أين اختفى السكر؟ .. القصة الكاملة
طوابير ممتدة أمام محال البقالة التموينية بحثا عن كيلو السكر دون جدوى، بعد أن وصل سعره إلي 10 جنيهات ضاربا كل الأرقام القياسية وبات السؤال المسيطر على ذهن الجميع ، أين اختفى السكر؟.
"مصر العربية" ترصد كواليس الأزمة الراهنة من بدايتها إلى النهاية في السطور الأتيه:-
بداية الأزمة
بدأت شركات تصنيع السكر في مصر الدخول في الأزمة منذ عام تقريبا ، بعد استيراد الحكومة 1.3 مليون طن سكر من الخارج، في ظل ما تشهد مخازن الشركات العاملة في السوق المصري من تكدس المخزون بسبب العجز عن تصريف المنتج في السوق نتيجة لغلاء أسعاره مقارنة بالمستورد ما أدى لقيام الشركات بوقف استلام قصب السكر والبنجر من الفلاحين في ظل تفاقم عملية السحب على المكشوف فوصل ديون الشركات لما يتجاوز الملياري جنيه.
السحب على المكشوف
السحب المشكوف و تفاقم ديون الشركات دفع الحكومة لإصدار قرار بتطبيق رسم حماية بواقع 800 جنيه على طن سكر مستورد من الخارج لمنع تدهور الصناعة، ما أدى بعد فترة قصيرة لندرة المعروض في السوق المحلي وانتباه التجار لمخطط الحكومة فاتبعوا أساليب بديلة لاحتكار المنتج والضغط على الحكومة لرفع رسم الإغراق الصادر عن وزارة التجارة والصناعة.
مخطط رجال الأعمال
انتباه التجار نتيجة وصول معلومات بنية الحكومة تطبيق رسوم حماية على واردات السكر من القطاع الخاص دفع إلى التسلل خفية للمصانع الحكومية والتفاوض على شراء معظم الكميات المتكدسة بحد وصف 3 شركات للسكر في مصر فدخلوا في منظومة شراء السكر عدد من رجال الأعمال أحدهم تم القبض عليه الأسبوع الماضي بعد ظبط مباحث التموين كميات كبيرة من السكر مخزنة منذ العام الماضي لتحكم في السعر .
اقرأ أيضا: بالتفاصيل| أسرار أزمة السكر في مصر
صغار التجار
الاستفادة من الأزمة لم تكن بعيدة عن صغار التجار في السوق الذين سارعوا نهاية شهر يوينو الماضي بشراء كميات من السكر الموجودة لدى شركات التعبئة خاصة بعد نشوب أزمة في السكر داخل البطاقات التموينية، فلجأ التجار لتخزين كميات من السكر للاستفادة من فارق السكر وبالفعل بمجرد نشوب أزمة في داخل مخازن وزارة التموين ارتفع السكر داخل سوق التجزئة بنحو 50 قرشا في الكيلو الواحد.
اقرأ أيضا: 60 % عجزًا بمحال البقالة.. التخزين يشعل أزمة في سكر التموين
أزمة داخل التموين
بمجرد شراء رجال الأعمال السكر من الشركات للتخلص من المخزون، بدأت الأزمة تشتعل داخل البطاقات التموينية فى بعض المحافظات، البداية كانت مع محافظة الدقهلية، التى قام فيها البقالون بتحديد كيلو سكر واحد لكل بطاقة تموينية مهما زاد عدد أفرادها.
لم تقف الأزمة عند محافظة الدقهلية، فسرعان ما انتقلت الأزمة لكافة المحافظات وحدثت اشتباكات وتراشق بالألفاظ بين البقالين ومستحقي الدعم نتيجة إعطاء البطاقة التموينية الواحدة كيلو واحد سكر وهو ما قبلة المواطنون بالرفض.
تحديد كيلو سكر لكل مواطن على البطاقة التموين لم يعد في مقدرة البقالين توفيره خلال الفترة الراهنة، ما أدى لقيام البعض بإغلاق المحال التجارية وتعليق لافتتات مكتوب عليها:" نأسف لعدم وجود سكر".
