أكد وزير الخارجية سامح شكري على تأييد مصر مقترح السودان الخاص بتشكيل رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتوسط في المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي.
وقال شكري، خلال استقباله منسق خلية العمل المعنية برئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية للاتحاد الأفريقي ألفونس نتومبا أمس، إن مصر تتطلع إلى الدور المهم الذي تستطيع الكونغو الديمقراطية الاضطلاع به من أجل المساعدة على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وفقا لبيان وزارة الخارجية.
من جانبه، أعرب وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، خلال استقباله لنتومبا عن رغبة مصر في استكمال المفاوضات بشأن السد، كما أكد على السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم ويراعي مصالح الدول الثلاث فيما يتعلق بملء وتشغيل السد.
تعثرت المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي عدة مرات منذ العام الماضي، بعد أن فشل وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى اتفاق حول الآلية الخاصة بقواعد ملء وتشغيل السد.
وأعلن السودان انسحابه من المفاوضات الشهر الماضي، والتي كان من المقرر أن تتفق الدول الثلاث خلالها على منهجية استكمال المفاوضات، إذ أصر على ضرورة أن يكون هناك دور أكبر للاتحاد الأفريقي، كما وصف الطريقة المتبعة في المفاوضات بـ "غير المجدية".
دائرة مغلقة
لا تزال أزمة سد النهضة تدور في دائرة مغلقة، ما بين مساعي العودة للمفاوضات والوساطة الدولية، وما بين التعنت الإثيوبي بالإصرار على الملء الثاني للسد رغم عدم التوصل لاتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث أطراف النزاع "مصر وإثيوبيا والسودان".
ووصل العمل بالسد، الذي بدأ في عام 2011 ، إلى نقطة فارقة في يوليو 2020 عندما بدأت إثيوبيا في ملء خزانها، مرورا بالمشاكل الفنية التي تواجه البناء الضخم، وصولا إلى تحديد موعد الملء الثاني في يوليو 2021.
وعلى مدى 10 سنوات باءت كافة المفاوضات حول أزمة سد النهضة بالفشل، حتى بعد تدخل الاتحاد الأفريقي على خط المفاوضات لم تأت جولات عديدة من المفاوضات بأي ثمار حتى أعلنت السودان الانسحاب، ولكن كيف سيكون مصير السد في ظل الرفض المصري والسوداني للملء الثاني الذي تستعد له إثيوبيا في يوليو المقبل؟.
الرباعية الدولية للوساطة
ومع فشل المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود، طالب السودان بدور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي، ولكن يبدو أنها لم تعد تتمسك بهذا الشرط، إذ أقرت لجنة سودانية عليا مقترحا بتحويل آلية المفاوضات الحالية لمسار رباعي يمثل فيه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ويتضمن المقترح السوداني أن تلعب الأطراف الأربعة "الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة"، دور الوسيط في المفاوضات بدلا من الاكتفاء بدور المراقبين، وفقا لما نقلته "سكاي نيوز".
مصر تدعم "الرباعية"
هذا المقترح السوداني لقى دعما من وزارة الخارجية المصرية، التي أبدت تأييدها لتطوير آلية مفاوضات سد النهضة عبر رباعية الاتحاد الأفريقى والأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية للتوسط فى المفاوضات برئاسة الاتحاد الأفريقي.
ومن جانبه قال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير سامح شكري أكد للوفد الكونغولي الذي التقى به مساء أمس الأربعاء، تأييد مصر لتطوير آلية مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في المفاوضات تحت رعاية وإشراف الرئيس "فيليكس تشيسيكيدي".
وأوضح حافظ، في بيان رسمي، أن الهدف من تأييد مقترح "الرباعية الدولية"، هو دفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة.
واستقبل وزير الخارجية سامح شكري، البروفيسور "ألفونس نتومبا" منسق خلية العمل المعنية برئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية للاتحاد الأفريقي، وتناول الحديث آخر التطورات الخاصة بملف سد النهضة وأبعاده المختلفة، أخذاً في الاعتبار رعاية الاتحاد الأفريقي لمسار المفاوضات.
وأشار حافظ إلى تأكيد وزير الخارجية خلال اللقاء على تقدير مصر الكبير للمساعي الكونغولية في هذا الصدد، موضحاً تطلعها إلى الدور الهام الذي تستطيع الكونغو الاضطلاع به من أجل المساعدة على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث.
تصعيد إثيوبي
وفي الوقت الذي تبحث فيه كل من مصر والسودان عن إيجاد وساطة لحل أزمة سد النهضة، تخرج إثيوبيا بتصعيد جديد بإعلان إصرارها على المضي قدما في التعبئة الثانية لسد النهضة، وتؤكد أن هذه الخطوة لا علاقة لها بالمفاوضات.
وقال إبراهيم إدريس، المستشار القانوني بوزارة الخارجية الإثيوبية، إن بلاده ستمضي في بناء سد النهضة والتعبئة الثانية في موعدها المقرر يوليو المقبل، مؤكدا أن موعد الملء لا علاقة له بالمفاوضات.
ويبرر المستشار القانوني بالخارجية الإثيوبي ذلك بأن من حق بلاده بناء السد وفقا لوثيقة وقعتها مصر وإثيوبيا والسودان تحت عنوان "إعلان المبادئ" في عام 2015، وأن هذه التعبئة بعيدة عن المفاوضات الجارية أو المقبلة بين الدول الثلاث.
وفي المقابل ترفض مصر والسودان بشدة الملء الأحادي لسد النهضة، وتشترط التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم للبلدان الثلاثة أولا، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا وتصفه بـ"غير المقبول"، وتعتزم الملء بشكل أحادي رغم اعتراض مصر والسودان.
وأمام التعنت الأثيوبي أكد وزير الري والموارد المائية السودانية أن إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد في يوليو المقبل يشكل تهديدا مباشرا لتشغيل سد الروصيرص السوداني، ويؤثر على مشاريع الري ومحطات مياه الشرب الواقعة على النيل الأزرق.
كما حذر الوزير السوداني مجددا من مخاطر سد النهضة على نحو 20 مليون مواطن سوداني يهددهم الملء الأحادي للسد، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية، سونا، مشددا أن الملء الثاني يمثل تهديدا خطيرا على الأمن القومي السوداني.
وأشار إلى أن وزارة الري السودانية اتخذت عدة احتياطات فنية ودبلوماسية لمجابهة احتمالات ملء سد النهضة، لافتا إلى تحرك بلاده بنشاط كبير لتقوية وساطة الاتحاد الأفريقي، وإشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا بصفتهم وسطاء في أزمة سد النهضة.