طقوس مغربية في شهر الصيام.. هكذا يستقبل المغاربة «سيدنا رمضان»

طقوس رمضانية في المغرب

لشهر رمضان الكريم طقوسه ومذاقه الخاص في المملكة المغربية، فأجوائه تأتي مفعمة بالفرحة والبهجة والطقوس الدينية المميزة، لكن هذا العام سيقتصر المغاربة على الاحتفالات داخل منازلهم، جراء انتشار فيروس كورونا داخل المغرب وكل دول العالم.

 

الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها المملكة المغربية هذا العام ربما تغيب بعض العادات والتقاليد داخل المملكة والتي كان يتميز بها المغاربة عن غيرهم طوال أيام شهر رمضان المعظم.

 

وقررت الحكومة المغربية فرض حظر تجول ليلي في البلاد خلال شهر رمضان، في إطار إجراءات مكافحة تفشي فيروس كورونا.

 

وقالت الحكومة المغربية في بيان لها، إن "حظر التجول اليومي طيلة أيام شهر رمضان، سيبدأ من الساعة الثامنة مساء حتى السادسة صباحا، باستثناء الحالات الخاصة".

 

وبالرجوع إلى طقوس المغاربة في أيام شهر الصيام، سنجد أن المغاربة يطلقون على هذا الشهر، اسم "سيدنا رمضان"، نظرا لما له من أهمية في الشارع المغربي، فهناك حرص على الإعداد له قبل شهر من قدومه، فهو شهر مفضل بصلواته وبعاداته وطقوسه، وأكلاته الرمضانية.

 

 

وتتميز الاحتفالات المغاربية بهذا الشهر الفضيل بأسلوب خاص، حيث يهتم المواطن المغربي بالتجمعات الأسرية والطقوس الدينية، وأيضًا يقوم المواطن المغربي بتزيين المحلات التجارية، في الوقت الذي تغلق فيه جميع المقاهي والمطاعم أثناء النهار؛ حيث يعاقب القانون المغربي من يجهر بإفطاره علانية.

 

ويبدأ استعداد المغاربة لاستقبال شهر الصوم في وقت مبكر، ويستعدون له بالصيام في شهر شعبان الذي يبشرهم بهلال رمضان، حيث يعدون بعض أنواع الحلويات الأكثر استهلاكًا على موائد الإفطار، وبمجرد أن يتأكد دخول الشهر حتى تنطلق ألسنة أهل المغرب بالتهنئات قائلين: "عواشر مبروكة" والعبارة تقال بالعامية المغربية، وتعني (أيام مباركة) مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة: عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.

ويبدأ التحضير لاستقبال شهر رمضان قبيل مجيئه بأيام، إذ تزدهر تجارة التوابل (العطرية) والفواكه الجافة والحلويات وتشتري النساء "الكاكاو والسمسم واللوز والجوز" ليحضرن ما يلزم لاستقبال الشهر الكريم، وتتنوع التقاليد والعادات التي يقدم عليها المغاربة خلال هذا الشهر.

 

وهناك تقليد أصبح سائدًا في المغرب منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان الملك الراحل الحسن الثاني يقيم "الدروس الحسينية الرمضانية" خلال أيام الصوم، يحضرها علماء وفقهاء من جميع أرجاء العالم العربي والإسلامي، تختار نخبة منهم لإلقاء دروس أمام الملك في القصر بالرباط، يحضره كبار رجال الدولة ووزراء الحكومة ومسؤولو الجيش والأمن، وهو ما حافظ عليه الملك محمد السادس على نفس التقليد والتسمية، دروس دينية ينقلها التلفزيون المغربي، ويعتلي الكرسي الكبير عالم من علماء العالم الإسلامي.

 

وفي شهر رمضان تشهد الصحف والكتب الثقافية رواجا كبيرا في الشهر الكريم حيث يزداد أهل المغرب إقبالا على القراءة والاطلاع.

