تصدر مسلسل "الملك" حديث الجمهور خلال الأيام الماضية، فبعد الإنتقادات الواسعة التي طالت فريق العمل والممثلين، فوجيء الجمهور بخروجه من السباق الرمضاني.
وأعاد خروج مسلسل الملك، وشخصية "أحمس"الذي يعتبر من أهم ملوك مصر القديمة، جدل التاريخ والإبداع بين الفنانين والجمهور.
هل أحرج موكب المومياوات الصناع؟
كان موكب المومايات الذي شهد اهتمام العالم كله، إشارة إلى قدرة صناع الفن المصريين، للعودة إلى الحضارة المصرية بلمسه عصرية ، فشهد الموكب إشادات كبيرة بداية من اختيار الملابس لتصميم الديكورات ، للإخراج والتصوير .
وجاء الموكب بعد أيام من الإنتقادات التي طالت مسلسل الملك، فعلى سبيل المثال تظهر النجمة "ريم مصطفى" وهي ترتدي عباءة سوداء ، الأمر الذي أثار سخرية رواد مواقع التواصل، وأشاروا أن الفراعنة لم يكن لديهم مثل هذا الزي.
أخطاء بالجملة
وخرج العديد من علماء الآثار وعلى رأسهم الدكتور زاهي حواس، الذي صرح :" انا مؤمن جدا بالدراما زي ما انت عايز القصة لكن تلتزم بالأزياء وشكل المعابد ، ونحن نمتلك متخصصين محترفين في الملابس، وفكرة دقن عمرو يوسف لم تعجبني وليس لها علاقة بالفراعنة ".
أما عالم الآثار دكتور بسام الشماع :" مسلسل كارثي وعشوائي بكل ما تحمله الجملة من معنى ، وعلى صناعة أن يقوموا بمراجعة تاريخية للعمل"، مشيرا إلى أن المؤلف رفض الاستجابة للملاحظات الكثيرة التي وضعها المراجع التاريخي للعمل.
الفراعنة بذقن أم لا؟
"هل الفراعنة كانوا بلحية أم لا" هذا التساؤل الأهم الذي تصدر اهتمام الجمهور لأيام، ليخرج المراجع التاريخي للعمل أحمد السنوسي ويقول :"إلى السادة غير الفاهمين ومدعين علم وهم أجهل ما يكون كثرت الأحاديث حول الذقن وأن المصري القديم لم يكن صاحب ذقن وأقول لهم هل أنتم باحثين أم مجرد أبطال على الفيسبوك؟ رأيكم هذا لن يهزني في شيء لأنني أعرف ما أعمل جيدا".
واستعان "السنوسي" بصور من جداريات لصاحب مصنع بيرة، وطبيب مصري قديم وظهرا لديهما لحية، وعلق: "والآن ما رأيكم في صاحب مصنع البيرة وهو بهذه الذقن؟؟ وما رأيكم في طبيب يعالج احدى المرضى وهو بذقن وسكسوة كمان؟؟ وما رايكم في تمثال الأمير رع حتب وهو بشنب وذقن خفيفة لا ترى إلا عندما تقترب من التمثال".
أما الفنان تامرفرج الذي عمل لمدة 15 عاما كمرشد سياحي قبل التمثيل رد على تبريرات المراجع التاريخي للعمل.
وقال " أستاذ أحمد السنوسي يؤسفني جدا مغالطاتك التاريخية التي سردتها وأنت زميل مرشد سياحى ورجل آثار، فكلام حضرتك هو حق يراد به باطل، واستثناءات لا تنفي القاعدة... فالقاعدة أن شعر الذقن والرأس هو من الدنس الذي لا يصح أن يكون على المصرى القديم الذى كان يتطهر بالحلاقة وبختان الذكور، وبالنسبة للملك وهو أقدس وأطهر جسد على الأرض بالنسبة للمصري القديم فلا يصح بتاتا أن يكون له لحية أو شعر لذلك ظهرت الذقن المستعارة والباروكة".
