أربع محطات أوصلت الزند إلي الوزارة

الزند يحلف اليمين وزيرا للعدل

بعد إعلان تعيين المستشار أحمد الزند وزيرا للعدل، وحلفه لليمين هذا الصباح، فإن هناك العديد من الأسئلة تدور حول أسباب هذا التعيين وخلفيته. نحاول في هذا التقرير رصد محطات تاريخ المستشار أحمد الزند، التي نري انها المقدمة المنطقية لتعيينه، بالإضافة لأسباب أخري.

  في البدء كانت الإمارات

 

بعد انتخابه مرتين في عضوية مجلس إدارة نادي قضاة طنطا في الثمانينات أعير للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل هناك رئيسا للمحكمة الشرعية بإمارة رأس الخيمة خلال الفترة من عام 1991 إلى عام 1993 ، ثم عمل بعد ذلك مباشرة مستشارا قانونيا لولي عهد إمارة رأس الخيمة- الشيخ خالد بن صقر الهاشمي -حتى عام 1996. وقد أنشاء هناك النادي المصري والذي كان ملتقا للجالية المصرية هناك.

 

الزند ومبارك

 

بدأ ظهور المستشار أحمد الزند في الساحة المصرية علي نطاق واسع في انتخابات نادي القضاة سنة 2009، حيث كان مرشحا لرئاسة النادي علي رأس قائمة "التغيير"، تلك القائمة التي كانت مدعومة من نظام مبارك لكي تطيح بقائمة تيار الاستقلال. ومن الجدير بالذكر الإشارة إلي أن برنامج قائمة الزند قد تضمن آنذاك "إعادة النظر فى تعديل بعض أحكام قانون السلطة فيما تضمنه من قصر التعيين بالنيابة العامة على الحاصلين على تقدير جيد" طبقا لما ذكرته المصري اليوم.

 

 

الأمر الذي يشير إلي الإتجاه الذي سيأخذه الزند فيما بعد من أجل تذليل كل العقبات لتعيين أبناء القضاة في السلك القضائي.

 

وبالطبع فقد كان للزند – بعد فوزه في انتخابات النادي – مواقفه المؤيدة للنظام، حيث يعد تصريحه الذي قال فيه "إن الرئيس مبارك منحاز بطبيعته لإعلاء سيادة القانون واستقلال القضاء، وهو أمر معلوم للقاصى والدانى وكافة أفراد الشعب المصرى بصفة عامة، وللقضاة بصفة خاصة" من أشهر تصريحاته في هذا الشأن.

 

وبالتأكيد فإنه قد استمر في مناهضة تيار الاستقلال وخاصة من استمر منهم في مجلس إدارة النادي، حيث قام – في ظاهرة غير مسبوقة – بإصدار أوامره لموظفي النادي بعدم تلقي أي أوراق أو طلبات من الأربع أعضاء لمجلس إدارة النادي من تيار الاستقلال.

 

الزند والثورة

 

كانت بداية علاقة الزند مع الثورة في بدايتها، حيث نفى - في تصريح له-  "نزول القضاة إلى ميدان التحرير لمشاركة الشعب ثورتهم، وقال إنهم لا يمثلون قضاة مصر ولا يجب مشاركتهم مع الغوغاء والعامة". هذا الموقف المعارض للثورة قد تحول إلي هجوم عليها بعد الإنقلاب، حيث قال صراحة "ليت ثورة يناير 2011 ما كانت ولا قامت لأنها لم تدخل إلى رأسي أصلاً، ولم أقتنع بها كثورة".

 

بالطبع فإن العداء مع الثورة قد إستلزم أولا الدفاع عن نظام مبارك، وقد تجلي ذلك في دفاعه المستميت عن عبد المجيد محمود – نائب عام مبارك – والذي بدأ في فبراير 2012 حين تعالت أصوات القوي السياسية للمطالبة بإقالة النائب العام، فدافع عنه في مؤتمر صحفي عقده آنذاك، واصفا المطالبين بعزله بأن لهم مصلحة خاصة.

 

 

ثم تكرر الأمر نفسه ولكن بشكل أكثر قوة حين قام الدكتور محمد مرسي بتعيين عبد المجيد محمود سفيرا لمصر لدي الفاتيكان، الأمر الذي كان يعني تخليه عن منصبه كنائب عام، وبعد إعلان الأمر تراجع عبد المجيد محمود وتم تصوير الأمر علي أنه إقاله له من منصبه، وهنا وقف الزند مدافعا عن عبد المجيد محمود، وعقد مؤتمرا صحفيا دعا فيه إلي عقد جمعية عمومية لنادي القضاة للرد علي ما أسماه بالعدوان علي السلطة القضائية. ثم كان دفاعه الأكبر حين أصدر مرسي الاعلان الدستوري في نوفمبر 2012، والذي قضي بعزل النائب العام عبد المجيد محمود، فعقد الزند وقتها مؤتمرا صحفيا دافع فيه بشراسة عن عبد المجيد محمود.

