يعتبر فيلم "سول" من أفلام الرسوم المتحركة المختلفة التي قدمت مؤخرا، فهو ليس مجرد عملا للاستمتاع والضحك فقط بل يحتوي العمل على أسئلة عميقة تدور في نفوس ملايين البشر . في الآونة الأخيرة أصبح الكثير من الناس يحتاجون إلى التنمية البشرية من أجل فهم ذاتهم والوصول إلى أهدافهم. لكن السينما من خلال فيلم "سول" لعبت هذا الدور فالجمهور ليس متلقيا سلبيا في هذا العمل، فأي شخص يستطيع أن يجد نفسه في شخصية البطل "جو"؛ ليبدأ المشاهد في طرح التساؤلات على نفسه، مثل "ماهية السعادة ؟، كيف يمكن الوصول لها؟، وهل تتمحور الحياة حول شغف الإنسان"؟، هل أنا سعيد في حياتي"؟. عندما يقيدك الشغف "الشغف" مصطلح يبحث عنه الكثير من الناس فالبعض لا يعرف شغفه من الأساس ويحاول أن يجده والبعض الآخر يعرف شغفه ولكن لا يستطيع تحقيقه .
يأخذنا الفيلم في رحلة مع روح مدرس موسيقي يدعى "جو" كل حلمه هو ان يصبح عازفا لموسيقى الجاز في إحدى الفرق الموسيقية الشهيرة، فجو عاش طوال حياته يحلم بهذه اللحظة ولا يرى سواها، وعندما تأتي إليه يكون للقدر رأي آخر، حيث يتعرض لحادث ويدخل في غيبوبة. يكتشف المشاهد أن "جو" الذي عاش طوال حياته من أجل شغفه، لم يستمتع بحياته فهدفه جعله مقيدا، ولا يرى اي متعة في جوانب أخرى. رحلة روحية تبدأ فلسفة الفيلم في الظهور عندما تعلق روح "جو" بين الحياة والموت، وتحاول روحه أن تعود إلى جسده مرة أخرى، وأثناء هذه المحاولة يحدث خطأ يجعل روحه في جسد قط بينما جسده تسكن روحا أخرى . في هذه الرحلة يكتشف "جو" الكثير من الأشياء التي فاتته، فهو كان يظن أن صديقه الحلاق تعيس لأنه لم يحقق حلمه؛ لكن يكتشف أنه يعيش حياة سعيدة، ووالدته التي عاش طوال حياته يخاف من مواجهتها بحلمه أن يصبح عازفا، في لحظة المواجهة دعمته وساندته، وتأتي لحظة الاكتشاف الكبرى عندما يحقق حلمه أخيرا بالعزف لكنه لا يشعر بالسعادة التي كان ينتظرها طوال عمره. جدلية الرحلة بالرغم من أن الفيلم مميز على المستوى البصري والدرامي لأنه يجمع بين الكوميديا والمغامرة والفكرة، والمستوى التقني من موسيقى واصوات إلا أن رحلة "جو" بها جدلية حاولت "ديزني" تخطيها بعدم التعمق بها. فالمشاهد يواجه عالم غيبي مثل "عالم الموت"و"صائد الأرواح"، لكن الفيلم استطاع " تحييد" هذا العالم دون إعطائه طابع ديني ، وتم تصميم هذا العالم باللون الأزرق الذي لا يدل إلا على البرود . السعادة تكمن قيمة الفيلم في الرسالة الضمنية التي يطرحها وهو أن السعادة يمكن أن توجد في أبسط الأشياء والعيش لحظة بلحظة، فنحن يمكن أن نفوت الكثير من السعادة أثناء الجري وراء الأحلام. في كتاب So Good They Can't Ignore You: Why Skills Trump Passion in the Quest for ... يرى المؤلف أن نصيحة "اتبع شغفك" سيئة لانها تدعو كل انسان إلى أن بكتشف شغفه لكي يتبعه وأنه لن يستطيع التميز والنجاح إلا في شئ يحبه وشغوف فيه وهذا غير صحيح . رسوم متحركة للكبار استطاع "روح" أن يقدم فيلم رسوم متحركة يناسب الكبار أكثر من الصغار، فاختيار الرسوم المتحركة لتقديم هذه الفكرة يجعلها تلامس روح الكبار أكثر وذلك بسبب حنينهم دائما لروح الطفوله وحياتهم البسيطة. ويقوم بالأداء الصوتي في الفيلم النجوم: تينا فاي، جيمي فوكس، جون راتزينبرجر، ديفد ديجز، وعرض الفيلم لأول مرة في مهرجان لندن السينمائي في 11 أكتوبر، وهو من إخراج بيت دوكتر بالتعاون مع كيمب باورز وتأليف دوكتير وباورز ومايك جونز. الفيلم ينافس على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة في جولدن جلوب ، فضلا عن عن أفضل موسيقى تصويرية. كما وصل إلى القائمة القصيرة لترشيحات الأوسكار عن فئة أفضل أغنية أصلية، وأفضل موسيقى تصويرية.