أساطير الكرة المصرية.. الحلقة الخامسة
حمادة إمام.. «الثعلب الكبير» والملك الخامس المتوج على رؤوس الجماهير البيضاء
ضمن حلقات أساطير الكرة المصرية، نتابع أهم اللاعبين عبر التاريخ والذين سطروا أسمائهم بحروف من ذهب في سماء الرياضة المصرية.
ويستعرض "ستاد مصر العربية"، عبر سلسلة أسبوعية، تاريخ أبرز اللاعبين، والذين لمسوا كرة القدم، وساهموا في كتابة تاريخ لشخصهم، وأنديتهم.
وضمت الحلقات الأربع السابقة، تاريخ "بوبو، لاعب الاتحاد السكندري، وحسن الشاذلي، نجم الترسانة، وعز الدين يعقوب، أسطورة الأوليمبي، ورفعت الفناجيلي، مهندس الكرة المصرية والأهلي السابق".
في هذه الحلقة نستعرض تاريخ حمادة إمام، أحد أساطير نادي الزمالك، وأهم محطات حياته.
يظل حمادة إمام نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق، نقطة فاصلة في تاريخ الرياضة المصرية، حيث استطاع أن يكسب حب الجماهير على المستويين الكروي، والإنساني، وترك بصماته داخل القلعة البيضاء، طوال تاريخه في الملاعب.
كثيرًا ما يظهر لاعبين أكفاء على الساحة الرياضية، ولكن القلائل منهم من تجتمع على حبه الجماهير المنافسة قبل المشجعة لفريقة، من هؤلاء اللاعبين حمادة يحيى الحرية إمام.
نجل الراحل يحيى الحرية إمام، حارس مرمي الزمالك، ومنتخب مصر في كأس العالم في الثلاثينات، ووالد اللاعب حازم إمام، قائد الزمالك السابق، واشتهر بلقب "الثعلب".
جاء الظهور الأول لحمادة إمام مع أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ليحدث ثورة في الوسط الكروي، حيث خطف ابن الـ17 عامًا الأنظار، بذكائه، ومكره، ومهاراته الفنيه العالية، وطريقته المثيرة في إحراز الأهداف، وهز شباك المنافسين.
"نشأته"
ولد في 28 نوفمبر 1943 في حي المنيرة، المجاور لشارع القصر العيني بالقاهرة، تخرج في الكلية الحربية، ليعمل ضابطًا بالقوات المسلحة المصرية، حتى خرج إلى المعاش برتبة عميد.
وكان والده ضابط سابق أيضًا، وحاكم لغزة عام 1954، وحارس مرمى الزمالك والمنتخب الوطني لكرة القدم.
"صدفة التحاقة بالزمالك"
برغم تواجد والده بالنادي كحارس للفريق الأول، إلا أنه لم يتوسط في التحاق نجله بالنادي، ولكن كانت لبداياته صدفة غريبة رفقة القلعة البيضاء.
انضم حمادة إمام، لأشبال نادي الزمالك بالصدفة، عندما شاهده علي شرف، مدرب الناشئين في ذلك الوقت بالزمالك عام 1957 وضمه لفريق الناشئين تحت 16 سنة، ليكتب بعدها تاريخ بأحرف من نور، يظل محفورًا في أذهان الجماهير البيضاء طوال التاريخ.
والتحق إمام بعدها بالفريق الأول في عام 1958، ليستمر معهم حتى عام 1975.
"الجيل الذهبي وتحقيق الألقاب"
فاز حمادة إمام، بلقب الدوري المصري في 3 مناسبات، والكأس في 4 مرات، كان حمادة إمام واحدًا من الجيل الذهبي، في فترة الستينيات، بجانب كل من عمر النور، ومحمود أبو رجيلة، وعصام بهيج، وحنفي بسطان، وغيرهم من النجوم الذين قدموا أفضل النتائج في تاريخ نادي الزمالك.
وجاءت الرياح بما لاتشتهي السفن، إذ ضرب سوء الحظ نجوم الفريق، وتوقف نشاط الكرة المصرية لأكثر من موسم، بسبب هزيمة حرب 1967، بعد أن عرف الفريق الأبيض طريق الانتصارات وتحقيق الألقاب.
