كيف ازدهرت العلاقات العسكرية المصرية الإماراتية بعد 30 يونيو

زيارة السيسي إلي الإمارات

مقدمة

 

"دعم الاماراتيون بفاعلية المعارضة للاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في إطار التجهيزات للانقلاب الذي أتي بالجنرال عبد الفتاح السيسي. إن رؤية القيادة الاماراتية لمصر الناجحة تتحدد بأن تكون دولة مستقرة ومزدهرة (ليست بالضرورة ديمقراطية) كأهم رد فعل علي الطائفية في المنطقة، التي تتضمن التهديد الإيراني في الخليج والشام."

من تحليل لمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط  

"التعاون العسكري مع الإمارات قد تسارع عشية الإطاحة بمرسي، يتضمن ذلك ثلاث تدريبات مشتركة بين مارس 2014 وأكتوبر 2014، وتعاون استخباراتي مستدام وكذلك تنسيق عملياتي في غارات جوية مشتركة ضد أهداف للدولة الاسلامية في ليبيا."

من ورقة بحثية لمركز كارنيجي

 

بعد زيارة رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي إلي الإمارات اليومين الماضيين، تدور تساؤلات حول حجم التعاون العسكري بين مصر والإمارات منذ الثلاثين من يونيو، خاصة مع الدعم الإماراتي الضخم للنظام المصري منذ ذلك الوقت. نحاول في هذا التقرير رصد أهم محطات العلاقات العسكرية المصرية الاماراتية بعد الثلاثين من يونيو.

 

مناورة زايد 1

 

جاءت بداية تطوير العلاقات العسكرية عن طريق عدة زيارات مهدت لمناورات عسكرية مشتركة، وقد افتتحت الزيارات العسكرية بين البلدين بزيارة الفريق صدقي صبحي –رئيس الأركان في ذلك الوقت – إلي الإمارات يوم السبت 8 فبراير 2014، تلك الزيارة التي قيل وقتها أنها تمهيدا لمناورات بحرية مشتركة وبحث إنشاء قاعدة تصنيع عسكري مشترك. كما نعرف الآن فإن الهدف الحقيقي كان المناورات وليس القاعدة، تلك المناورات التي جاءت زيارة المشير السيسي –وزير الدفاع آنذاك- بعدها بشهر تقريبا في 11 مارس، لكي يشهد المرحلة الأخيرة من المناورة العسكرية "زايد 1".  

 

جاءت مناورة "زايد 1" كأول مناورة عسكرية بين الجيش المصري والجيش الإماراتي، وقد تركزت في أسلحة القوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة، وقد أقيمت يوم الثلاثاء 11 مارس في الإمارات، واشتملت على عدد من الأنشطة من بينها نقل وتبادل الخبرات التدريبية بين الجانبين في جميع التخصصات، والتدريب على أعمال الدفاع والهجوم على النقاط والأهداف الحيوية، وتنفيذ مناورات تكتيكية بحرية وجوية لإدارة أعمال قتال مشترك بين العناصر المشاركة باستخدام الذخيرة الحية بمشاركة المقاتلات والطائرات متعددة المهام، وبعض المدمرات والقطع البحرية وعناصر القوات الخاصة من الصاعقة والمظلات.

 

 

مناورة خليفة 1

 

بعد ثلاثة أشهر تقريبا جاءت زيارة الفريق حمد ثاني الرميثي رئيس أركان حرب القوات المسلحة الإماراتية في أواخر يونيو لكي يشهد مناورات "خليفة 1" والتي جرت في مصر بين القوات البحرية للجيشين المصري والإماراتي.

 

 

شارك في المناورة، التي جرت في القاعدة البحرية بسفاجا بدءا من 23 يونيو، قوات الصاعقة البحرية للبلدين، وتم تنفيذ العديد من الأنشطة التدريبية المشتركة لتأمين نطاق الحدود البحرية وحركة النقل البحري والأهداف الاقتصادية في البحر وعلى الساحل، من خلال التدريب على تخطيط وإدارة أعمال هجومية ودفاعية، وتدريب القوات على أعمال الاعتراض البحرى والتصدي لمخاطر العائمات السريعة التي تعترض السفن التجارية والوحدات البحرية أثناء الإبحار في الممرات والخطوط الملاحية، حيث تصدت إحدى القطع البحرية لهجوم عدد من العائمات السريعة المعادية لأغراض القرصنة أو القيام بأعمال تخريبية والاشتباك معها.

 

ورصد التشكيل البحري للقوات المشاركة الأهداف الجوية المعادية، وتتبعها بواسطة الرادارات ومستشعرات السفن، للتصدي للهجوم الجوي المعادي باستخدام الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، ومنظومة الدفاع الجوي قريب المدى ضد الصواريخ بكل سفينة.

 

بالإضافة لهذه المناورة فقد انضمت الإمارات لمناورة "تحية نسر" والتي كانت تقام منذ 1991 بين مصر والولايات المتحدة، وتهدف المناورة إلى التدريب على عمليات الإستطلاع والبحث وإنقاذ السفن وتدمير الأهداف السطحية والجوية ومكافحة الغواصات المعادية، في إطار السعي للتصدي إلى عمليات القرصنة البحرية وتأمين المضائق البحرية ذات المواقع الجيو – إستراتيجية، وتبادل الخبرات لصقل مهارات القادة والضباط. وقد بدأت هذه المناورة –بقاعدة سفاجا أيضا- في 14 يونيو وإستمرت 12 يوما.

 

الغارات علي ليبيا

 

بدا أن المناورات المشتركة، وخاصة "زايد 1"، قد أتت ثمارها، حيث قامت القوات الجوية الإماراتية (وبعض التقارير قالت أن القوات الجوية المصرية شاركت أيضا) بضرب أهداف متعددة لميليشيات ذات توجه اسلامي في طرابلس في ليبيا، قيل إنها تنظيم داعش في ليبيا، وذلك في الأسبوع الثالث من أغسطس. وقد كشفت صحيفة النيويورك تايمز هذه الغارات أول الأمر، حيث قالت أن قوات إماراتية ومصرية قامت بشن غاراتين علي الأقل خلال أسبوع، الأمر الذي تأكد بعدها بتصريحات لمسئولين أمريكيين نشرتها فرانس 24، ثم جاء التأكيد الأخير بتصريح المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع الأمريكية الذي قال:"إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن الإمارات العربية المتحدة ومصر شنتا غارات على أهداف داخل ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية"، وذلك دون تقديم أي تفاصيل إضافية.

 

وبالطبع فقد نفت كل من الإمارات ومصر هذا الأمر، حيث صرح وزيرالدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور القرقاش:"محاولة إقحام اسم الامارات في الشأن الليبي هروب من مواجهة نتائج الانتخابات و الشرعية التي أفرزتها و رغبة الأغلبية في ليبيا للاستقرار و الأمن"، وفي المقابل أصدر الخارجية المصرية بيانا نفت فيه هذه الأخبار.

 

 

ولكن هذا ترافق أيضا مع بيان أوروبي أمريكي وقعته واشنطن ولندن وباريس وبرلين وروما "التدخلات الخارجية التي تغذي الانقسامات" في ليبيا.

 

سهام الحق

 

تتابعت زيارات الفريق حمد ثاني الرميثي حيث زار مصر في الثامن من سبتمبر وإلتقي بالفريق صدقي صبحي والفريق محمود حجازي، كان ذلك قبل أن يحضر –بعدها بأيام- إلي مصر الفريق أول ركن سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والذي إلتقي أيضا بالفريق صدقي صبحي.

 

تلك الزيارات التي مهدت للمناورة الثالثة بين البلدين، والتي عرفت بإسم "سهام الحق"، والتي بدأت في شهر أكتوبر في الإمارات، ومازالت مستمرة حتي الآن، وقد شهدت هذه التدريبات في شهر ديسمبر حادثة سقوط أحد طائرات التدريب ومقتل طياريها الأربعه (2 مصريان و2 إمراتيان)

 

 

وقد حضر إلي مصر وفد عسكري إماراتي لتقديم التعازي في الحادثة.

ثم جاءت زيارة الفريق صدقي صبحي في أول مايو إلي الإمارات أثناء عودته من الصين والتي أتبعها الفريق محمود حجازي بزيارة أخري جرت بعدها بعدة أيام، واللتان جاءتا في إطار تفقد النسخة الثالثة من المناورات "سهام الحق 3".

 

الخلاصة

 

يمكن القول بأن الدعم السياسي والاقتصادي الإماراتي للنظام المصري بعد 30 يونيو، كان يجب أن يصاحبه تطور في العلاقات العسكرية، وذلك في إطار سعي الإمارات لتنفيذ سياساتها المتعلقة بمواجهة الثورات العربية بوجه عام والتيار الاسلامي الذي برز بعد هذه الثورات بشكل خاص، وبالأخص الاخوان المسلمين، وكان هذا يعني أن المواجهة لن تكون سياسية فقط ولكنها قد تحتوي علي مساحات من التدخل العسكري، وهذا ما إنعكس علي تطور العلاقات العسكرية بين البلدين والذي بدأ بالزيارات العسكرية المتبادلة وتواصل مع المناورات العسكرية المشتركة، وتوج بالضربات شبه المشتركة التي وقعت في ليبيا كهدف نهائي لعملية تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين.

 

إقرأ المزيد

 

بالصور.. تفاصيل زيارة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الإمارات رئس الأركان يعود إلى مصر بعد زيارته الإمارات لتعزيز التعاون العسكري خاشقجي: الطيران الإماراتي الثاني بعد السعودية في عاصفة الحزم فيديو.. محمد بن راشد: لا وجود للدول العربية بدون مصر

مقالات متعلقة