في أروقة المدربين| توني بوليس.. حين تؤمن بما يراه البعض قبيحًا
داخل هذا الرواق، أبهر ميتشلز الجميع بكرته الشاملة وبذات الرواق سار كرويف على نهجه، في ذلك الرواق حاصر إيلينو هيريرا الجميع بالكاتيناتشو، وفي نفس الرواق أبدع تشابمان بالـ"WM".
ذاك الرواق شهد تفكير بيب العميق قبل دفعه بميسي كمهاجم وهمي وإبهار التيكي تاكا، وبهذا الرواق حسم كونتي قراره بالعودة إلى خطته المفضلة "الثلاثي خلفي"، ذات الرواق الذي شهد على أمجاد فيرجسون والأجيال التي عاصرها فينجر.
"ستاد مصر العربية" يصحبكم في أروقة المدربين.
الحلقة الثانية
يجلس الجميع مُحدقًا إليه في انتظار الكلمات التي ستخرج من فمه، يقتل انتظارهم سريعًا بابتسامة عريضة، ويقول: "ربما تكون مدرستي قديمة قليلة، وربما أكون من الطراز القديم، ولكن هذا ما أنا عليه".
هكذا أوضح توني بوليس للاعبيه طريقته في إدارة اللعبة، مختصرًا الكثير من الحديث عن فلسفته التدريبية في جملة واحدة فقط.
مدرب وست بروميتش، الذي يعتبره الكثيرون مثالاً "قبيحًا" لما يمكن أن تقدمه الكرة الدفاعية القادرة على إصابة الملل نفسه بالملل، ما زال متمسكًا بأفكاره ومبادئه التي يراها جزءً لا يتجزأ من شخصيته.
"لا استطيع التوقف عن التفكير بأن بوليس قد يأتي يوما عليه ويتساءل إذا كان بإمكانه أن يكون أكثر إبداعا قليلا في التفكير بلعبة كرة القدم" أدريان دورهام، صحفي إنجليزي
حصل بوليس على شهادته التدريبية من الاتحاد الإنجليزي في عمر الـ19 عامًا ثم تبعها برخصة الاتحاد الأوروبي "يويفا" بعمر الـ21 عامًا، ليصبح من أصغر اللاعبين الذين حصلوا على تلك الشهادات في تاريخ الكرة الإنجليزية.
بدأ مدرب ستوك سيتي الأسبق، الذي لعب كمدافع لفريقي بريستول سيتي وبورنموث، مسيرته التدريبية مبكرًا للغاية، إذ كانت أولى مهامه مع فريق بورنموث في عام 92 وكان يبلغ من العمر حينها 34 عامًا، بعد أن عمل قبلها مساعدا لهاري ريدناب.
وقاد توني فريق وست بروميتش لاحتلال المركز الثامن في ترتيب الدوري الإنجليزي هذا الموسم، بأداء دفاعي متوازن جعل مدربه لا يدخل صراعًا معتادًا للنجاة من الهبوط.
يُفضل المدرب، صاحب قبعة البيسبول الشهيرة، الاعتماد على الدفاع، كما هو معروف، الدفاع فقط لا غيره، وهو ما أكسبه سمعة سيئة بين أقرانه، وعرًضه دائمًا للهجوم.
في الموسم الماضي هاجمه يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول، بعد تعادل صعب بهدفين لمثلها، وقال الألماني: "هم لا يلعبون إلا كرات طويلة" رافضًا مصافحة بوليس بعد اللقاء.
يرفض بوليس الانتقاد ويرد بقوة: "عندما يكون هناك تشكيل قيمته 200 مليون إسترليني، وآخر قيمته 20 مليون فقط، فإنه من الطبيعي أن تحاول لفت الأنظار بعيدًا عن هذه الحقيقة".
ويضيف: "الحقيقة هي أننا لعبنا 3 كرات طولية فقط أكثر منهم، هذا ما تظهره الإحصائيات، لذا فأنا آسف بسبب هذه الكرات الثلاث".
"عليكم أن تكونوا شاكرين، انظروا إلى ما وصل إليه الجار أستون فيلا، ولما وصل إليه نيوكاسل"
ويقف المدرب الويلزي صامدًا ومتمسكًا بأسلوبه، بعد انتقادات الجماهير عقب الهزيمة من بورنموث بهدف نظيف في سبتمبر الماضي، قائلا: "غضب الجماهير لن يغيرني، خسرنا بهدف ولكننا صنعنا فرصًا أكثر بهذه المباراة من التي صنعناها أمام وست هام وفزنا فيها 4-2".
وفي كل مناسبة يتعرض فيها للانتقادات يقف ويتصدى لها بكل قوة مبررًا الأسباب وموضحًا النتائج للمنتقدين، تارة يقول "أنتم في أرض الواق واق"، وتارة يطلب من الجماهير الشكر على إنقاذ فريقهم من الهبوط.
ويحاول صاحب الـ59 عامًا أن يُقنع جماهير وست بروميتش بفلسفته: "عليكم أن تكونوا شاكرين، انظروا إلى ما وصل إليه الجار أستون فيلا، ولما وصل إليه نيوكاسل" في إشارة إلى هبوط الفريقين العريقين.
رغم كل هذه الانتقادات لا يحاول بوليس أن يبرر ما يراه البعض "قبحا"، بل على النقيض هو يؤمن بما يقوم به، ويؤمن أن الجمال نسبي وأن الجميع له مقياسه ونظرته المختلفة للأمور.
وهي نفس النظرة التي يراها بيب جوارديولا رغم الفارق الشاسع بين طريقتي اللعب، أو ما قد يصنفه البعض صراعا بين الجمال والقبح، الخير والشر.
بيب يؤمن بأن لا توجد حقيقة مطلقة، لذا فقد دافع عن نظيره الويلزي، قائلا: "لا يمكن أن أقول إن ما يقدمه سيئًا أو مُملًا، بل هو يبرع ويبتكر في المنطقة التي يجيد فيها".
ربما لم يحقق توني بوليس أي بطولة طوال مسيرته، ولكنه بالتأكيد حين يعتزل أو يرحل فإن الجميع سيتذكره بـ"المدرب الدفاعي الذي لم يخسر صراع هبوط أبدا".