وتابع :"أما بالنسبة لما أوردته من أمثال، فصاحب مصنع البيرة إذا دققت في ملامحه فستجد بسهولة أنها ملامح أفريقية دليلا على أن ذلك الرجل ليس مصري والدليل أيضا أن ذقنه و شعره مجعدة وهى علامات إفريقية واضحة.. وإذا دققت فى المراجع وفى اسمه المكتوب ستجد أنه ليس مصري".
جدل الوقف .. بين الإنتصار والإحباط
وجاء قرار وقف المسلسل وخروجه من السباق الرمضاني، ليثير جدلا من نوع آخر ، فالبعض يرى أنه قرار جيد يعطي فرصة للصناع لتصليح الأخطاء التاريخية ، بينما يرى البعض أنه قد يحبط أي فنان يحاول عمل مسلسل تاريخي.
وكتبت الناقدة ماجدة خير الله:"لما تعمل فيلم او مسلسل عن لاعب في الاهلي مثلا ولقيت المخرج ملبسه اصفر والفريق المنافس الزمالك لابس تركواز مثلا، مش ده هايثير حفيظه مشجعي الاهلي والزمالك وهايحسوا ان هذا العمل الفني بيهين المنطق ولم يلتزم بابسط قواعد المصداقيه،يبقي عايزنا نتساهل مع كل الهجص اللي حصل في مسلسل بيتكلم عن تاريخ احد اهم ملوك مصر القديمه ؟ ايه المنطق الغريب ده؟
أما المخرج عمرو سلامة كتب:"أنا مش قادر أصدق قرار وقف مسلسل الملك، أكيد يا إشاعة، يا حركة إعلامية لهدف ما، مش لاقي منطق واحد يبرر القرار، يبرر رمي عشرات الملايين في الزبالة مع مجهود مضني لفريق عمل كامل شغال بقاله سنة، يقرر يحجر على الناس حق مشاهدته وتقييمه ونقده وشتيمته لو عايزين، لكن منعه؟".
وتابع :"أي عمل فني له رخصة إبداعية، لو عايز يعمل الفراعنة جلدهم أزرق وعندهم جناحات وبيطيروا وبيلبسوا لبس فضائيين من حقه، زي ما من حق الجمهور يشيد بده أو يذم فيه.
يعني إمبارح كنا مبهورين بالتقدم الي الدولة وصلتله، ليه في أربعة وعشرين ساعة نعمل قرار يضحك علينا العالم ويرجعنا للعصور الوسطى؟
أما الفنان المؤلف المسرحي محمد جمال كتب :"صديقى المبدع ارفض منع أوإيقاف عمل فنى حتى لو انت معترض عليه .. عشان المنع ممكن فى وقت يطولك انت كمان .. مسلسل الملك كان فيه ناس بتشتغل وده مصدر رزقها .. كان فيه ممثلين موهوبين بياخدوا فرصة لأول مرة ومستنيين يحققوا حلمهم .. كان فيه ممثل بيعمل ادوار صغيرة وخد دور كبير وقعد يذاكره ايام وشهور .. مصور بيبتدى .. .. او مساعد مخرج بقاله سنتين قاعد فى البيت وده شغله دلوقتى .. مشاعر ناس ومجهود وتعب واكل عيش واحلام ... ماينفعش تفرح بالمنع ولا ينفع نرضى عشان ماتبقاش قاعدة ممكن تطول اى حد".
وتابع :"واذا كان ع الرأى العام فدقيقتين فى برومو ماينفعش يهدوا مجهود سنة ... نتفرج ونحكم بعد الفرجة ونشتم كلنا ومين عارف جايز يكون افضل عمل ... بس دقيقتين يوقفوا تعب سنة ده عبث
والعبث الاعظم لو الفنانين كمان هللوا".
وكتب المخرج يسري نصر الله :"وقف تصوير ومنع مسلسل من العرض أمر شديد الخطورة ولا يمكن قبوله. ناقشوه ودعوا الناس تحكم".
