في ذكرى مولده
محمود بكر.. كوميديان التعليق الأول والراعي الرسمي لمحافظ الإسكندرية
صاحب مقولة "عدالة السماء تهبط على ستاد باليرمو" خلال تعليقه على واحد من أهم أهداف الكرة المصرية على مدار تاريخها، عندما أحرز مجدي عبد الغني هدف التعادل في مباراة هولندا الشهيرة بمونديال 90.
خفيف الظل، كوميديان من نوع خاص، يرسم البسمة بتعليقاته الطريفة، يتخذ من الـ 90 دقيقة (عمر مباراة كرة القدم) مادة دسمة للحديث عن كل شيء وأي شيء.
مهّد دون قصد لمدرسة خاصة في التعليق، فنراه يقدم للمباراة "عذراً للتأخر في نقل المباراة بسبب فاصل الإعلانات.. فالإعلانات هي من تدفع رواتبنا..ها ها ها"، لا يشعرك بإرهاق أحباله الصوتية لمدة ساعة ونصف من التعليق، بل يأتيك صوته في سلاسة ويكأنك تستمع لصديقك على المقهى.
إنه محمود بكر، الذي يحل اليوم ذكرى مولده، وهو المدافع السابق لنادي الأوليمبي السكندري ومنتخبنا الوطني، والذي تميز بالصلابة والأناقة الشديدة، فكان يستخلص الكرة بسلاسة وبدون مخالفات.
وكان أيضا ذو حس تهديفي عالي بالذات في ألعاب الهواء وأحرز في مرمى كبار الحراس، وساهم في تتويج الأوليمبي بلقب الدوري بعد أن تغلب على الأهلي والزمالك والإسماعيلي و غزل المحلة والترسانة في عز أمجادهم، لكن للأسف حالت نكسة 67 دون استمرار جيله، بعد استدعاء معظم أفراد الفريق بالجيش للتجنيد (و كان هو منهم)، وأنهى خدمته بعد ما وصل لرتبة عقيد.
لم يطرق بابًا في أي مجال إلا وترك بصمة مضيئة فيه، حتى في تجربة التدريب القصيرة، صعد لاعبين أفذاذ أمثال أحمد الكأس وأحمد ساري وطارق العشري. كما توقع نبوغ لاعبين مثل محمد ناجي جدو قبل أن يسمع الجميع عنه بفترة.
معلق خارج عن النص
اشتهر بكر بالتعليق الظريف خارج النص، ورميّ الإفيه تلو الآخر بدون تكلف ولا مبالغة، فضلًا عن استغلال خبرته العريضة في اللعب والتدريب بشرح التكتيكات الفنية للفرق بلغة سهلة، أفردت له قاعدة جماهيرية واسعة.
البلكونة والسيجارة
عبارته المعتادة في كل مباراة، ليذكر المشاهدين بالنتيجة "اللي كان بيدخن سيجارة في البلكونة ولسه داخل أحب أقوله إن النتيجة بقت .....".
محافظ الإسكندرية
ما من مباراة تولى بكر تعليقها إلا وكان ذكر محافظ الإسكندرية واجبًا لا بد منه، حتى كاد يشعر الجمهور بأنه أحد أقربائه ومعارفه.
قفشات لا تُنسى
في مباراة سابقة للأهلي والمنصورة، عندما كان الأخير ما زال في دوري الدرجة الأولى، كان بكر على منصة التعليق يقول: "حد يقولي الأهلي ليه مش عارف يخترق دفاعات المنصورة لحد دلوقت.. أقوله عشان المدرب حسن مجاهد قالهم لو كسكسنا هنتلطّ"، ليحرز عماد متعب في تلك الأثناء هدفًا، فيتابع بكر: "هههه أهم كسكسوا".
وفي مباراة أخرى ثبّت المخرج الكاميرا على فتاتين جذابتين من الجمهور في المدرجات، فخرج بكر عن النص بطرافة فائلًا: "والمخرج دلوقتي جايب لنا اتنين فراودة غير اللي في الماتش".
كما اشتهر بعبارات: "هههههههه وجول"، و"يا راجل يا راجل حرام عليك"، و"بوصوم بوصوم" .
قالوا عنه
مرتضى منصور: كان زملكاوي محايد.
نعاه مرتضى منصور وقت رحيله، قائلًا: "أعرف الكابتن بكر منذ عام 1997 حين ذهبت للنادي الأوليمبي لأتعاقد مع أحمد الكاس من أجل الزمالك".
وتابع "لم أكن أذهب للاستاد عندما كان يعلق على المباريات لأنه كان يصفها وكأنني هناك".
وأردف "كنت أستفيد منه عندما يحلل المباريات وهو يعلق، لم يكن معلقا وحسب بل كان مثل المدرب أيضا..فقد كان محايدًا لأقصى درجة رغم علمي بأنه زملكاوي".
عمر طاهر: أكبر من معلق مباراة
قال الكاتب عمر طاهر، في كتابه "زملكاوي": "محمود بكر هو الوحيد القادر على منافسة جماهيرية المعلقين العرب، وإن كانت قدراته الكوميدية ونقده الاجتماعي اللاذع يؤهلانه لما هو أكبر من مجرد مباراة للتعليق عليها..فهو يحتاج لبرنامج توك شو بمفرده على أن يخصص فيه فقرة ثابتة دائمًا عن الإسكندرية ومحافظها".
وعلى عادته في مفاجئة الجمهور عندما يأتي بالإفيه من حيث لا يحتسب المشاهد، رحل أيضًا عن عالمنا فجأة في الرابع من فبراير عام 2014عن عمر يناهز 72 عاما بعد صراع مع مرض الفشل الكلوي، ليحرم جمهور الساحرة المستديرة من الاستماع مجددًا إلى صوته الذي ألفوه، ويغيب ذكر محافظ الإسكندرية عن مباريات كرة القدم إلى الأبد.