 

 

وتجد المائدة المغربية في رمضان مليئة بأصناف المأكولات الشهية، وتتكرر يوميا الحريرة أو الحساء أو الشربة بالخضر الطازجة، وطبق الكسكسي كل يوم جمعة والذي يجهز بأكثر من طريقة..

 

لكن (الحريرة) تأتي في مقدمة الأكلات الأشهر والمحببة لدى المغاربة، بل إنها علامة على رمضان، ولذلك فإنهم يعدونها الأكلة الرئيسة على مائدة الإفطار، وهي عبارة عن مزيج لعدد من الخضار والتوابل تقدم في آنية تقليدية تسمى "الزلايف"، ويُضاف إلى ذلك التمر والحليب والبيض..

 

وللحلوى الرمضانية أيضا، حضور مهم في المائدة المغربية، فهناك (الشباكية) و(البغرير) و(السفوف)، والكيكس والملوزة والكعب، والكيك بالفلو وحلوى التمر.

 

ومن العادات التي اشتهر بها المغاربة أيضا في شهر رمضان عادة الاحتفال بالصوم الأول للأطفال في يوم من أيام رمضان، ولا سيما في السابع والعشرين منه، ويعد الاحتفال بهذا اليوم من مظاهر العادات التقليدية المغربية.

 

وتختلف بعض المدن المغربية عن غيرها من حيث استقبال شهر الصيام، حيث تعرف مدينة وجدة الألفية خلال شهر رمضان المبارك، أجواء مميزة عن باقي المدن المغربية الأخرى وذلك ابتداءً من طاولته الرمضانية المتنوعة والمختلفة بكل مأكولاتها إلى الأجواء الروحانية التي يعيش فيها أهل المدينة لمدة ثلاثين يوما على التوالي.

 

 

فمن المأكولات التي تميز الطاولة الوجدية عن باقي الطاولات المغربية: "سلو لوجدي، الزلابية، والمقروط، والكعك"، فهي كلها حلويات يجب أن تكون حاضرة بكل مقوماتها خلال شهر رمضان، حيث تقوم الأم وفتياتها بإعداد أطباق مرافقة للحلويات التي سلف ذكرها من "بطبوط" أي خبز صغير الحجم في وسطه ما لذ وطاب، بالإضافة إلى أطباق أخرى مرافقة لهم، وعندما يقترب موعد آذان المغرب تجتمع العائلة بأكملها على مائدة الإفطار.

 

أما الزي المغربي فله، رونق آخر، فالزي التقليدي لا يميز فقط الهوية المغربية في شهر رمضان، بل هو رمز للحشمة والسترة خلال هذا الشهر الفضيل كما باقي المناسبات الدينية"، وهو ما أكَّده المغربي، نور الدين الزاهي المختص في علم الاجتماع في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" ويضيف، رغم دخول بعض من الحداثة على اللباس المغربي إلا أنّه يبقى رمزًا للترات الذي لا تزال معظم الأسر المغربية متشبثة به، بل وحتى في بعض المؤسسات العمومية والخاصة أصبحت تسمح لموظفيها الحضور بالجلباب للرجال والنساء في أيام الجمعة وخلال شهر رمضان.

 

محمد بو مليك أحد أهالي مكناس، قال في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية": "إننا في المملكة نحتفل بقدوم شهر رمضان كغيرنا من الشعوب الإسلامية، لكن بطابعنا الخاص، "نعلق الزينات عند أبواب البيوت والمساجد، وأيضا نستعد للصلوات قبيل قدوم رمضان بشهر كامل.

 

 

وأضاف، "قبيل رمضان بأيام، نسارع بتقديم رقصات جماعية كرقصة "عيساوة، والغناوي"، وهي عبارة عن رقصة جماعية في حلقة دائرية، مصحوبة بالعزف على آلة الطبلة والتعريجة، وسط تصفيق من الأطفال، مرددين مدائح وصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وتابع: "نحن المغاربة من أكثر الشعوب العربية التي تقدس شهر رمضان وتحرص على نيل البركات فيه، قائلا: "عاداتنا متأصلة منذ العهود السابقة.

 

مقالات متعلقة