أما خبيرة الاثار مونيكا حنا علقت :"اكتر مثل بحبه هو الدارس غلب الفارس، ووقف المسلسل انهاردة اكبر دليل، انه مهما الناس حاولت تأخد الأمور بالفهلوة او من غير تدقيق، ها تقع، وبقول لنفسي اول واحد".
عمرو يوسف : لم ينصفه التاريخ
ويطارد الحظ السيء النجم عمرو يوسف للعالم الثاني على التوالي، فعدما تراجع عن تأدية مسلسل "خالد بن الوليد" في رمضان الماضي، بسبب عدد من المشاكل التي جرت داخل تصوير العمل، وعدم توافقه مع المخرج، يعيش أزمة ثانية بسبب شخصية تاريخية أخرى "أحمس".
وأعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية منذ ساعات وقف مسلسل "الملك أحمس" الذي كان من المقرر عرضه في شهر رمضان 2021.
وقررت الشركة، وفق بيان رسمي صادر عنها، تشكيل لجنة عاجلة من مجموعة من المتخصصين في التاريخ والآثار وعلوم الاجتماع وذلك لمشاهدة المسلسل ومراجعة السيناريو كاملا وإبداء الرأي بموضوعية ومهنية.
هل يستبدل عمرو يوسف؟
ومع انتظار رأي اللجنة التي ستراجع العمل، يبدو أن احتمالية تغير عمرو يوسف من البطولة واردة، وخاصة أنه كان هناك الكثير من التعليقات حول شكله الأوروبي الذي لا يتناسب مع شخصية المصريين القدماء.
ومن قبل علق الناقد طارق الشناوي على جدل اختيار "عمرو يوسف"، قائلا :" "أحمد زكي قدم جمال عبد الناصر وعبد الحليم حافظ، ولم يكن هناك أي تشابه في الملامح بين الشخصيات وأحمد زكي رغم ذلك نجح في تقديمهما، فالفيصل ليس أن عمرو يوسف يشبه أحمس أو لا، الفيصل هو الشكل الفني الذي سيقدمه، وهل سيرجعنا لزمن احمس أم لا".
أما الناقد محمود قاسم منذ البداية لايرى عمرو يوسف مقنعا في هذا الدور، حيث صرح من قبل وبرر ذلك لعدة أسباب منها :"عمرو عنده 35 سنة وأحمس مات عنده 35".
وأشار محمود قاسم إلى أن التكوين الجسماني بينهما مختلف حيث إن عمرو يوسف جسمه رياضي لكن أحمس والفراعنة ليسوا كالرومان يفضلون العضلات، بينما الفراعنة كانوا رشقاء.
إشكالية الإبداع والتاريخ
"لا بأس أن تعتدي على التاريخ بشرط أن ينجب منك طفلًا جميلًا".. عبارة لكاتب فرنسي قد توضح الجدل الدائر بيين حرية المبدع ودقة التاريخ.
رغم مرور السنوات ، تظل إشكالية الإبداع في الدراما التاريخية قائمة، ويبقى التساؤل هل المبدع حر حتى عندما يكتب دراما تاريخية أم عليه الإلتزام بجميع الأحداث التاريخية؟
فسنجد أن هذا التساؤل أجاب عليه الدكتور جابر عصفور منذ سنوات، بأنه من حق أي مبدع أن يكتب ويقدم إبداعه، مع مراعاة المراجعة التاريخية.
ونفس الرأي يوافق عليه الدكتور زاهي حواس، واستشهد بالأفلام الأجنبية التي قدمت عن العصر الفرعوني وأنها كلها خيال بحت لكن كانوا يهتموا بشكل الملابس والديكور.
فوضع قيود على خيال المبدع، أمر معقد، ففي النهاية إذا سرد التاريخ كما هو فلم يكون هناك أي تشويق عما نقرأه في كتب التاريخ، لذلك سنجد تلك العبارة الشهيرة التي تتصدر تتر الأعمال " العمل مستوحى من أحداث حقيقية"، أي أن هناك شخصيات حقيقية مزجت بخيال الكاتب.
