في أروقة المدربين| خورخي سامباولي.. لا تستمع ولا تتبع حتى تنجح

كتب: لؤي هشام

فى: ستاد مصر العربية

20:34 02 مارس 2017

داخل هذا الرواق، أبهر ميتشلز الجميع بكرته الشاملة وبذات الرواق سار كرويف على نهجه، في ذلك الرواق حاصر إيلينو هيريرا الجميع بالكاتيناتشو، وفي نفس الرواق أبدع تشابمان بالـ"WM".

 

ذاك الرواق شهد تفكير بيب العميق قبل دفعه بميسي كمهاجم وهمي وإبهار التيكي تاكا، وبهذا الرواق حسم كونتي قراره بالعودة إلى خطته المفضلة "الثلاثي خلفي"، ذات الرواق الذي شهد على أمجاد فيرجسون والأجيال التي عاصرها فينجر.

 

"ستاد مصر العربية" يصحبكم في أروقة المدربين.

 

 

 

الحلقة الثالثة

 

"أنا لا أستمع وأتابع، لأن الكثير مما هو ممنوع يجعلني أعيش..
أنا لا اضطهد نفسي، لأن الكثير مما هو ممنوع يجعلني سعيدا..
الكبت عندما تكون أسيرا، يمنعك من المغادرة.."

 

 

كانت كلمات تلك الأغنية مازلت تتردد بقوة بين أذنيه، كانت تذكره بتلك الأيام الصعبة التي اتهمه فيها الكل بالجنون، كان الجميع يقول لها "هل ستترك وظيفتك المرموقة بالمصرف من أجل أن تعمل بالتدريب؟!".

 

ولكنه أراد ألا يتخلى عن شغفه، وحينها قرر فعلا ألا يستمع ولا يتبع أحدا، ومن أجل أن يتذكر دائما جعلها وشمًا على ذراعه الأيسر، لكي ترافقه أينما كان.

 

 

الأرجنتيني الأصلع خورخي سامباولي بات الآن من أشهر مدربي العالم بل وأكثرهم نجاحًا ليثبت لجميع من عاندوه أنه كان محقًا، وأن روح التمرد والثورة بداخله لن تنطفئ.

 

البداية مع "برشلونة قارة أمريكا"

 

بعد مسيرة قصيرة مع شباب نيويلز اولد بويز كلاعب قرر سامباولي بعد فترة أن يترك وظيفته ويتجه للتدريب ليبدأ مسيرته مع فريق خوان أوريش البيروفي في عام 2002 بعدما وجد التجاهل في موطنه، فكما نعرف "لا كرامة لنبي في وطنه".

 

ومن هناك شق خورخي طريقه عبر عدد من الأندية في أمريكا الجنوبية حتى وصل إلى فريق  يونيفيرسيداد دي تشيلي محققًا كأس "كوبا سود أمريكانا"، ويقول الصحفي جابرييل ماركوتي مسهبًا في وصف تلك الفترة: "البعض يسمونهم (برشلونة قارة أمريكا)، والبعض يذهبون إلى أبعد من ذلك..

 

 

"يقولون إن يونفيرسيداد دي تشيلي هو أفضل فريق في الكرة الأرضية ولكن المشكلة تكمن في أن مشجعي كرة القدم في الجهة الأخرى من العالم لا يشاهدون هذا الفريق".

 

"عندما تشاهد يونيفيرسيداد دي تشيلي تستطيع أن تلاحظ سبب المقارنة مع بيلسا، وهي طريقة اللعب 3-3-1-3 التي لا يستخدمونها في أوروبا، وهي طريقة جديدة غيرت مفهوم تكتيكات كرة القدم وكيفية استغلال المساحات من اللاعبين وتحركهم".

 

سافر خورخي إلى هولندا وإيطاليا وإسبانيا في الاجازات لكي يدرس طرق التدريب وأعطى كل لحظة فراغ يملكها لكرة القدم

 

كان النجاح مع يونفيرسيداد طريقًا لتولي مهمة المنتخب التشيلي، وحينها خلف سامباولي مواطنه وأستاذه الذي تعلم منه كثيرًا "المجنون" مارسيلو بيلسا.