تسلسل ارتفاع الأسعار
ارتفعت أسعار السكر نهاية شهر رمضان الماضي بنحو 50 قرشا بعد شكوى أعضاء الغرف التجارية من رفض شركات التعبئة إعطاء التجار السكر .
في أغسطس ارتفع كيلو السكر ليصل لـ 7.5 جنيه، وسط ارتفاع نسبة المعروض من السكر داخل محال التجزئة.
اقرأ أيضا: بعد ارتفاعه لـ 7جنيهات.. 3 أسباب تشعل أسعار السكر
أما في سبتمبر ارتفع السكر ليصل لمستوى الـ 8.5 جنيها للكيلو وسط ندرة في المعروض تخيم على السوق بفعل استمرار عمليات التخزين من جانب تجار الجملة .
السعر في شهر أكتوبر الجاري، لم يقف عند مستوى الـ 8.5 جنيها بل قفز لمستوى خيالي لأول مرة يحدث في الشارع المصري ليسجل 10 جنيهات للكيلو حال تواجده في أى من المحال التجارية .
اقرأ أيضا:في كارفور.. كيلو السكر بـ 8.95 جنيه
اختفائه نهائيا
بعد قفزة سعره لـ 10 جنيهات للكيلو.. لم يعد السكر موجود على المستويين التموين والتجزئة ، فالتموين ممثلة في فروع الشركة القابضة بمجمعاتها الاستهلاكية وبقالي التموين قاموا بتعليق لافتتات "مفيش سكر" بعد تكرار سؤال المواطنين لهم في ارتفاع سعره، لكن المجمعات أصحبت خالية على عروشها من السكر .
اقرأ أيضا: البقالون يمتصون غضب المصريين بكيلو سكر للأسرة
الحكومة في غيبوبة سكر
رغم استمرار الأزمة لمدة شهرين كاملين منذ اندلاعها وحديث بعض وسائل الإعلام عنها.. الحكومة ممثلة في وزارة التموين نفت وجود أزمة من الأساس ومعدل الضخ اليومي مستقر كما هو ويزيد عن 4 آلاف طن يوميا واكتفت بإعلان تعاقدها على استيراد 240 ألف طن سكر من الخارج والاحتياطي يكفي لفبراير المقبل، وهوما قابله بقالون بالرفض خاصة أن مخازن الجملة ترفض تسليم الحصص الشهرية لهم متعللين بعد تواجده .
اقرأ أيضا: التموين ترفع معدل ضخ السكر لـ 7 ألاف طن يوميا
غلاء الأسعار بصفة عامة والسكر بشكل خاص، دفع الإعلامي عمرو أديب لإطلاق مبادرة "الشعب يأمر" لمطالبة التجار بخفض الأسعار بنحو 20% وخلال حملته استجاب له بعض السلاسل التجارية والشركات الأجنبية والمصرية لخفض الأسعار على بعض المنتجات كان منها السكر الذي تم طرح كميات بسيطة جدا بسعر 5 جنيهات، ولكن كافة المحال والشركات المشتركة في المبادرة وعددهم 30 شركة ومحل تجاري طرحوا المنتج ما هي إلا ساعات معدودة واختفت الكمية من "بترينات العرض".
تلاشي الحملة
بعد أسبوعين من الحملة ورغم ما لاقته من اعتراض من تجار التجزئة بسبب حالة الركود، اختفت الحملة ولم يعد لها صدى وكافة البترينات المخصصة بالمحال التجارية أصبحت خاوية على عروشها بعد نفاد الكميات المعروض، وامتناع الشركات عن طرح المنتجات مرة أخرى، ما يؤكد حديث بعض خبراء الإعلام والعلاقات العامة بأن الشركات المشتركة في المبادرة كانت تريد إعلانات للشركة وليس تخفيض للأسعار".