 

 

 

ولا يمكن أن ننسي وصلة المدح الشهيرة التي قالها في توفيق عكاشه أحد أيقونات الثورة المضادة، وذلك في مداخلة هاتفية شهيرة جرت بينهم في البرنامج الذي يقدمه عكاشه علي قناته الفراعين.

 

 

ومن الدفاع عن نظام مبارك إلي العداء مع كل ما كان له صلة بالثورة، فكان عداءه مع مجلس الشعب بعد أن وجهت انتقادات للحكم الصادر علي مبارك، حيث وصف المجلس "بأنه شوكة في ظهر مصر، وأن القضاة لن يقبلوا بأي قانون يسنه المجلس" وطالب القضاة بأن يقدموا دعاوي ضد "المسيئين" للقضاء من أعضاء مجلس النواب، واصفا من لن يقدم هذه الدعاوي بأنه خارج عن جماعة القضاة. بل إنه هدد الدكتور محمد مرسي حين أصدر قرار بعودة مجلس الشعب، حيث أمهله عدة ساعات حتي يتراجع عن قراره.

 

كذلك فإن عداءه مع القوي المنتمية للثورة معروف، فأما الإخوان فإن مواقفه معهم أكثر من أن تحصي، حتي وصل به الأمر بأن طالب أن يعطي لكل وزير مهلة حتي يسلم الجهات الأمنية قوائم بالإخوان بداخل وزارته، وأنه في حال لم يفعل ذلك فهذا دليل علي أنه هو نفسه إخوان. ثم كان صراعه مع عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، والذي اتهم الزند بالفساد المالي، بينما قام الزند بمهاجمة عصام سلطان وحزب الوسط في أحد المؤتمرات الصحفية، هذا غير قضية السب والقذف التي حكم فيها علي عصام سلطان بالغرامة.

 

 

بينما اعتبر الزند أن الحكم بحبس أحمد ماهر وأحمد دومه ومحمد عادل هو حكم مخفف، وأنهم يستحقون السجن. الأمر الذي كرره مع قضية فتيات اسكندرية الذين حكم عليهم ب17 عاما قبل أن تتم تبرئتهم بعد ذلك.

 

وصل الأمر بالزند في عداءه للثورة وكل من انتمي إليها، إلي طلب العون من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أوباما شخصيا، وذلك في أثناء أزمة قانون السلطة القضائية، حيث عقد الزند مؤتمرا صحفيا لمواجهته.

 

 

 

الزند ونادي القضاة

 

 

تعد مواقف الزند في نادي القضاة متعددة، فلقد دخل في صراعات مختلفة مع عدد من القضاة، أبرزهم المستشار زكريا عبد العزيز، الذي هاجم الزند في واقعة تهديد الزند لرئيس الجمهورية محمد مرسي علي خلفية قراره برجوع مجلس الشعب، وانتهي الأمر بأن أحيل المستشار زكريا عبد العزيز إلي مجلس الصلاحية والتأديب، بناءا علي بلاغ مقدم من الشئون القانونية في نادي القضاة يتهمه بإقتحام مبني أمن الدولة بعد الثورة.

 

في المقابل فقد اتهم محامي المستشار زكريا عبد العزيز الزند ومبارك بأنهم وراء هذا الأمر.

 

 

أما المستشار هشام جنينة فقد وصلت الخصومة بينه وبين الزند إلي قضايا سب وقذف بين الاثنين، هذه الخصومة التي ترجع إلي ما قبل الثورة حيث كان كل من الزند وهشام جنينة علي رأس قائمتي التغيير والاستقلال – علي التوالي – المتنافستين في انتخابات نادي القضاة سنة 2009.

 

من ناحية أخري فلقد كانت معارك الزند مع المحامين متعددة، فلقد بدأت بمعركة محامي طنطا سنة 2010، والتي قال فيها الزند "لم ولن أنسى واقعة احتجاز المحامى العام على يد مجموعة من البلطجية، وسيكون القبض على المتهمين هو المعركة المقبلة للقضاة مع الدولة"، ولقد بلغت الأزمة حد إقرار لجنة الحريات بنقابة المحامين وقتها، بأن الزند في حالة خروجه على العاش لن يقيد في جداول النقابة كمحام، عقابا على ما وصفوه بإهانته للمحامين، وهي الأزمة التي تدخل فيها رئيس مجلس الشعب وقتها، أحمد فتحي سرور، لمحاولة التهدئة.