"أشهر مباريات الثعلب الكبير"
تُعتبر أشهر مباريات حمادة إمام في تاريخه، عندما شارك في مباراة مع الزمالك ضد وست هام يونايتد الإنجليزي في عام 1966، حيث تألق ضد بوبى مور، وجيف هيرست، وتريفور بروكينج، وغيرهم من نجوم المنتخب الإنجليزي في ذلك الوقت، ليسجل ثلاثة أهداف، من أصل 5 سجلها الزمالك.
"محمد الخامس والثعلب الكبير"
لُقب حمادة إمام، باسم "محمد الخامس"، ويعود ذلك لقصة مع المشير عبد الحكيم عامر، عام 1960، حين كان يبلغ من العمر 18 عامًا، إذ كان حمادة إمام حينها يلعب مع فريق تحت 18 عامًا في الفريق الأبيض، ولكنه كان يلعب أحيانًا مع الفئة تحت 20 عامًا، نظرًا لمهارته.
وصل الزمالك تحت 20 عامًا إلى نهائي بطولة كأس مصر لملاقاة الأهلي، وانتهى اللقاء بالتعادل، ليقرر الاتحاد المصري إقامة مباراة إعادة بين الطرفين.
أراد الزمالك، أن يستعين بخدمات حمادة إمام في اللقاء، لكنهم اكتشفوا أنه برفقة والده في قطاع غزة، حيث كان والده كان نائبًا لحاكم قطاع غزة، وأراد أن يتفرغ ابنه للدراسة، الزمالك خاطب المشير عبد الحكيم عامر، لسابق معرفتهم بعشقه للفريق الأبيض، وعلى الفور قرر المشير إرسال طائرة حربية إلى غزة، أحضرت حمادة إمام إلى القاهرة، ليشارك في اللقاء وسجل 5 أهداف، ليفوز الفريق الأبيض على غريمه التقليدي بستة أهداف دون رد، ويُتوج بطلا لكأس مصر تحت 20 عامًا.
كما لُقب حمادة إمام أيضًا بالثعلب الكبير، ونال هذا اللقب نسبة لذكاءه الكبير في الملعب، عندما كان لاعبًا، ومن أشهر أهدافه التي استخدم فيها الذكاء البالغ، كان هدفه في مرمى الأهلي، حين توغل من الطرف الأيسر، وسدد في الزاوية القريبة ليخدع الجميع.
انضم حماده إمام إلى منتخب مصر الوطني، والعسكري، بعد تألقه اللافت مع القلعة البيضاء، وشارك في البطولات الأفريقية، والبحر الأبيض المتوسط، وبطولة العالم العسكرية، وأصبح له هتاف شهير، هو "بص شوف ..حماده بيعمل ايه".
"اعتزاله"
لم تنته علامات حمادة إمام، مع الكرة المصرية باعتزاله كرة القدم، بل أن الإمبراطور سيبقى واحدًا من أشهر الإعلاميين الذين أثروا في الرياضة المصرية في تاريخها.
واعتزل حمادة إمام، عام ،1974 واتجه بعدها للإدارة، حيث عمل مديرًا للكرة في الزمالك، وتدرج في العمل الإداري، حتى وصل إلى منصب نائب رئيس اتحاد الكرة فس مجلس اللواء الدهشورس حرب.
عقب اعتزاله، عمل معلقًا رياضيًا على التلفزيون المصري، وقدم برنامج "أهداف الأسبوع مع الثعلب"، على قناة النيل للرياضة لأكثر من 10 أعوام.
"وفاته"
تُوفي حمادة إمام في 9 يناير 2016، وعن عمر يناهز 72 عامًا بعد صراع طويل مع المرض في إحدى مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة، وبعد أشهر قليلة من مشاركته في احتفاله نادي الزمالك، بإحراز لقب بطولة الدوري العام رقم 12 في تاريخه.
واستقبلت جماهير الكرة المصرية خبر وفاته بالصاعقة التي هزت عرش الرياضة المصرية، بعد فقدانها لأحد أمهر اللاعبين عبر تاريخها على المستوى الأخلاقي والمهاري.
ويُعتبر حمادة إمام، من أهم اللاعبين الذين غيروا مفاهيم الكرة عند الجماهير البيضاء، حيث ساهم في ازدياد شعبية نادية عبر أنحاء الوطن العربي بسبب مهاراته في لمس كرة القدم وترسيخ المبادئ الأخلاقية داخل الملاعب المصرية.