 

قاد خورخي اللاروخا لرفع كأس كوبا أمريكا، ولكن المؤسف أنها كانت على حساب منتخب بلاده الأرجنتيني.

 

يصف سامباولي تلك اللحظة قائلا "كان الأمر غريبًا، عبارة عن مزيج بين الشعورين، فرحتي بتلك البطولة التي لطالما انتظرتها أنا واللاعبون وجماهير تشيلي التي دعمتني، وفي نفس الوقت حزني على هزيمة بلادي وهزيمة من أعرفهم".

 

بعضٌ من جنون الأستاذ

 

وكما سار سامباولي على خطى بيلسا في تشيلي، وكما تعلم منه الكثير والكثير عن كرة القدم وطرقها ومذاهبها، كان يحمل الأصلع بعضًا من جينات "اللوكو" الشخصية.

 

لم تغر الأموال الرجل التشيلي ولم تجعله يحيد عما يؤمن به، كان يُدرك أن الأموال والتكنولوجيا آفة العصر الحديث.

 

الآن ملاعب التدريب تحولت إلى ما يشبه مهبط الطائرات، وبدلا من أن يرضي اللاعبون رغبتهم في التدريبات باتوا يرضوها في لعب البلايستيشن

 

ويقول الرجل المولود في مدينة كاسيلدا، التي يعيش بها ما يقرب من 30 ألف نسمة: "التكنولوجيا الآن باتت تسيطر على كل شيء، وتقتل المتعة في أحيان كثيرة.. الآن ملاعب التدريب تحولت إلى ما يشبه مهبط الطائرات، وبدلا من أن يرضي اللاعبين رغبتهم في التدريبات باتوا يرضوها في لعب البلايستيشن".

 

ويحكي ماركوتي موقفًا يؤكد حديث الأخير، ويقول: "رئيس يونيفيرسيداد اكتشف بعد ذلك أن سامباولي ليس كأي مدرب سبق له أن قابله، وكجزء من عقده منح له النادي قصرًا وسيارة فاخرة".

 

"إلا أن سامباولي رفض القصر والسيارة، واشترى سيارة مستعملة واستئجر شقة من غرفة نوم واحدة في المدينة، هو مغرم بالعمل ولا يهتم بالأمور المادية".

 

"في الأيام التي لا تصادف فيها المباريات يكون متواجدًا في ملعب التدريب من الثامنة والنصف صباحًا ولا يغادر حتى التاسعة مساءً، وعندما يعود إلى المنزل يشاهد تسجيلات للمباريات ويجري الإحصائيات على الحاسوب الخاص به".

 

الفلسفة الكروية

 

 

يعتمد سامباولي على مدرسة الضغط العالي والتحول السريع بصبغة هجومية مفضلاً الثلاثي الخلفي، يسير على خطى بيلسا ولكنه بالتأكيد أقل دوجمائية من الرجل الذي قال "لو كان لاعبي الكرة آلات لأصبحت أعظم مدرب في العالم".

 

يؤمن خورخي بأفكار اللوكو ولكنه لا يتفق معه في هذه الجزئية، قد يكون أكثر ثورية بعض الشيء.

 

ويقول بما يحمل ردا ضمنيا على بيلسا "لاعبو الكرة ليسوا آلات، يجب أن تمنحهم مساحة من الحرية، يجب أن تجعلهم لا يتوقفوا عن التفكير والنقد، الحرية تصنع المفاجأة".

 

وفي الوقت نفسه هو يؤمن بأن المتعة أهم من النتيجة، ويوضح "الاستمتاع هو الأمر الأهم، وهو الذي يحرك عواطفك، عندما تستمتع ويستمتع اللاعبون فإن الإحساس ينتقل إلى الجميع، ويصبح اللاعبون أكثر إبداعًا".

 

اعلان