حالة من السكون التام خيمت على المكان بعدما حلَّ الليل وساد الظلام، قطعته صرخات أم وزوجها فصغيرتهما فجأة لم تعد تتحرك أو تتنفس، وهنا ظنا أنها فارقت الحياة، ولكنهما قررا أن يطرقا آخر باب أمامهما..
ففي حالة تخبط وانهيار تام دخلا أحد المستشفيات، لا تعرف الأم إلى أن أين تذهب بابنتها في تلك اللحظات، وفجأة خرج عليهما طبيبٌ شاب وبهدوء وحكمة تعامل مع الموقف فعادت للصغيرة الأنفاس.. وسط حالة من الصدمة انتابت الأبوين في مشهد وثقته عدسات المراقبة المثبته في أحد الزاويا وهو المقطع المصور الذي جاب مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأولى من الصباح.. فما هي القصة؟
تلك الواقعة التي تفاعل معها الكثيرون، دارت أحداثها بفلسطين، وروى تفاصيلها صباح اليوم السبت، بطلها الطبيب الفلسطيني الشاب ويدعى مجاهد نزال، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"..
كان يوم طويل ومُجهد للغاية بالدرجة التي جعلت الطبيب "نزال" يختار أن يقضي باقي ليلته تلك بالمستشفى، وبالفعل استلقى على أحد الأسرة بعد انتهاء ساعات عمله، وغفا للحظات قطعها استغاثات وصراخات قادمة من الخارج، كانت عقارب الساعة تُشير حينها للثانية إلا عشر دقائق فجرًا.
هرول الطبيب خارج غرفته وهو لا يدري إن كان لا يزال غارقًا في سُباته العميق وما يحدث هو جزء من كابوس تسلل إلى خياله أثناء منامه أم واقع؟.. حيث يقول: " .. ركضت وأنا نائم..عيوني لسه ما فتحوا، ما عندي لسه القدرة إني استوعب ايش اللي قاعد بصير".
"ماتت ماتت مخنوقة..مشااان الله..مااااااتت"؛ بصوت مبحوح جرت هذه الكلمات والاستغاثات على لسان الأب، بينما كانت الأم تحاول أن تتماسك نفسها فقط دموع تفيض من عينيها في صمت وهي تتشبث بصغيرتها، لا تدري ماذا تفعل..
هنا أمسك الطبيب بالصغيرة قائلًا: "حملت جثة طفلة عمرها سنة وأربعة أشهر.. حملتها دون وعي أو إدراك، ثم مددتها على يدي اليمنى ووجهتها لأسفل وبراحة كفي وجهت عدة ضربات خفيفة على منتصف الظهر الواحدة تلو الأخرى..
ومن قلب هذا المشهد الذي احتبست فيه الأنفاس؛ بكت الطفلة معلنَة أنها لا تزال على قيد الحياة، وهنا صاح الطبيب "يا الله الحمد لله"، أما الأب فلم يتمالك أعصابه وفقد سيطرته على تصرفاته من هول الصدمة فصغيرته لم تمت، وأخذ يقبل رأس الطبيب الذي انقذ طفلته ويقبل قدمه ايضًا.
أما الطبيب فخارت قواه ولم تستطع قدماه على حمله في تلك اللحظة فاستند إلى أحد الجدران وجلس على الأرض وإلى جواره والد الصغيرة الذي أخذ يقبله ويشكره على صنيع يديه..
اختتم الطبيب حديثه قائلًا: "هاي اللحظات والمواقف من الحياة اللي مستحيل تتنتسى..لحظات بتحس فيها بعظم الروح، بتشعر و بتعيش غريزة الأبوة والأمومه، بتشوف قلب الأم والأب كيف ممكن ينفطر على الفراق..موقف بتحس بكونك طبيب، الله يسرك لهيك موقف، لتعيش هيك حالة وتكون سبب لإنقاذ روح بتوفيق منه..لحظات راح تكون مصدر لزديادك ايمان بما تفعل و تحب".