تقرير تخيلي
أرسين فينجر.. أنا أو الفوضى
جلس الرجل ذو الأنف المدبب خلف الميكروفونات المتراصة بكثرة أمامه، كانت الأجواء كلها تشير إلى ثورة عارمة وغضب واضح من طريقة إدارته للأمور.
عقد ذراعيه أمامه شارعًا في بداية حديث يوحي بالكثير من الذكاء، الذي وإن تمتع به قبل فوات الأوان لما آلت الأمور لهذا الحد من التراجع والتخبط.
بدأ البروفيسور الفرنسي خطابه بكلمات انتقاها بعناية فائقة، قائلا: "قد لا تتذكرون هذه الأيام، ولكن قبلي كان هناك الكثير من التخبط والفوضى التي أخشى أن تتكرر مع رحيلي مرة أخرى".
وتابع: "نعيش معا أيامًا مؤلمة وأكثر ما يوجع قلوبنا، هو الخوف الذي انتاب الأغلبية وما ساورهم من انزعاج وقلق وهواجس حول ما سيأتي به الغد، إن أحداث الفترة الماضية تفرض علينا جميعا الاختيار ما بين الفوضى أو الاستقرار".
بين ثنايا كلماته كان يوجد جزء من الحقيقة وليس الحقيقة كلها، فبالفعل بعدما رحل الاسكتلندي جورج جراهام عقب 9 سنوات من بقائه في المنصب وتحقيقه 7 ألقاب مر النادي اللندني بفترة من التخبط قبل قدوم ذاك الفرنسي.
كانت كلماته تشير إلى تلك الفترة السوداء التي مرت على النادي قبل مجيئه، في تلك الفترة وخلال أقل من عامين مر 4 مدربين على الفريق وأكثرهم مدة جلس عامًا واحدا فقط على الدكة.
"وأقول بكل صدق بغض النظر عن الظرف الراهن، أنني لم أكن أنتوي البقاء لموسم آخر، فلقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة هذا النادي وجماهيره"
استغل خريج كلية الاقتصاد والإدارة بجماعة ستراسبورج حالة الصمت التي أطبقت على الجميع، وواصل حديثه ولكن هذه المرة كانت كلماته عاطفية: "معكم عشنا الكثير والكثير من لحظات الفرح والانتصار وكنا إلى جوار بعضنا البعض في تلك اللحظات من الانكسار".
واختتم: "أقول بكل صدق بغض النظر عن الظرف الراهن، أنني لم أكن أنتوي البقاء لموسم آخر، فلقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة هذا النادي وجماهيره".
هذا الخطاب كان نذيرا بالانقسام بين الجماهير، فالجماهير التي عاصرته منذ بداية مهمته، داعبتها سريعا هذه الكلمات العاطفية.
وسرعان ما طالبت ببقائه خوفًا من الفوضى المنتظرة، حتى إن أحدهم صاح بصوت جهور "مش أحسن ما نبقى زي مانشستر يونايتد وليفربول".
أما على الجانب الآخر فقد كان الشباب غاضبًا، كانوا قد سئموا من نغمة الاستقرار وتواجدهم بين الأربعة الكبار طوال الوقت، كان طموحهم كبيرا كانوا يتمنوا معانقة الذهب والتواجد على منصات الأبطال.
أرادوا أن يخرجوا من ذلك القصر العاجي الذي حاصروهم فيه، ذلك الحصار الذي اعتمد على موسم "اللا هزيمة" من أجل اكتساب شرعيته للبقاء، وكالعادة سرعان ما طالتهم الاتهامات.
في النهاية كان صوت الشباب الغاضب أعلى بكثير من الفرنسي ورجاله، ورحل مجبرًا رغم أنفه تحت وطأة غضب الجماهير.
ولكن هذه الجماهير لم تدرك سريعًا أن المهمة الأصعب هي التخلص من الإرث العميق لهذا النظام وليس رأسه فقط، ذلك النظام الذي لم يسع إلا وراء اكتساب المزيد والمزيد من الأموال دون الأخذ في الاعتبار رأي الجماهير.
.. حسنًا كان أحدهم على وعي بما يكفي ليُدرك ذلك.