في ذكرى رحيله
من دفتر حكايات «المايسترو»: «يوم البرجر مع نورا».. و«رحلات لندن»
تحل اليوم السبت السادس من مايو، ذكرى رحيل أكبر رموز النادي الأهلي على مدار تاريخه «المايسترو صالح سليم»، القائد المحنك، الحكيم، مَن وضع الأهلي فوق الجميع، وفوق صحته هو نفسه، وأرسى «دولة المبادئ» في «الجزيرة» راسمًا الطريق لمن يخلفه في إدارة النادي.
«لم يكن لصالح سليم وجود إلا بوجود مختار التتش»، كلمات لـ«سليم» أرسى بها قيم ومبادئ رسخّها التلميذ النجيب في أجيال مختلفة ليكون أحد مشرعي «الدستور الأحمر».
دخل في العديد من الخلافات من أجل قضايا تخص الأهلي وجماهيره وهيبته، الكل يتذكره بالخير حتى من كانوا على خلاف معه مثل طاهر أبوزيد لاعب الأهلي ومنتخب مصر السابق، وصديق عمره لسنوات الجنرال محمود الجوهري.
تعرَّض في حياته للكثير من المتغيرات، والعقبات، وتقلد العديد من المناصب بين جدران ناديه فبدأ لاعبًا، ثم مديرًا للكرة، وعضوًا في مجلس الإدارة، ثم رئيسًا لسنوات عدة.
رحلة إنسان ناجح لم يضل طريقه قط، لم يوقفه سوى المرض الخبيث، والقدرة الإلهية.
ويرصد «ستاد مصر العربية» في هذا التقرير ما خفي عن حياة المايسترو من دخوله إلى عالم الفن والخروج منه، مرورًا بقصة إخفاء مرضه وزيارات العلاج السرية إلى لندن، واتهامه بالتقصير في حق الأهلي.
مشواره الفني
لا يزال الكثيرون يتذكرون فيلم «الشموع السوداء»، لكن هناك عملان لم يحصلا على نجاحٍ مماثل لـ«الشموع السوداء»، فبداية صالح سليم كانت مع فيلم «الباب المفتوح»، والذي شارك المايسترو في بطولته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي طلبت منه مشاركتها البطولة لما يربطه معها من علاقات أسرية وطيدة، وهو فيلم يعكس الشخصية الحقيقية للصالح سليم «الثوري» الذي يقع في حب «ليلى» والتي تشبهه كثيرًا العقيدة الفكرية.
آخر تجارب المايسترو مع الفن كانت مشاركته في فيلم «الـ7 بنات» وحمل البوستر الدعائي للفيلم «لاعب الكرة صالح سليم»، لما كان يمتلكه من شعبية جارفة وكاريزما تساعد في التسويق للعمل السينمائي، وتدور أحداث العمل حول رجل مكافح في عمله لديه 7 بنات ويسرد المحن التي مرّ بها هؤلاء.
ليس هناك سبب معروف عن خروج المايسترو من المجال الفني، وكثرت الأقاويل بصدد هذا الملف المخفي في حياة المايسترو، لكن هناك عوامل أثرت بلا شك، على قراره بالاعتزال، وكان أهما حبه الشديد لكرة القدم بشكل عام وللنادي الأهلي بشكل خاص، بخلاف الانتقادات اللاذعة التي وجهت له خاصة بعد فيلم «الباب المفتوح»، بعد نقد الصحفي لويس جريس رئيس تحرير مجلة «صباح الخير» والذي كتب نصًا: «نجم الكرة اللامع أصابته الخيبة في مجال السينما، المسكين جذبته الأضواء حتى صرعته وتركته للجمهور، والذي استرعى انتباهي ليلة الافتتاح، أن الجمهور من معجبيه الكرويين، لم يحاسبه على هفوته، بل استقبله بالهتاف والتصفيق، ولكنهم همسوا لبعضهم بأنه ممثل فاشل».
إخفاء المرض أدّى إلى اتهامه بالتقصير
لنبدأ قصتنا من البداية، بالتحديد في العام 1998، والذي اكتشف فيه المايسترو إصابته بمرض سرطان الكبد، بعد أن قابل طبيبه الإنجليزي الذي اعتاد زيارته لعمل فحص دوري.
الغريب في الأمر أن الرجل الذي اصطحب حفيدته «نورا» لم يهتز ولم يتأرق بعد سماعه للخبر كما هو المعتاد في الأزمات، بل اصطحب حفيدته لتناول الهامبورجر ومشاهدة فيلم في السينما فور سماعه الخبر، ليتمم اتفاقه مع نورا.
حتى فور عودته إلى المنزل لم يخبر زوجته وأولاده، وفضل إخبارها صباحًا حتى تستطيع الخلود إلى فراشها في سلام وراحة، وواجه الخبر منفردًا في قمة العزة والكبرياء وأبى أن يستسلم للمرض ويحزن كطبيعة البشر، أراد أن يظهر قوة شخصيته لنفسه.
ما زاد الصعاب عليه، هو معرفته في اليوم التالي بعدم إمكانية استئصال الورم من الكبد، لأنَّه أصيب بفيرس «سي» الذي أثّر على النصف الآخر من الكبد وأصابه بالتليف، ولم يكن العلاج الكيماوي والحراري قد انتشر بعد، لكنه وافق على العلاج الكيماوي ظنًا منه أنَّه الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة.
رأى المايسترو أن مرضه أمر «شخصي» لا علاقة لأحد به، لذلك لم يصرح يومًا أنَّه أصيب بمرض، ولكن طرق العلاج كانت تستدعي أن يطير إلى لندن كل شهرين، وهو ما تمَّ تناوله على صورة تقصير من صالح تجاه عمله رئيسًا للأهلي، ليضطر المايسترو الإفصاح عن مرضه ويتعاطف معه الجميع.