع، قائلًا: هنا بالتأكيد المدرسة سترفض طلبهم، خاصًة أن كل ولي أمر الآن بات يتزعم مجموعة ويحرك دفة المشهد.
الوزير: العلاقة تعاقدية
على الجانب الآخر؛ علق وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، عند سؤاله حول استياء أولياء الأمور بسبب تحصيل المصروفات كاملة منهم في ظل جائحة كورونا، والتعليم عن بعد، قائلًا: "اتمنى عدم فتح هذا الملف، لأننا نعيش فيه السنة كلها، والعلاقة تعاقدية بين الطلاب والمدارس المختلفة".
ولفت وزير التربية والتعليم، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي يوسف الحسيني، مقدم برنامج التاسعة مساءً، إلى أن تعلم الطلاب عن بعد لا يعني بالتبعية أن المدرسة لا تقدم خدمة تعليمية لهم، مطالبًا بالتزام ولي الأمر بالتعاقد المبرم فيما بينه وبين المدرسة.
وأضاف وزير التعليم خلال مداخلة له مع الإعلامية لميس الحديدي: هذا الأمر يجب أن يُحسم بين ولي الأمر وبين المدرسة، ومن جانبنا نحن نحضر لمنظومة كبيرة للغاية لإعادة حوكمة كل التعليم بمصروفات سواء الخاص أو الدولي، وسيتم تطبيقه بداية من العام المقبل، لذا أطالب أولياء الأمور بالتعاون لعبور تلك المرحلة.
يبلغ إجمالي عدد المدارس الخاصة في مصر بحسب آخر احصائية رسمية نشرتها الحكومة المصرية في يوليو 2020 نحو 8 آلاف 597 مدرسة، علمًا بأنه في 2001 كان عددها 309 فقط في توسع واضح بها.
بداية الأزمة
أزمة المصروفات الدراسية أو تلك المتعلقة بباص المدرسة ليست وليدة اللحظة، ولكن المشكلة ظهرت منذ العام الماضي، تزامنًا مع ظهور جائحة كوفيد 19 وتعليق الدراسة، ثم باتت تتجدد مع كل فصل دراسي.
فبعد تعليق الدراسة العام الماضي نتيجة جائحة كورونا؛ وتصاعد حالة الغضب بين أولياء الأمور بسبب إلزام المدارس لهم بدفع المصروفات كاملة بما فيها تلك المتعلقة بباص المدرسة، أصدر جهاز حماية المستهلك قرارًا حينها يلزم المدارس الخاصة برد قيمة 25% من مصروفات خدمة نقل الطلاب المتعاقد عليها خلال العام الدراسي الماضي 2020 -2019.
وذلك عن طريق خصم تلك القيمة من مصروفات العام الدراسي الجديد 2020-2021، بالنسبة لطلاب سنوات النقل ممن ستستمر علاقتهم بالمؤسسة التعليمية مستمرة.
أما بشأن الطلاب الذين انتهت علاقتهم بالمؤسسة التعليمية خلال العام الدراسي المنصرم 2020-2019، فإن القرار ألزمها برد 25% من رسوم خدمة النقل خلال 30 يومًا من تاريخ تقديم الطالب أو ولي الأمر طلبًا برد تلك القيمة.
غرامة تصل لمليون جنيه
وحذر جهاز حماية المستهلك أصحاب المدارس المتخلفين عن رد القيمة المشار إليها في الموعد المحدد، ملوحًا بعقوبات بينها الإحالة لنيابة الشئون المالية والتجارية، ثم المحكمة الاقتصادية، حيث تصل عقوبات عدم التنفيذ إلى غرامة قيمتها مليون جنيه.
كم عدد الطلاب المتضررين حول العالم؟
يذكر أنه مع بداية جائحة كورونا؛ اتخذت العديد من البلدان حول العالم قرارات بتعليق الدراسة لمنع تفشي الوباء، سواء بصورة كلية أو جزئية، وفي هذا الصدد نشرت منظمة اليونسكو خريطة احصائية تفاعلية يمكن من خلالها معرفة تطور الوضع بمرور الوقت، للدخول عليها اضغط هنا
فبحسب آخر تحديث لها مطلع الشهر الجاري؛ فإن عدد الطلاب المتأثرون بجائحة كورونا حول العالم الآن يبلغ 221,964,329 شخص، بواقع 12.7% من واقع إجمالي عدد الدارسون المسجلون، لافتًة إلى وجود نحو 28 منطقة أقدمت على الإغلاق الكامل للمدارس.
فالخريطة التالية تُظهر البلدان التي لجأت لإغلاق المدارس سواء بصورة جزئية ومن بينها (مصر، استراليا، اندونسيا، ماليزيا، كازخستان، سوريا، إيران، عمان، العراق، الهند، نيبال، بولندا، كندا، أمريكا، بوليفيا، كولومبيا..).
أو لجأت للإغلاق الكامل لمدارسها مثل : (السعودية، الكونغو، زيمبابواي، مينامار، المكسيك، السودان، تشاد، رومانيا، ألمانيا)، -بحسب منظمة اليونسكو.
يذكر أنه كان مقررًا عودة الطلاب للمدارس والجامعات يوم 20 فبراير الجاري؛ بعد انتهاء عطلة منتصف العام، وكان في انتظارهم امتحانات الفصل الدراسي الأول التي تم إرجائها كإجراء احترازي في ظل فيروس كورونا، ولكن تزامنًا مع العودة، تم مد الأجازة أسبوع بعد خروج وزيرة الصحة لتشير إلى وجود توقعات بزيادة محتملة في الاصابات إبريل المقبل.
الجدير بالذكر أن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى أمس الثلاثاء، هو 175059 حالة من ضمنهم 135670 حالة تم شفاؤها، و10101 حالة وفاة.
الجدير بالذكر أن اجمالي الحالات المسجلة حول العالم -بحسب الموقع الاحصائي ورلد ميتر-، بلغت 110,245,161 حالة، بينهم 2,435,218 فارقوا الحياة و85,109,189 تعافوا.