ودعت مصر العالم الجليل شيخ المالكية بمصر والعالم الإسلامي فضيلة الدكتور أحمد طه ريان، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والذي وافته المنية أمس 17 فبراير 2021، عن عمر يناهز الـ82 عاما.
رحل الدكتور أحمد طه ريان عن عالما بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي، تاركا تراثا علميا عبر مسيرة سطعت شمسها بالعلم والتحقق والعطاء، فقد أفنى عمره بين كتبه وتلامذته، وأثرى المكتبة الإسلامية والأزهرية بالعلم النافع.
وُلد الدكتور أحمد طه ريان، في 10 فبراير 1939 في إحدى قرى مدينة الأقصر بصعيد مصر، وحفظ القرآن منذ صغره، وحصل على الشهادة الثانوية من معهد قنا الديني الأزهري ثم سافر إلى القاهرة ليدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر.
وحصل الدكتور أحمد طه ريان على الماجستير من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 1968، ودرجة أستاذ مساعد عام 1980، وأستاذ في الفقه المقارن عام 1985 من نفس الكلية، حتى تولى عمادة كلية الشريعة والقانون فرع الأزهر بأسيوط لمدة عام واحد.
وخلال مسيرته تقلد الدكتور أحمد طه الريان بعض المناصب خارج مصر، فقد تولى منصب نائب رئيس جامعة الأحقاف باليمن عام 1996 لمدة عامين، ثم عاد ليترأس لجنة موسوعة الفقه الإسلامي التابعة لوزارة الأوقاف منذ عام 2000 حتى عام 2004.
كما شغل الريان منصب وكيل كلية الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي، وأُعير إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة أم القرى وجامعة الأحقاف بحضر موت.
وسافر الدكتور أحمد طه ريان إلى العديد من البلدان، منها بنجلاديش وباكستان وتونس والأردن وأوزبكستان، في رحلات علمية ودورات شرعية في المراكز الإسلامية، كما ساهم في تأسيس مجمع فقهي تحت مسمى "مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية" لوضع قواعد لحل مشاكل الأقليات الإسلامية من النواحي الدينية.
هكذا كانت مسيرة الدكتور أحمد طه، حافلة بالعلم والعطاء حتى أدركه المرض في الفترة الأخيرة وخاض معه رحلة معاناة طويلة انتهت بوفاته يوم 17 فبراير 2021 بعد أيام قليلة من بداية عامه الثاني والثمانين.
وروى عنه أحد تلاميذه، أن الشيخ أحمد طه ريان، كان يذهب إلى الجامعة لاستلام الراتب وكان يأخذه بيد ويوزع ما شاء الله منه باليد الأخرى على فقراء العمال بالجامعة، وذلك قبل أن يخرج من بابها.
ومع تداول خبر وفاة الدكتور أحمد طه ريان، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعض القصص التي وردت عن شيخ المالكية، منها ما حدث إبان حكم الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك في عام 1996، حين سئل عن الفوائد والمعاملات البنكية وقال الشيخ إنها حرام واستدلل على ذلك بأدلة شرعية.
وحسب القصة المتداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فإن سبب سؤال الشيخ أحمد طه الريان عن الفوائد والمعاملات البنكية هو ترشحيه لمنصب مفتي الديار المصرية، ولكن حين أجاب بالتحريم تم استبعاده وتم تعيين الدكتور نصر فريد واصل.
ونعى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر، الدكتور أحمد طه ريان، قائلا :"إن العين لتدمع، وإن القلب ليخشع، وإنا على فراق العلماء لمحزونون، رحم الله العالم الجليل، المحقق الفقيه، شيخ شيوخ المالكية، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، الدكتور أحمد طه ريان، الذي عاش بين طلابه سمحًا معطاءً، وأفنى عمره بين كتبه وتلامذته، وأثرى المكتبة الإسلامية والأزهرية بالعلم النافع، فاللهم اجعل علمَه وعملَه شفيعين له".
وقال الطيب إن العالم الإسلامي فقد مصباحًا منيرًا من مصابيح العلم، وأن العالم الراحل لم يدخر جهدًا في خدمة الإسلام والمسلمين، تاركًا للمكتبة الأزهرية والإسلامية إرثًا كبيرًا في مجال الفقه الإسلامي ومسيرة علمية عامرة بالبذل والجهد والعطاء وخدمة رسالة الإسلام، وسيبقى بيننا بعلمه ومحاضراته ودروسه في رحاب الجامعالأزهر والجامعة والمحافل العلمية ينهل منها طلاب العلم.
وأضاف :"عاش عالمًا جليلًا، ودارسًا مُدققًا، وسمحًا كريمًا معطاءً بين طلابه وتلاميذه، فقد كان -رحمه الله- في دفاعه عن الشريعة يَصدَعُ بما يُؤمن به، ولا يخشى في قول الحق لومةَ لائم، عاش -رحمه الله- ومات في مكتبته، وأثرى المكتبة الأزهرية بالمؤلفات والأبحاث العلمية في الفقه والأصول والحديث الشريف".
كما نعاه الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلا :"رحل علما من أعلام أزهرنا الشريف وعالما من علماء هيئة كبار العلماء وهو فضيلة الدكتور أحمد طه ريان الفقيه المجتهد وشيخ علماء المالكية والذي كان صديقا حميما وزميلا كريما نحبه ونقدره".
وأضاف هاشم :"فلقد رحل بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي تاركا تراثا علميا عبر مسيرة سطعت شمسها بالهداية والموده والحب في الله اللهم انه نزل بك وانت خير منزول به فأبدله دارا خيرا من داره وانزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين واجعل قبره روضه من رياض الجنه وعزائي لاسرته وابنائه وتلاميذه واحبائه وإنالله وإنا اليه راجعون".
ومع ساعات صباح اليوم الخميس 18 فبراير 2021 شيع المئات من مدينة القرنة غربي محافظة الأقصر، جثمان الشيخ أحمد طه الريان، إلى مقابر العائلة بنجع البركة بمنطقي القبلي قامولا.
وكان المئات قد شيعوا جثمان الدكتور أحمد طه، أمس الأربعاء، بعدما أدوا صلاة الجنازة على الفقيد بالجامع الأزهر الشريف بالقاهرة، قبل أن تتحرك الجنازة إلى مدينة الأقصر مسقط رأسه، لدفنه بمقابر العائلة.