أما البعض الآخر يرى أن الدراما تشوه التاريخ ، وخاصة أن الأحداث الغير حقيقية تثبت في عقل المشاهد، يختفي الخيال مع الواقع.
وتضم هذه الإشكالية أيضا البعد السياسي لتقديم عمل تاريخي، فعلى سبيل المثال نجد أن الملك فاروق_شخصية تاريخية_ قدمت في الفن بصورة سيئة لسنوات طويلة ، فكانت الدراما تظهره بأنه مقامر وزير النساء.
لذلك حاولت الكاتبة لميس جابر تقديمه بصورة مختلفة في مسلسلها الشهير "الملك فاروق"، فالناقد طارق الشناوي في تصريحات صحفية له عن المسلسل يقول :" أن الأعمال التي هاجمت الملك بعد ثورة يوليو، ظهرت لسكب ود رجال الثورة، وأن هذا مسلسل الذي قام ببطولته "تيم حسن" محاولة الإنصاف الوحيدة لهذا الملك".
محاولة منافسة الأعمال التركية
كان الحماس شريحة كبيرة من الجمهور الذي كان ينتظر مسلسل "الملك أحمس"، هو وجود دراما تاريخية جاذبة وقادرة على منافسة هذا النوع في الأعمال التركية.
فالدراما التاريخية التركية في السنوات الأخيرة استطاعت أن تجد طريقها نحو عقل المشاهد العربي مثل مسلسل "أرطوغل" و"قيامة عثمان" ومن قبلهم المسلسل الشهير "حريم السلطان".
وبعيدا عن الأحداث التاريخية الحقيقية التي تتواجد في الدراما التركية، إلا أن عامل الجذب الأكبر يأتي نتيجة المتعة البصرية التي تظهر من ديكور وملابس وتصميم المعارك، وهذا كان ما يعول عليه الكثير بعد مشاهدة برومو أحمس حيث ظهر فيه تصميم المعارك والجرافيك بشكل جيد.
وعلى حسب التقارير فإن تركيا والتي تمثل الدراما التاريخية جزء مهم منها إيرادات كبيرة وصلت في عام 2018 إلى 350 مليون دولار .
من هو أحمس؟
أحمس الأول كان فرعون من مصر القديمة ومؤسس الأسرة الثامنة عشرة، عندما كان في السابعة من عمره قتل والده.
تولى أحمس الأول العرش بعد وفاة أخيه، وبعد توليه أصبح يعرف "سيد القوة رع" و انهي خلال فترة حكمه على غزو الهكسوس وطردهم من منطقة الدلتا، واستعادت طيبة سيادتها ..
واعاد تنظيم إدارة البلاد وفتحت المحاجر والمناجم وطرق جديدة للتجارة، وبدأت مشاريع البناء الضخمة من النوع الذي لم يجر منذ ذلك الوقت من عصر الدولة الوسطى.
وضع عهد أحمس الأسس لعصر الدولة الحديثة، والتي بموجبها وصلت الدولة المصرية ذروتها.
ومسلسل "الملك"، كان مأخوذ عن رواية "كفاح طيبة" للأديب العالمي نجيب محفوظ.
وكانت تقارير أشارت إلى أحد أضخم وأهم إنتاج شركتى سينرجى وأروما لموسم دراما رمضان 2021_قبل وقفه_ لما يتضمنه العمل من حروب وخيل وملابس وديكورات.
ويتناول المسلسل قصة أحمس وتحريره لجنوب وشمال مصر وطرد الهكسوس من طيبة، بالإضافة إلى أنه أول عمل فرعونى حقيقى يتناول حياة الفراعنة بشكل واقعي.
يشارك في بطولة المسلسل ماجد المصري وسوسن بدر وصبا مبارك ومحمد لطفي ومحمد علاء وأمير صلاح وريم مصطفي، وعن قصة نجيب محفوظ تأليف شيرين دياب وخالد دياب وإخراج حسين المنباوي وإنتاج تامر مرسى