 

ثم كانت الواقعة الأهم حينما قدم الزند تعديلات علي قانون السلطة القضائية اعتبرها المحامون انتقاصا من دورهم، ثم تصاعدت الأمور بتراشق لفظي بين الجانبين، وصف الزند المحامين – حينها – بأنهم "عدو باغي"، فيما قررت الجمعية الطارئة لنادي القضاة تعليق العمل بالمحاكم، فيما تظاهر عدد من المحامين أمام مقر انعقاد الجمعية وحدث إطلاق نار لم يعرف مصدره، مما عقد المشهد حينها.

 

بالطبع لا يمكن إغفال ما قام به الزند من عمل ممنهج لمأسسة التوريث داخل المؤسسة القضائية، فالأمر لم يبدأ بتصريحه الشهير "بأن تعيين أبناء القضاة سيستمر ولن يستطيع أحد أن يوقف هذا الزحف المقدس"، بل إنه قد إتخذ من الإجراءات من أجل تعديل القانون لكي يجعل هنا إمكانية لتعيين من حصل علي تقدير "مقبول" في السلك القضائي، الأمر الذي كان سيساهم بشكل مباشر في مأسسة التوريث، بل إنه قد دافع عن هذا الأمر لحد إتهام من عارضه من خريجو كلية الشريعة والقانون "بأنهم غوائيين وخارجين عن القانون".

 

بالإضافة لما سبق فلقد كان للزند رؤيته لمكانة القضاة في المجتمع، والتي قال أنهم - أي القضاة - أسيادا في هذا البلد والبقية هم عبيد، هذه النظرة الاستعلائية قد كانت ديدنه أيضا في التعامل مع ما سبقه في نادي قضاة مصر، حيث سعي لمحو كل ما تم قبله، حتي أنه حذف الموقع الخاص بالنادي وأنشا موقعا جديدا لكي يمحو آثار تيار الاستقلال وما قام به من إنجازات.

 

 

الزند والفساد

 

المحطة الأخيرة للزند هي الاتهامات المتعددة بالفساد، وتعد واقعتي بورسعيد ومطروح هما الأشهر. ففي قضية أرض بورسعيد كشفت الأهرام انه تم بيع قطعة أرض مملوكة لنادي قضاة بورسعيد لابن عم زوجة المستشار أحمد الزند، بسعر 18 ألف جنيه للمتر، بإجمالي 9 ملايين و153 ألف جنيه لقطعة الأرض البالغ مساحتها 508.5 متر مربع. ووفقا للمستندات فإن قطعة الأرض المملوكة لنادي قضاة بورسعيد تقع بمنطقة "أرض جمرك الرحلات القديم"، والذي يقع خلف مبنى الغرف التجارية وهي منطقة حيوية يتجاوز فيها سعر المتر 50 ألف جنيه.

وقد تبين أن البيع تم بموجب تفويض من مجلس إدارة نادي قضاة مصر الذي يرأسه المستشار أحمد الزند، بالرغم من أن الأرض مخصصة للمنفعة العامة ولا يجوز بيعها بمعرفة نادي القضاة وإنما يكون بيعها مقتصرًا على المحافظة. الأمر الذي قابله الزند بمحاولات  ترهيب الصحفيين الذين قاموا بنشر الموضوع.

 

أما واقعة أرض مطروح، فترجع لسنة 2006، حيث وجهت اتهامات عدة للزند بالإستيلاء – بمشاركة صهره- علي حوالي 200 فدان عن طريق تزوير مزادات وهمية لم يتقدم فيها أحد غيره بمشاركة صهره، ثم كان أن قام بطرد الملاك الحقيقيين للأرض منها، والذين حاولوا من حينها إسترداد أرضهم المنهوبة، وقد صعدت القضية بعد الثورة حيث تقدم عصام سلطان ببلاغ للنائب العام في هذه الواقعة إلا أن الأمر إنتهي بحفظ التحقيق في القضية وذلك بعد 30 يونيو.

 

 

إن مجمل هذه المحطات وما احتوته من وقائع، وغيرها، يمكن اعتباره مسوغات تعيين الزند وزيرا للعدل في ظل نظام لا يعرف طريق العدل أو مسار السياسة الصالحة.

مقالات متعلقة