"لو سمحت عايزة3 تذاكر" هذه الكلمات التي جرت على لسان فتاة عشرينية بثقة كبيرة عند شباك تذاكر أحد السينمات، لم تمر دقائق حتى تحول الموقف إلى حالة من الارتباك بعدما اكتشفت أن سعر التذكرة قارب على 100جنيه مصري.
وأثناء محاولات البحث عن باقي سعر التذاكر في حقائب المجموعة، بدأ السؤال يتردد بينهم.. هل نشاهد الفيلم ؟ أم نتراجع؟.
هذا المشهد الذي وقع أمام عيني منذ أيام كان كفيلا بطرح الكثير من الأسئلة حول "فسحة" السينما التقليدية والمعروفة في السنوات الأخيرة، وهل أصبحت مكلفة للعائلات في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم بسبب فيروس كورونا؟
كم تكلفك خروجة السينما؟
بعملية حسابية بسيطة يمكن أن نقدر سعر فسحة دخول السينما في أي مول بمصر، ونجد أن أقل سعر تذكرة في الحفلات التي تلقى إقبالا جماهيريا عاليا مثل حفلات الساعة السادسة والتاسعة، يدفع فيها الفرد 70 جنيها من أجل المشاهدة فقط، وإذا قرر أن يحضر بعض الفشار ستصل التكلفة لـ100 جنيه، أي أن الأسرة المكونة من 3 أفراد على الأقل ستدفع 300 جنيه .
مع العلم أن الكثير من السينمات يصل سعر التذكرة فيها ما بين 90 جنيها و 110 جنيها، أما الحفلات الصباحية فهي أقل سعرا بالتأكيد لكنها لا تجد إقبالا كبيرا مثل حفلة العاشرة صباحا والتي تتزامن مع وجود شريحة كبيرة في أعمالهم.
وهذه التكلفة الأقل جاءت بفرض أن العائلة لن تقوم بأي فعل آخر سوى المشاهدة، أي أنهم لم يقدموا على تناول الطعام في الخارج، وعدم وضع ثمن المواصلات قبل الذهاب لقاعة العرض.
السينما طقس جماعي
الذهاب إلى السينما هو أشبه بالعودة إلى الرحم، فأنت تجلس هناك ساكنا متأملاً في الظلام تنتظر الحياة لتظهر على الشاشة! هكذا يصف السينمائي الإيطالي الراحل الشهير "فيديريكو فليني" طقس السينما الذي يحمل متعة ومشاركة وإبداع.
لذلك ترى الناقدة أمل ممدوح في تصريحات خاصة لمصر العربية ، أن معاملة السينما معاملة الترفيه سيكون له أثر ضار على صناعة السينما، خاصة مع الارتفاع الحالي في أسعار التذاكر وغيرها.
وأضافت أن هذه الزيادة يمكنها أن تحول السينما تدريجيا إلى طقس فردي للمشاهدة بينما السينما طقس جماعي في الأساس، فالكثيرون قد لا يستطيعون دعوة أصدقاء لهم أو عائلاتهم للمشاهدة نظرا لارتفاع سعر التذكرة .
وبالرغم من أن "أمل" ناقدة مصرية وعملها يتطلب منها مشاهدة أغلب الأعمال التي تطرح على الصعيد المحلي والأجنبي، تؤكد أن هذا الارتفاع سيؤثر على مشاهدتها .
أما "هدير" الفتاة العشرينية التي تدخل السينما كنوع من "الفسحة" والترفيه، جاء رأيها حول سعر تذكر السينما في الوقت الحالي نموذجا لشريحة من الأشخاص تم الحديث معهم حول "فسحة" السينما لهم في الوقت الحالي .
وتقول "هدير"لـ"مصر العربية" :"سعر التذكرة أصبح "غالي جدا" ، فأنا كنت وضعت في خطتي أن أشاهد فيلمين الأول مصري والثاني أجنبي لكن بعدما علمت بسعر التذكرة تراجعت عن مشاهدة واحد منهما في السينما".
وتابعت "هدير":" هذه الأسعار قد تكون أكثر تكلفة على الأسرة ، ولا أرى اي مبرر لهذه الأسعار في ظل عدم الإقبال الكبيرعلى السينما بشكل عام في ظل كورونا ، فضلا أن الأفلام المتواجدة ايضا ليست على مستوى فني عالي ".
تشجيع على القرصنة
فالتعامل مع السينما على أنها تقتصر على دور العرض والمشاهدين تصور خاطيء ، فهي صناعة يعمل بها الآلاف، لذلك فإن أبعاد غلاء التذاكر سيكون له أثر سلبي على هذه الصناعة،ويأتي في الصدارة "القرصنة" او"سرقة الأفلام".
وهذا ماأكدته الناقدة "أمل" في حديثها، قائلة :"من جهة أخرى قد ينصرف الكثيرون عن السينما متجهين للمنصات الإلكترونية او تحميل الأفلام من بعض المواقع بسبب هذا الغلاء.. مما يضر كثيرا بجودة التلقى، وكذلك بصناعة السينما ومنتجيها".
فالمشاهد _المواطن_ الذي أثر عليه وباء كورونا في العام الأخير اقتصاديا، سيلجأ إلى مشاهدة الفيلم عبر أي موقع الكتروني دون أي أموال، وخاصة مع وجود شاشات ذات جودة عالية في المنازل، أو بأقصى تقدير قد يشترك في منصة إلكترونية تعرض أفلام جديدة، وبالتالي سيكون لديه فرصة لمشاهدة عدد أكبر من الأفلام بتكلفة أقل.
رفاهية المشاهدة
ربما متعة المشاهدة السينمائية هي متعة غير متواجدة في "الفرجة المنزلية "، لكن مع ترتيب الأولويات في زمن اقتصادي صعب تصبح أشبه برفاهيه.
وبالرجوع إلى أرقام الإيرادات في السينما سيتضح تأثر السينما، ففيلم وقفة رجالة الذي يتصدر السينما حقق ما يقرب من 16 مليون جنيه مصري وهو الرقم الذي يعتبر قليلا مقارنة بأرقام السنوات الماضية والتي كانت تتخطى فيها الأفلام "المتصدرة" 30 و40 وأحيانا 100 مليون جنيه مصري.
تضح الفوارق في أرقام الإيرادات الأعمال التي قدمت في 2020، نجدها لم تتخط إيراداتها الـ102 مليون جنيه، لما يقرب من 15 فيلما .
وبالرجوع لعام 2019، سنجد أن 8 أعمال فقط تعدت إيراداتها 500 مليون جنيه، حيث حقق "الفيل الأزرق2" أكثر من 100 مليون جنيه، وكذلك "ولاد رزق 2" الذي تعدى الـ100 مليون، و"كازابلانكا" الذي حقق ما يقرب من 80 مليون جنيه.
مخاطرة
لا يتوقف تردد الفرد لذهابه إلى السينما حول التكلفة المادية بل في زمن كورونا أصبح الذهاب إلى قاعة عرض بها الكثير من الأفراد حتى مع مراعاة التباعد الإجتماعي يحمل مخاطرة الإصابة بالوباء.
ومن الـتأثيرات التي تسبب في الوباء هو أن قاعة السينما لا تعبل بكامل قوتها فهناك عدد من الكراسي الفارغة التي توضع في الصالة للحرص على التباعد الإجتماعي.