اقرأ أيضا:فيديو| تجار عن مبادرة "الشعب يأمر": فنكوش جديد
تحركات مباحث التموين
تمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة برئاسة اللواء عصام سعد مساعد الوزير، من القبض على عاطف س الملقب بـ"حوت السكر" لاستيلائه على سكر بقيمة 100مليون جنيه من 3 شركات مملوكة للدولة، بالتواطؤ مع أعضاء مجلس إدارة تلك الشركات على بيع كميات تقدر بآلاف الأطنان من السكر من إنتاج شركة النوبارية بكمية 130 ألف طن تقريباً سنوياً، على أن ينتهي التعاقد خلال الستة أشهر الأخيرة، ويحدد سعر البيع شهرياً وفقاً للسعر السائد بالسوق المحلى.
تحركات المباحث لم تكتف بالقبض على "حوت السكر" بدل امتد الأمر لقيامهم بتحرير محاضر احتكار لعدد من محال التجزئة وصغار التجار حال تواجد أى كميات من السكر لديهم.
فى القليوبية، ضبطت مباحث التموين مخزنًا لتجميع السكر بمدينة طوخ، وعثرت بداخله على طن ونصف الطن من السكر، واعترف القائمون عليه بتخزينهم الكمية لإعادة طرحها فى الأسواق بأسعار أعلى، وتم التحفظ على المضبوطات وتسليمها لإدارة تموين طوخ.
وتمكنت مباحث التموين فى الشرقية من ضبط "حسن. إ. م"، صاحب مخزن مواد غذائية بقرية بحر البقر بمركز الحسينية، بعد العثور على طن من السكر داخل مخزنه، وتم التحفظ على المضبوطات، وتحرر محضر بالواقعة، وتمت إحالته إلى النيابة العامة للتحقيق.
أزمة ممتدة
وكشف مصدر حكومي ، أن أسباب أزمة السكر في مصر نتيجة لقيام بعض التجار في الغرف التجارية، كرئيس الغرفة أحمد الوكيل بالضغط على الحكومة وافتعال أزمة عن طريق تقليل المعروض في الأسواق بحجة عدم توافر اعتمادات مالية من جانب البنك المركزى.
وأضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه، لـ "مصر العربية" أن أسباب الضغط على الحكومة راجع لإجبار الدكتور خالد حنفي وزير التموين السابق على تقديم استقاله نظرًا لما تربط الغرفة من مصالح مع الوزارة في فترة توليه الحقية الوزارة ما جعلهم يعلنون العصيان على الحكومة ويعطشون السوق من منتج السكر.
الدولار
وفي سياق متصل، أكد رأفت رزيقة رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات، أن إحجام المستوردين عن استيراد السكر من الخارج بعد أزمة الدولار وارتفاع سعاره في السوق الموازى يقف بشدة وراء تراجع المعروض الذي أحدث زيادة في السعر بنحو 5 جنيهات، موضحًا أن الأسعار في الخارج مرتفعة في ظل تدهور القيمة الشرائية للجنيه مقابل الدولار.
وأضاف في تصريحات لـ "مصر العربية" أن سعر الطن في السوق المحلي وصل لـ 9 آلاف جنيه للطن، مشيرًا إلى أن التجار يحصلون على السكر بعناء شديد خاصة بعد الحملات الرقابية التى تشنها شرطة التموين على مخازن التجار و مصادرة أى كميات متواجدة ما جعل السوق يعاني من شح في المعروض بجانب النقص المنتشر في كافة المحافظات.
وقال عمرو عصفور نائب رئيس شعبة المواد الغذائية، إن أسعار السكر ارتفعت خلال الأسبوع الجاري ليسجل 9 جنيهات للكيلو، مرجعا الزيادة الحالية لخطأ جسيم في توزيع السكر من جانب الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتى ترفض إعطاء السكر للشركات التعبئة ما أدى لنقص المعروض بالسوق الأمر الذي أحدث زيادة في السعر.
اقرأ أيضا:باﻷرقام.. آخر توابع زلزال أسعار السلع الأساسية
وإلى الآن لا يعلم ما إذا كانت أزمة السكر ستنتهي قريبا أو ستستمر إلى أمد بعيد في ظل تخبط الحكومة وعدم الوقوف على الأسباب الحقيقية ، تخاذل بعض الجهات الرقابية عن مداهمة أوكار المحتكرين.
شاهد الفيديو..
اقرأ أيضا: